حوار مع د. عائشة الشامسي.. سفيرة «صاحبة الجلالة» في الاتحاد الدولي للغة العربية
اجتازت الدكتورة عائشة الشامسي الكثير من المحطات المهمة وأشرفت على مساق اللغة العربية في جامعة الإمارات وعلى تأليف سلسلة كتب اللغة العربية للناطقين بغيرها وغيرها من إنجازات أرست لتنصيبها ضمن سفراء «صاحبة الجلالة» في الاتحاد الدولي للغة العربية.
الدكتورة عائشة الشامسي في أحد الأنشطة
تعتبرين نفسك أنثى معجونة بشغب الأطفال، ماذا تذكرين عن طفولتك؟
أنا أنثى معجونة بشغب الطفولة وما زلت. ذكريات الطفولة مازالت تسكنني وتسكن قصائدي، طفولتي التي رافقت تلك القرية الصغيرة ومسافات الطريق مع والدي وصوت الشعر يعلو المذياع، مذياع والدي الصغير وهوايته للاستماع إلى الشعر وارتباطي الوثيق به والذي ولّد ارتباطي بالشعر منذ الصغر.
تقولين «لطالما كان الشعر رفيقي الذي لم يتركني لوحدي لحظة واحدة ولم يخن ظنوني يوماً»، ماذا عن تماسك مع الشعر وهل أبعدك العمل الأكاديمي عن الشعر؟
الشعر كان رفيقاً صادقاً ومازال. فكل صحبي القصيدة، الشعر الذي رافق طفولتي وقصاصات الشعر التي كنت أجمعها من المجلات والصحف وأقرأها مراراً وتكراراً والعزلة الجميلة التي كنت أقضيها مع الشعر والقصيدة. أقولها بكل حزن: نعم، أبعدني العمل الأكاديمي عن الشعر لفترة من الزمن، ولكن هاجس الشعر لم يفارقني للحظة وعادت بعض القصائد لتطرق بابي وأصدرت ثلاثة دواوين شعرية وكتابين نقديين.
جامعة الإمارات كانت الشغف والحلم الذي حلمت به وحققته
مسيرتك المهنية بدأت في جامعة الإمارات، ما أبرز النجاحات التي حققتها؟
جامعة الإمارات لم تكن محطة عمل في فترة زمنية بالنسبة لي، بل كانت الشغف والحلم الذي حلمت به وحققته والبيئة الخصبة لتحقيق الطموح والإنجازات. شكلّت بيئة مشجعة لاستثمار طاقتي وطموحي أفضل استثمار حيث كانت النجاحات متتالية وكثيرة فيما يخّص اللغة العربية وأبرزها تحقيق جائزة محمد بن راشد للغة العربية عن أفضل مشروع لتدريس اللغة العربية باستخدام الحاسوب اللوحي (الآيباد) عام 2017.
حزت عدّة جوائز منها جائزة راشد للتفوق العلمي، ما الذي تعنيه لك الجوائز في سجلك المهني؟
الجوائز تعتبر من الأمور المهمة في سجل أي شخص، وهي تقدير وثمرة لكل تعب وصعوبات تخطيتها وحافز لتقديم المزيد ومواصلة الطريق. لقد حصلت على جوائز متنوعة منها المهني ومنها الشعري، وجميعها مصدر فخر لأنها تعني بأنني تخطيت الكثير وبأنني في الطريق الصحيح.
سمو الشيخ حمدان بن محمد يكرم د.عائشة الشامسي بجائزة راشد للتفوق العلمي
أشرفت على تأليف مساق اللغة العربية في جامعة الإمارات وتأليف سلسلة كتب اللغة العربية للناطقين بغيرها في الجامعة، هل شغفك باللغة العربية ساعدك على هذه الإنجازات؟
اللغة العربية ليست تخصصا فقط، بل هي شغف يسكننا وحب يُحمّلنا المسؤولية الكبيرة تجاه هذه اللغة. فكل جهد كنت أبذله من أجلها كان محبباً إلى قلبي، والكثير من العوامل ساعدت على تحقيق هذا النجاح وأبرزها التشجيع والتحفيز والدعم من جامعة الإمارات وكذلك الخبرات المتوفرة فيها والبيئة الخصبة للأفكار والإنجازات، بالإضافة إلى تخصصي في مجال اللغة العربية ورغبتي في تقديمها ضمن إطار يليق بها ويعرّف الأجيال القادمة بمآثرها.
تشغلين اليوم منصب رئيس قسم اللغة العربية في كليات التقنية العليا، كيف ترصدين تماس الطلاب مع اللغة الأم؟
كليات التقنية العليا هي محطتي الثانية والتي احتضنت شغفي باللغة العربية ومسؤوليتي تجاه هذه اللغة. لمست تفاعلاً جميلاً من الطلبة مع لغتنا الأم وأبدعوا في بعض الأنشطة الخاصة بالمساق الذي يتم تدريسه، وكان المحفز الأول لتفاعل الطلبة هو تقديم المساق في إطار تكنولوجي ممتع وجاذب وأدوات تقديم المساق تحاكي الواقع وتطور العلم واتجاهه نحو الثورة المعلوماتية.
كل متحدث باللغة العربية تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة تجاه لغتنا العربية
مشاركتك في أمير الشعراء كان بصمة في مسيرتك، كيف تستعيدين ملامح تلك المرحلة؟
«أمير الشعراء» كان محطة جميلة ومصدر فخر واعتزاز كون التأهل للنهائي والصعود على خشبة المسرح من بين آلاف المشاركين شكل بحد ذاته فوزاً، ما يؤكد على أن الحركة الشعرية في الدولة وصلت لمراحل النضج حيث الشاعر الإماراتي استطاع أن يثبت اسمه بنصه الشعري. لقد أثرت هذه المشاركة تجربتي الشعرية بلقاء شعراء من مختلف بلدان الوطن العربي وتبادل الشعر والنقاش معهم، وهذا الاختلاط الأدبي والشعري كان له الأثر الكبير.
تمّ إدراجك ضمن الموسوعة الدولية للمختصين والمهتمين باللغة العربية في الاتحاد الدولي للغة العربية، ماذا يرتب عليك الأمر من مسؤوليات تجاه اللغة الأم؟
كل متحدث باللغة العربية تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة تجاه لغتنا العربية، ويتحمل المختصون بها المسؤولية الأكبر، ما يقودني إلى البحث دوماً عمّا يعزز وجود لغتنا الأم وتشجيع طلبتنا على التحدث بها والبحث فيها، فنحن بحاجة إلى جيل قادم يتسلم هذه المسؤولية ويدرك أهمية لغته الأم وأهمية البحوث المتخصصة في هذا المجال.
د. عائشة الشامسي تقدم كتابها عن الشعر الإماراتي
تعتبرين التطوع جزءاً من منظومة التطوير، إلى أي مدى بات جزءاً من شخصيتك؟
بدأت رحلة التطوع قبل 15 عاماً ووجدت ذاتي في التطوع عبر تقديم خدمات مجتمعية لوطني كبادرة لرد الجميل لهذا الوطن. حصلت على الكثير من الخبرات المتنوعة جرّاء التطوع الذي لم يعد عملا دون مقابل نقدمه للمجتمع، بل بات نهجاً يبعث السعادة في نفسي ويُكمل شخصيتي، ولم تقتصر مشاركاتي التطوعية في النطاق المحلي ووصلت إلى خارج البلاد. فالبعد الإنساني قيمة مهمة نتحصل عليها من التطوع.
تسافرين إلى عدّة دول وأماكن، ما المكان الذي يحفّز ذائقة الشعر لديك؟
الشاعر يسافر بفكره ومخيلته قبل جسده، فقد يصل إلى الطرف الآخر من العالم وهو موجود في مكانه وبين حشد من الناس، يسافر في اللاوعي قبل الوعي ويأخذه الشعر من واقعه إلى عالم الشعر الجميل. إن أي مكان يشعل في نفسي شرارة ما أو ذكرى معينة هو محفز لذائقتي الشعرية سواء كان مكاناً جميلاً، شاطئ بحر، سكون ليل، ابتسامة طفل، فراشة حائرة بين زهرتين، ورقة خريف صفراء على رصيف. الحساسية العالية لدى الشاعر تجعل ردة فعله مختلفة تجاه الأشياء والمواقف والأفراد.