سانا مارين- أصغر رئيسة حكومة في العالم
بدا الأمر بالنسبة لسانا مارين عادياً جداً. فما المشكلة، من وجهة نظرها على الأقل، في أن أمرأة ثلاثينية في مجتمع أوروبي منفتح، وفي سهرة جمعتها بأصدقاء وصديقات لها، ترقص تعبيراً عن فرحها وبهجتها باللحظة وبالجمع الذي كانت ضمنه.
لكن فات المرأة شيء مهم لم تحسب له ما يستحق من حساب، وهو أنها رئيسة الحكومة في بلدها: فنلندا. وحتى لو كان البلد منفتحاً على أمور مثل هذه، ويراها المجتمع فيه شأناً، وربما حقاً، شخصياً، فإن هناك ضوابط تنظم العلاقة بين ما هو شخصي وما هو عام، وفي زمن الـ«سوشيال ميديا» فإن حواجز الشأن الشخصي هشة جداً حين يتعلق الأمر بالمشاهير، فما بالنا برئيسة حكومة، في بلد ـ على صغره ـ هو محط الاهتمام في الفترة الأخيرة خاصة؟.
أحد أو إحدى الحاضرين في الحفل الذي رقصت فيه أصغر رئيسة حكومة في العالم، صوّرها بالفيديو وهي ترقص.
قالت سانا مارين، إنها تعلم أنه كان هناك من يصوّر، لكنها لم تتوقع أن يجري نشر وتداول الفيديو، الذي أظهرها بصورة يرى الكثيرون أنها لا تليق برئيسة حكومتهم.
والسياسة لا ترحم كل من يلجها. إنها خطوط متشابكة من المكائد، وفي بلد ديمقراطي، فإن الشفافية المتاحة لا تجعل شأناً مثل هذا، خفياً.
سانا مارين في مؤتمر صحفي بعد الواقعة
خصوم سانا مارين والمتربصون بها من الساسة الآخرين، وأذرعهم الإعلامية، اتهموها بأنها ـ وهي ترقص ـ كانت تحت تأثير المخدرات، ولقطع دابر الشك باليقين أخضعت المرأة نفسها لاختبار مخدرات، مؤكدة أنها لم تتعاطها حتى في سنوات النزق والمراهقة.
لكن من سيأبه من الخصوم بكل هذا؟
ظلّ الكلام دائراً ضدها، متخذاً صيغاً تشكيكية: هل يمكن لرئيسة حكومة أن تتخذ قراراً مهماً إذا حدث أي طارئ وهي في هذا الوضع؟
وظلت المرأة مصرة على أنها لم ترتكب خطأً، داعية لأن يجري الفصل بين الشخصي والعام: «أثق بأن الناس يفهمون أنه يمكن الفصل بين وقت الفراغ ووقت العمل».
قالت سانا مارين شيئاً آخر: «أريد أن أظهر أن أناساً عاديين يعيشون حياة عادية، هم من يقومون بوظائف مثل هذه»، قاصدة أنه ما الذي يمنع رئيس حكومة، رجلاً كان أو امرأة، في مجتمعات لا تفرّق بين الجنسين في هذا الجانب على الأقل، من أن يعيش حياته الشخصية بتلقائية وعفوية، كما يعيشها بقية الناس، وهو قول يبدو وجيهاً جداً، لكن من قال إن المشتغل بالسياسة حر في أن يفعل ذلك كيفما شاء، ومتى ما شاء؟
فما بالنا حين يكون هذا السياسي في موقع كالذي تتبوّؤه الفنلندية ابنة الــ 36 عاماً، سانا مارين؟