20 فبراير 2023

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

صحافية ومترجمة مصرية

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

عندما تتطلع إلى أوبرا «غارنييه» في قلب العاصمة الفرنسية باريس للمرة الأولى، سيذهلك جمالها الاستثنائي وروعة تفاصيلها المعمارية الأخاذة، فهي تعد أحد أهم المباني الأيقونية التي ينبغي ألا تفوت زيارتها عند ذهابك إلى باريس. ولتشييد دار الأوبرا، أمر الإمبراطور نابليون الثالث بإطلاق مسابقة لأفضل تصميم عام 1860، وذلك ضمن خطته لتطوير وإعادة بناء العاصمة باريس، لكن كان هناك سبب آخر وراء رغبته في بناء دار أوبرا جديدة.

تعرفوا مع «كل الأسرة» إلى تاريخ واحدة من أعرق وأقدم دور الأوبرا في العالم Palais Garnier:

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

سبب تراجيدي وراء بناء أوبرا غارنييه

في عام 1858، بينما كان الإمبراطور نابليون الثالث وزوجته متوجهين إلى دار الأوبرا القديمة في شارع «لو بليتييه»، وأثناء توقف الركب الملكي عند مدخل الأوبرا، وقع انفجار ضخم نجا منه الزوجان بأعجوبة، إلا أن ثمانية من رجال الحاشية قتلوا وأصيب عدة أشخاص آخرين.

وبعد محاولة الاغتيال الفاشلة لنابليون الثالث، تم الإعلان عن بناء دار أوبرا جديدة، بحيث يتم من خلال التصميم الجديد مراعاة الجانب الأمني وسلامة رئيس الدولة. ومن ثم تم الإعلان عن مسابقة لتصميم دار الأوبرا الجديدة، على أن يكون لها مدخل خاص بالإمبراطور وصومعة جلوس خاصة به هو وحاشيته.

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

"شارل غارنييه".. صاحب التصميم الفائز

كان الفائز في مسابقة تصميم دار الأوبرا هو مهندس معماري شاب غير معروف، وليست لديه سابقة أعمال يدعى «شارل غارنييه». قدم «غارنييه» تصميماً مبهراً للغاية يمزج بين عدة عناصر وطرز معمارية مذهلة من حقب تاريخية مختلفة.

بعد سنوات من الجهود المضنية والعمل المتواصل لمواجهة العديد من المشاكل التقنية التي واجهت غارنييه وفريقه أثناء مرحلتي التأسيس والبناء، تم الانتهاء من تشييد أوبرا غارنييه أو Palais Garnier، والتي استمدت اسمها من اسم المعماري الشاب في عام 1874. واليوم، تعد أوبرا غارنييه تحفة معمارية ليس لها مثيل في طراز العمارة الباروكية الحديثة Neo-Baroque، وواحدة من أجمل المعالم التي تستحق الزيارة في باريس.

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

تفاصيل داخلية مبهرة في أوبرا غارنييه

عند دخولك إلى بهو الأوبرا الرئيسي سيستقبلك الدرج المرمري الشهير Le Grand Escalier ذو الأعمدة الشاهقة والشمعدانات العملاقة، والتماثيل الرخامية والمنحوتات الرائعة التي تزينه. وستلاحظ – على غير العادة - وجود شرفات داخلية أنيقة مطلة على الدرج ذاته، كان الغرض منها هو توفير مكان خاص لمشاهدة زوار الأوبرا في حللهم الأنيقة والسيدات في أثوابهن المبهرة ومجوهراتهن المتلألئة، وهم يرتقون درجات السلم لحضور أحد عروض الأوبرا الشهيرة.

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

ثم سيبلغ انبهارك ذروته ويغلبك الصمت حال صعودك إلى الطابق الثاني، حيث الردهة الرئيسية للأوبرا Grand Foyer، وهي قاعة استقبال فسيحة باهرة الجمال والتفاصيل، يبلغ ارتفاع جدرانها 18 متراً، بينما يبلغ طولها 154 متراً. ويغطي ماء الذهب أعمدة القاعة وسقفها المرسوم باللوحات المذهلة وزخارفها التي ليس لها مثيل. ولا يضاهي قاعة Grand Foyer جمالاً سوى «قاعة المرايا» الشهيرة في قصر فرساي.

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

لماذا لا يوجد في شارع أوبرا غارنييه أية أشجار؟

عند تنزهك في شارع Scribe الموجودة به أوبرا غارنييه، ستلاحظ خلوه من أية أشجار على جانبي الطريق، وهو أمر مقصود كان الغرض منه أن يتمكن المارة في الشارع من الاستمتاع برؤية دار الأوبرا الفخمة الواقعة في نهايته ومشاهدة منظرها المهيب وجمالها المذهل.

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

كل البنوك فتحت فروعاً قريبة من الأوبرا

ستلاحظ أيضاً وجود العديد من البنوك في محيط دار الأوبرا الفرنسية، ومن المعروف للفرنسيين أن السبب في ذلك أنه قديماً كان أغلب جمهور الأوبرا من الأثرياء، فكانوا يمرون على البنوك قبل ذهابهم إلى الأوبرا لأخذ بعض المجوهرات الثمينة التي يريدون ارتداءها أثناء حضورهم سهرات الأوبرا والتباهي بها. لهذا السبب كانت البنوك تفتتح فروعاً قريبة من الأوبرا، وكان بعض هذه البنوك يظل مفتوحاً إلى وقت متأخر - حتى انتهاء حفل الأوبرا - كي يتمكن عملاؤها من إعادة مقتنياتهم الباهظة بأمان إلى خزينة البنك. إلا أن ذلك لا يحدث بالطبع في الوقت الحالي، حيث تغلق جميع البنوك في موعد إغلاقها المعتاد.

تعرفوا إلى تاريخ أوبرا غارنييه الفرنسية العريقة

السر وراء عدم زخرفة كل المساحات الداخلية لأوبرا غارنييه

بدأ البناء في أوبرا غارنييه عندما كان نابليون الثالث إمبراطوراً، وقد تم تزيينها بما كان يعرف حينها باسم «طراز نابليون الثالث»، مما كان يعني عدم ترك أي سطح بدون زخرفة. إلا أنه وقبل أن يكتمل بناء الدار، اندلعت الحرب الفرنسية البروسية وسقط نابليون الثالث، وبالكاد استطاع المهندسون المعماريون إكمال دار الأوبرا نفسها، ناهيك عن تحمل تكاليف الزخارف الذهبية المتقنة. لذا تبدو أجزاء كثيرة من دار الأوبرا بسيطة بشكل لافت للنظر، في تناقض صارخ مع الأجزاء التي تم الانتهاء منها وتزيينها في عهد نابليون الثالث.