قصة «اليانصيب» لأنطوان تشيخوف عن رجل اسمه إيفان دميتريتش راضٍ عن دخله المتواضع وحياته البسيطة.
كان إيفان يتصفح الجريدة بعد العشاء عندما طلبت منه زوجته أن يخبرها بأرقام تسلسل التذاكر الفائزة باليانصيب، واستجاب لطلبها بلا مبالاة، ومر ببصره على القائمة المنشورة لتقع عينه على السلسلة الفائزة 9499.
صاح إيفان يبلغ زوجته بأنها سلسلة تذكرتها، وأدركت من صرخته أنه لا يمزح. كانت تريده أن يتأكد من أن الرقم 26 هو الفائز في السلسلة، لكن إيفان حاول تأخير الأمر، فمجرد أمل الفوز أمر رائع ومثير للغاية، وقال لنفسه: «ماذا لو فزنا حقاً؟».
بدأ إيفان وزوجته يحدّقان في بعضهما بعضاً، فمجرد إمكانية الفوز تجعلهما يحلمان بما يمكن فعله بالمال، وما الذي سيشتريانه وإلى أين سيذهبان.
قال إيفان: «إذا فزنا ستكون حياة جديدة، ولو كان المال مالي سأصرف خمسة آلاف لشراء عقار، وعشرة آلاف على المصاريف الفورية والتأثيث والسفر وسداد الديون، وأربعون ألفاً الأخرى سأضعها في البنك لأحصل على فائدتها».
قالت زوجته موافقة: «نشتري عقاراً في تولا أو أوريول فيحقق لنا دخلاً دائماً».
ازدحمت الأحلام في مخيلتهما وتخيّلا كيف سيقضيان وقتاً جميلاً للغاية، وعندما قال إيفان إنه يفكر في السفر إلى الخارج، أجابت زوجته بأنها هي أيضاً ستسافر معه، ثم قالت: «هيا انظر إلى رقم التذكرة!».
كان إيفان الغاضب من فكرة سفر زوجته معه يتخيلها وهي تشتكي من أن القطار يؤلم رأسها، وأنها أنفقت كثيراً من المال في شراء الحاجيات، وكيف عليه أن يركض ليجلب لها الماء المغلي والخبز والزبدة.
فكّر إيفان في أن بطاقة «اليانصيب» تخص زوجته، وليست ملكه، وإذا سافرت معه ستغلق عليه باب غرفة الفندق ولن تتركه يبتعد عن نظرها.
ولأول مرة في حياته يحدِّق فيها فيراها كبرت في السن تفوح منها رائحة الطهي، بينما كان لا يزال شاباً قوياً، فيسأل نفسه: لم لا يتزوج مرة أخرى ويتخلّص منها ومن أقاربها الذين سيزحفون إليهم إن سمعوا عن البطاقة الفائزة، ويبدأون في النحيب وطلب المال مثل المتسولين؟
عاد ينظر إلى زوجته التي بدت بغيضة، وقال لنفسه: «إنها بخيلة إذا فازت ستعطيني مئة روبل وتخفي الباقي».
كان يتأملها بحقد وتتأمله بغضب، فهي تعرف أنه سيحاول الاستيلاء على مكاسبها واجتاحت الكراهية صدريهما مثل إعصار هائج يكاد يقتلع قلبيهما، فسارع إيفان للنظر فوراً إلى الصفحة الرابعة من الصحيفة باحثاً عن الرقم الفائز، وعندما رآه قال منتصراً:
«السلسلة 9499، الرقم 46 وليس 26».
اختفت الكراهية مع الأمل في الحال وبدا بيتهما صغيراً ومتهالكاً، والطعام الذي تناولاه قبل قليل سيئ والأمسيات التي يقضّونها معاً طويلة ومرهقة. وقال إيفان بمزاج متعكر: «ما هذه القذارة المنتشرة في كل مكان في المنزل، إنني أفضل الموت على البقاء في هذا المكان، وإن لم يأخذني الموت سأخرج وأشنق نفسي على أقرب شجرة!».
لقد أبدع تشيخوف في قصة تحكي عما يمكن أن يفعله المال، وكيف يقضي على رضا الآخرين، ويدمّر سعادتهم، بدلاً من تحقيقها، كما يتخيّل الكثيرون.