حلم "ع.ي" بالحصول على جنسية وجواز سفر يُمكنه من السفر إلى أكبر عدد من دول العالم ودول الاتحاد الأوروبي، لكن بعد أن دفع مبلغ مالي كبير، كان كل ما حصل عليه هو جواز سفر "مُزور".
تفاصيل قصة "ع.ي" وما حدث معه، أطلعت "كل الأسرة" عليها من حكم محكمة الجنايات في دبي ولائحة اتهام النيابة العامة التي تضمنت 3 تهم جنائية في القضية التي صُنفت تحت بند "الاحتيال والتزوير":
يروي المجني عليه في إفادته بتحقيقات النيابة العامة ما حدث معه فيقول "طلبت من صديق لي البحث عن طريقة لاستخراج جواز سفر دولة أجنبية للاستثمار ولغرض استخدامه في السفر لعدة دول دون الحاجة إلى استخراج تأشيرات زيارة". بالفعل، باشر صديق المجني عليه البحث عن طريق مواقع التواصل على أي مكتب يساعد في تسهيل إجراءات الحصول على جنسية خاصة للدول الكاريبية التي تُقدم عروضاً للاستثمار مقابل إعطاء الجنسية التي تُمكن حاملها من الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي وما يقارب 100 دولة حول العالم دون الحاجة إلى استخراج تأشيرات.
تمكن صديق المجني عليه من الحصول على رقم هاتف رجل يعمل في استخراج جنسيات لإحدى الدول الكاريبية فتواصل معه، فرد الرجل عليه بأنه "وكيل منطقة الشرق الأوسط عن الدولة في تقديم طلبات الحصول على جنسيتها وجواز سفرها".
زود صديق المجني عليه الأخير ببيانات "وكيل منطقة الشرق الأوسط للدولة الكاريبية"، فالتقى بالرجل في المكتب الذي يعمل فيه، وكان عبارة عن مقر شركة خاصة لخدمات رجال الأعمال، يقول المجني عليه "خلال اللقاء أبرز لي (شهادة لمن يهمه الأمر) صادرة من الدولة التي أرغب في الحصول على جنسيتها وتضمنت الشهادة عبارة مفادها أنه وكيل الدولة في منطقة الشرق الأوسط، كما أبرز لي مجموعة من جوازات سفر الدولة الكاريبية لصالح أشخاص متواجدين بالدولة".
بناءً على الوثائق والمستندات التي شاهدها المجني عليه، أيقن أن هذه الشركة تعمل بالفعل في مجال إصدار الجنسيات، فجهز المُتطلبات من مستندات وأوراق بنكية، وحدد موعد اللقاء الثاني تمهيداً للبدء في إجراءات حصوله على الجنسية.
يضيف المجني عليه "في الموعد الثاني قابلت الرجل وبرفقته آخر على اعتبار أنه شريكه بالشركة، وتم الاتفاق بيننا على استخراج جواز سفر للدولة الكاريبية مقابل دفع مبلغ 348 ألفاً و650 درهم.. وقعت الأوراق ووقع الرجل وشريكه على العقد المُبرم بيننا بالعمل على استخراج جواز السفر والجنسية، ثم سلمت الرجل شيك مبدئي بقيمة 150 ألف درهم مُدون فيه أن المستفيد هو الشركة التي يملكها".
حيلة رد الشيك واستلام المبلغ نقدا
في اليوم التالي، تلقى المجني عليه مكالمة من الرجل يدعي فيه أنه قدم الشيك للبنك لكنه رفضه وأعاده له "لعدم تطابق التوقيع على الشيك بنماذج توقيعه الشخصي في البنك"، وطلب منه تسليمه المبلغ نقداً .
توجه المجني عليه وقابل الرجل ثم سلمه 150 ألف درهم نقداً، وفي اليوم التالي وردت رسالة عن طريق برنامج "الواتساب" إلى هاتف المجني عليه تتضمن "طلب الحصول على جواز السفر، والمطالبة بتعبئته وإرسال صورة شخصية معه". بالفعل، عبأ المجني عليه الطلب بكافة البيانات ثم أعاد إرساله للرجل، وبعد مضي عدة أشهر أرسل الرجل صورة جواز سفر للمجني عليه عائدة للدولة التي رغب في الحصول على جنسيتها وعليه صورته الشخصية وكافة بياناته .
هنأ الرجل المجني عليه بالحصول على الجنسية وطلب منه الحضور لاستلام جواز السفر بعد دفع الجزء المتبقي من المبلغ المالي. فتوجه المجني عليه إلى مقر الشركة الرجل واستلم جواز سفر وهوية عائدة للدولة الجديدة وشهادة استثمار فيها بقيمة 35 ألف دولار أمريكي، ثم سلمه مبلغ 190 ألفاً و650 درهم نقداً قيمة ما تبقى من الاتفاق.
طلب إلغاء الإقامة يكشف التزوير
احتفظ المجني عليه بجواز السفر معه لكنه لم يستخدمه في أي رحلة، وبعد ما يزيد عن عام، قرر نقل إقامته في الدولة إلى جواز سفر الجديد، وقدم طلباً لنقل إقامته إلى الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، وأرفق معه جواز السفر لطباعة الإقامة عليه وفقاً للإجراءات المتبعة .
يقول المجني عليه "في الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب إكتشفوا أن جواز السفر مزور، وتم تسجيل بلاغ ضدي بتهمة تزوير جواز السفر لدى أحد مراكز الشرطة، حيث تم استدعائي إليه".
توجه المجني عليه إلى المركز الشرطة وقدم كافة البيانات والمعلومات والأوراق التي وقعها للحصول على جواز السفر والجنسية ومنها الشهادة التي ادعى فيها الرجل أنه وكيل الدولة الكاريبية في منطقة الشرق الأوسط، مؤكداً أنه ضحية ولم يُقدم على تزوير جواز السفر. كما حضر صديق المجني عليه إلى مركز الشرطة، وقدم أيضاً إفادته في القضية وكيف تم التعرف على الرجل، فيما ألقت الشرطة القبض على الرجل، وأحالت ملفه إلى النيابة العامة تميهداً لمحاكمته .
3 تهم جنائية
رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحق الرجل إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات بتهمة "توصل مع آخر إلى الاستيلاء على مبلغ 348 ألفاً و650 درهم العائد للمجني عليه بالاستعانة بطريقة احتيالية وصفة غير صحيحة، بأن استغل حاجته إلى جنسية دولة كاريبية والزعم بأن شركته مخولة باستصدار الجنسيات".
وطالبت النيابة العامة بمعاقبته عن هذه التهمة عملاً بالمادة 451 البند أولاً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص "يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو منفعة أو سنداً و توقيع هذا السند أو إلى إلغائه أو إتلافه أو تعديله، وذلك بالاستعانة بطريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم".
كما ووجهت النيابة العامة إلى الرجل تهمتي " تزوير جواز السفر والهوية العائدة للدولة الكاريبية"، وتهمة "استخدامها عبر تسليمها للمجني عليه"، والمعاقب عليهما أيضاً بعقوبة الحبس.
حبس وغرامة وإبعاد
نظرت محكمة الجنايات القضية ورأت "أن الدليل اليقيني على وقوع الجريمة استقام وثبت بحق المتهم استنداً إلى أقوال المجني عليه وصديقه، وما قدماه من مُستندات ووثائق ثبت تزويرها وفق تقرير الأدلة الجنائية". وبينت المحكمة "أن المتهم وشريكه أنشأ شركة لمباشرة الأفعال الإجرامية وهو ما ساهم في خداع المجني عليه وبالتالي تكون قد توافرت في حقه أركان الجريمة وإدانته بها".
وقضت محكمة الجنايات في ختام حكمها، بمعاقبة الرجل المُحتال بالحبس لمدة ستة أشهر، وتغريمه 348 ألفاً و650 درهم، ومصادرة الجواز والهوية المزورين، وأمرت بابعاده عن الدولة.