هو أحد أشهر المتاجر وأكثرها تميزاً ورقيّاً على مستوى العالم، يزوره كل عام نحو 37 مليون زائر وتبلغ مساحته الإجمالية 1400 متر مربع. إنه «غاليري لافاييت» الشهير في باريس، والذي بدأت قصته في عام 1893 عندما قرر ابنا العم تيوفيل باديه، وألفونس كان، تأسيس متجر صغير على زاوية شارع «لافاييت» وشارع «لاشوسيه دانتين»، أطلقا عليه اسم «Aux Galeries Lafayette».
اكتشفوا تاريخ واحد من أقدم وأشهر المتاجر الباريسية الرائدة، وكيف بدأ من متجر صغير ليصبح الآن أكبر متاجر باريس، وله عدة فروع كبرى في جميع أنحاء العالم.
«متجر الخردوات».. بداية واعدة في القرن التاسع عشر
بدأ تاريخ «غاليري لافاييت» في القرن الـ19، عندما قرر رجلان من إقليم «ألزاس» الفرنسي، الذهاب إلى باريس لتأسيس متجر صغير للخردوات بوسط العاصمة. كان ابنا العم «تيوفيل» و«ألفونس» يتسمان بالجرأة والذكاء والاهتمام بكل ما هو حديث في ذلك الوقت، وكانا يحلمان بامتلاك متجرهما الخاص في باريس، إلا أنهما بالتأكيد لم يكونا يعلمان بأن ذلك المتجر الصغير سيصبح يوماً ما أحد أكبر الإمبراطوريات التجارية في العالم.
البحث عن موقع مميز في باريس
بعد بحث مضنٍ عن مكان مميز في العاصمة الفرنسية، اختار الشريكان لمتجرهما موقعاً مثالياً قريباً من أوبرا غارنييه وغراند بوليفارد ومحطة قطار Saint-Lazare الشهيرة، للاستفادة من حشود الزائرين التي تصل إلى باريس يومياً بحثاً عن أفضل المتاجر في العاصمة. وكانت مساحة المتجر آنذاك لا تتعدى 70 متراً مربعاً فقط.
«غاليري لافاييت» يزحف على المباني المجاورة
في عام 1896، اشترت الشركة التي أسسها الرجلان المبنى الكائن في رقم 1 شارع «لافاييت» بأكمله، وتلا ذلك شراء 3 مبانٍ كاملة في شارع «بوليفارد هوسمان»، إضافة إلى المبنى رقم 15 في شارع «لاشوسيه دانتين» في عام 1903. وكانت السنوات الأولى من العمل مدفوعة باستراتيجية واحدة وهي التوسع وزيادة حجم التجارة، ما أدى إلى استحواذ الشركة على عدد كبير من المباني المجاورة، مع اهتمامها بتعزيز الجانب المعماري المميز للمتجر.
فخامة تثير العجب.. حلم «تيوفيل باديه»
بحلول عام 1907، كان متجر «لافاييت هوسمان» قد اكتمل، إلا أن تيوفيل باديه، كان يحلم بـ«بازار فخم» يمتلئ بالبضائع الفاخرة والوفيرة التي تجذب الأنظار وتدير رؤوس العملاء؛ لذلك عهد تيوفيل بأول تجديدات رئيسية للمتجر، إلى المهندس المعماري جورج شيدان، وتلميذه الفذ فرديناند شانو. وبعد سنوات من العمل والتجديدات والإضافات، بدأ المتجر الذي بدأ صغيراً في عام 1893، يتخذ بعداً جديداً ومبهراً.
«غاليري لافاييت» أيقونة معمارية
جمع فرديناند شانو أفضل الفنانين والمعماريين من كلية École de Nancy، وعهد إليهم بمسؤولية تغيير ديكورات مبنى لافاييت الرائع، والذي يعد الآن بمنزلة «نصب تذكاري» لفن الـ«آر نوفو» المعماري Art Nouveau.
استلهم المهندسون تصميم الدرج الرئيسي في «غاليري لافاييت» من درج أوبرا غارنييه الأيقوني الذي صممه المهندس المعماري «لوي ماجوريل» على طراز فن الـ«آر نوفو». كما صمّم القبة المذهلة للمتجر ـ البالغ ارتفاعها 43 متراً، على الطراز البيزنطي الحديث ـ فنان الزجاج الشهير جاك جروبيه، وسرعان ما أصبحت هذه القبة الشهيرة رمزاً لـ«غاليري لافاييت».
افتتح «غاليري لافاييت» الفخم رسمياً في أكتوبر 1912، وشعر تيوفيل باديه، وهو يرى الضوء الذهبي يتخلل القبة المهيبة ويغمر قاعة «لافاييت» الكبرى منيراً جميع المنتجات الفاخرة التي تملأ المكان، بأن حلمه قد تحقق أخيراً.
عمليات التجديد في «غاليري لافاييت»
تطور «غاليري لافاييت» المذهل عبر السنين
لم يمض وقت طويل حتى تضاعفت مساحة المتجر بسرعة، وإضافة إلى وجود 96 قسماً مختلفاً داخل «غاليري لافاييت»، أضيف صالون أنيق للشاي وصالون آخر للقراءة، وغرفة خاصة للتدخين وشرفة رائعة ذات إطلالات بانورامية ليس لها مثيل على العاصمة باريس.. وفجأة أصبح التسوق نشاطاً ترفيهياً فاخراً وتجربة ممتعة في حد ذاتها، غيّـرت مفهوم التسوق التقليدي إلى الأبد.
ما بدأ كحلم صغير قبل 130 عاماً، أصبح الآن واحداً من أرقى المتاجر الكبرى في باريس وخارجها. واليوم غاليري «لافاييت» هو ثاني أكثر المعالم زيارة في باريس بعد برج إيفل.