ستة أفلام من أصل سبعة لمخرجين عرب أو ذوي أصول عربية مشتركة في دورة مهرجان «كان» السادسة والسبعين التي تقام ما بين السادس عشر والسابع والعشرين من هذا الشهر، هي من إنتاج غربي وليس عربي.
الفيلم الاستثنائي هو إنتاج سوداني بعنوان «وداعاً جوليا» (Goodbye Julia) الذي تولى إخراجه محمد كردفاني. أما باقي الأفلام فنبعت من مخيلات عربية قبل أن تتوجه إلى شركات فرنسية بحثاً عن التمويلز
الصورة المستخلصة من هذا الوضع مؤسفة بحد ذاتها كون السينما العربية تخلو من القدرة الذاتية على صنع أعمالها وإنتاجاتها وقراراتها.
هل يمكن لنا لوم المخرج العربي إذا اتجه إلى الشركات الفرنسية والهولندية والألمانية وسواها طلباً للتمويل؟ حتى وإن قبلنا بأن هذا يعني فرض شروط فنية وموضوعية معينة على المخرج، أليس طبيعياً- ولو إلى حد- أن يقبل بالشروط لقاء أن يرى مشروعه يولد ليصبح فيلماً يعرضه في المهرجانات ويتقدم به وباسمه في المحافل والمناسبات؟
لكن لماذا يحدث ذلك؟ لماذا لا يتوجه إلى منتجين عرب عوض الأجانب؟ هناك ثلاثة أسباب مهمة: الأول هو أن السوق العربية للأفلام غير المصرية سوق ميت. لم يتم تأسيسه منذ بداية السينما ولن يؤسس طالما أن هناك مشاكل سياسية واقتصادية في بعض هذه الدول.
الثاني هو أن المؤسسات القليلة التي تقوم بالدعم التمويلي قليلة وبعضها لا يدفع أكثر من ربع الميزانية المطلوبة. لذلك يتوجه صاحب المشروع إلى الخارج لتأمين كل أو الجزء الأكبر من التمويل.
الثالث، هو أن دعم السينما في معظم الدول العربية غير متوفر. في البلدان الأوروبية هناك وزارات للسينما وإن لم تكن هذه موجودة فمؤسسات مدعومة رسمياً. هذا الأمر موجود حالياً في المملكة العربية السعودية لأنها ترغب طوي المسافات الزمنية السابقة والانطلاق بتوجهات جديدة تكفل كل النشاطات. وكان متوفراً في مصر وانتهى (للأسف) وكان متوفراً في سوريا والعراق وليبيا ولا يزال، لكن كلنا نعلم في أي وضع تعيشه هذه الدول حالياً.
ومن المفارقات المؤلمة أن يدخل «وداعاً جوليا» كأول فيلم سوداني في التاريخ يعرض في المهرجان العالمي الكبير في الوقت الذي تتقاتل فيه القوى العسكرية في البلاد. فرحة المناسبة قضت عليها السياسة.
طبعاً وجود سبعة أفلام لسبعة مخرجين عرب تشترك في هذه الدورة الجديدة من مهرجان «كان»، هو تقدم مهني ينجزه كل واحد من هؤلاء. وهي المرة الأولى التي تجتمع فيه سبع مواهب عربية تتوزع داخل وخارج المسابقة.