20 مايو 2023

في دورته الحالية.. مهرجان "كان" يستعين بزبائنه القدامى

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

في دورته الحالية.. مهرجان

تبدو اختيارات مهرجان «كان» السينمائي لدورته السادسة والسبعين (من 16 إلى 27 من شهر مايو) موجهة لتعزيز المكانة الخاصة لأكبر مهرجان سينمائي في العالم. تعلم إدارة المهرجان أن سبيل البقاء على قمة المهرجانات السينمائية حول العالم والحفاظ على مسافة كافية بينه وبين المهرجان التالي يمر عبر أنابيب عمل مكثفة ومختلفة ومنظمة. أحد هذه الأنابيب جذب الأسماء الكبيرة في عالم الفن السابع قبل أن يتوجوا إلى مهرجان ڤينيسيا الذي بات شوكة في خصر المهرجان الفرنسي منذ أن دفع باتجاه التميز بأفلامه وفتح الباب عريضاً لجذب الأعمال الفنية سواء تلك التي يتصدرها نجوم تخدم الإعلام أو لا.

في دورته الحالية.. مهرجان

هذا التنافس بين المهرجانين يترك مهرجان برلين (ثالث أكبر مهرجانات العالم) في العراء. دوراته الأخيرة لا تستطيع جذب أسماء كتلك التي تتوجه إلى «كان» أو «برلين». مسابقة الدورة الأخيرة التي أقيمت في فبراير الماضي حشدت لمجموعة كبيرة من الأسماء غير المعروفة ليس من باب التشجيع بل لأن تلك المنتمية إلى الصف الأول تفضل التوجه إلى «كان» أو «فينيسيا». الاستثناء الوحيد بين أفلام المسابقة كان من نصيب الألمانية مرغريتا ڤون تروتا التي قدمت «إنغبورغ باكمان- رحلة في الصحراء». بذلك كانت أكبر المتواجدين بين أترابها المشتركين (من مواليد 1942) ولم ينل فيلمها أي تقدير خاص.

في دورته الحالية.. مهرجان

زبائن دائمون في مهرجان «كان» العريق

نظرة شاملة للأفلام المشتركة في مسابقة هذه الدورة من مهرجان «كان» تكشف عن حضور كبير للمخرجين من ذوي الأسماء الرنانة: الفنلندي آكي كوريسماكي، الياباني هيوكازو كوري-إيدا، الإيطالي ناني موريتي ومواطنه ماركو بيلوكيو، الفرنسية كاثرين بريا، البريطاني كن لوتش، التركي نوري بلج جيلان والألماني ڤم ڤندرز والأميركيان وس أندرسن وتود هاينز.

هذه نخبة يتمنى كل مهرجان أن يحتوي ولو على نصف من فيها، وهي تنضم بلا تردد لعدد من المخرجين الجدد أو الذين قطعوا نصف المسافة بينهم وبين الشهرة. من هؤلاء التونسية كوثر بن هنية التي تعرض فيلمها الجديد «بنات ألفة» (أو «أربع بنات» كما عنوانه الإنكليزي)، الفرنسية جوستين ترييه «تشريح سقوط»، أليس رورواشر «لا شيميرا»، راماتا تولاي سي «بانل وأداما» ووانغ بينغ «شباب».

العديد من المذكورين، من الجدد أو المخضرمين، من زبائن المهرجان، ولا عتاب إذا ما رغب مهرجان «كان» تشكيل فريقه من المخرجين الذين يؤمونه كلما كان لديهم جديداً.

وإذا أضفنا لمن سبق وجود مارتن سكورسيزي بفيلمه «قتلة فلاور مون» وستيف ماكوين عبر «مدينة محتلة» وجيمس مانغولد بجزء خامس من مسلسل «إنديانا جونز» كما الياباني تاكيشي كيتانو بفيلم Kubi، فإن ثروة الدورة الجديدة لهذا المهرجان لا تقدر بثمن.

لم ينج المهرجان خلال السنوات القليلة الماضية من تهم اهتمامه بالزبائن التقليديين على حساب الانفتاح على التجارب الجديدة. ولا من تهمة تحديد العنصر النسائي بحفنة من الأسماء التي تبدو كرفع عتب.

في الحالة الأولى كانت الشكوى في محلها، لكن الداعي إلى تشكيل فريق من المخرجين الذين يعودون إليه كلما أنجزوا فيلماً جديداً كان أقوى. هذا العام توسع أكثر من السابق في ضم الأسماء الجديدة سواء الآتية من إفريقيا أو آسيا أو أوروبا.

بالنسبة للتهمة الثانية أقر تييري فريمو، مدير المرجان، بأنه يمكن للمهرجان أن يستوعب أكثر من العدد المحدود السابق من صانعات الأفلام. هذا العام نجد إنه ضم خمس مخرجات (عوض ثلاثة كما الحال سابقاً) داخل المسابقة وواحدة خارج المسابقة هي الفرنسية مايون التي افتتح فيلمها «جين دو باري» الدورة.

ايل فانينغ
ايل فانينغ

شريط النجوم واستعراض أمريكي

في مؤتمره الصحافي المعتاد لإعلان أفلام المهرجان، ذكر فريمو إنه وفريقه شاهدوا أكثر من 2000 فيلم معتبراً، وعن حق أن العدد الكبير يعكس «الوضع الصحي» للسينما العالمية و«الطموح لصنع الأفلام حول العالم».

الحضور الفرنسي (تلك الأفلام المنتجة فرنسيا بالكامل) يتقلص داخل المسابقة هذه السنة. هناك «اشزيخ سقرط» لجوستين ترييه، و«الصيف الأخير» لكاثرين بريا و«شغف دودان بوفا» لترا آن هونغ.

في المقابل لا يزال الحضور الأميركي يشكل نقطة ارتكاز أساسية للمهرجان من حيث إنه الاستعراض الإعلامي الكبير المنتظر. كل مخرج حضر هذه السنة (وكما الحال في السنوات السابقة) هو اسم مهم لدى الصحافة والإعلام عموماً بالإضافة إلى من استقل الطائرة معه ليحط في قلب العاصمة السينمائية الفرنسية.

توم هانكس
توم هانكس

كمثال على ذلك وصل وس أندرسن (أحد المخلصين للمهرجان ويعرض فيه معظم أعماله) ومعه بطلته المفضلة تيلدا سوينتن وبصحبتهما توم هانكس ومارغوت روبي وسكارلت جوهانسن وهم أبطال فيلمه الجديد «أسترويد سيتي».

تود هاينز سيعرض «ماي ديسمبر» (May December) وفي حوزته كل من نتالي بورتمن وجوليان مور.

هاريسون فورد وزوجته
هاريسون فورد وزوجته

أما الصحبة التي واكبت المخرج مارتن سكورسيزي حين يعرض «قتلة فلاور مون» فتألفت من ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو وبراندن فريزر (الفائز بأوسكار أفضل تمثيل أول عن «الحوت»).

في دورته الحالية.. مهرجان

جوني ديب أم المهرجان كونه الممثل الرجالي الأول في فيلم الافتتاح «جين دو باري» وجيمس مانغولد وصل مع هاريسون فورد وأنطوني بانديراس وربما ماس ميكلسن تمهيداً لعرض «إنديانا جونز والقدر» (Indiana Jones and the Dial of Destiny).