24 مايو 2023

محمد رضا يكتب: حدث في "كان"

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رضا يكتب: حدث في

بات مهرجان «كان» من الكبر والأهمية بحيث لا يعلق شيء كثير في الأذهان. وإن فعل فإنه لا يمتد لدى الإعلاميين الفرنسيين على الأقل لكتابة ما حدث أو استهجانه خوفاً من سحب بطاقاتهم أو عدم قبول حضورهم في العام المقبل.

بعد ظهر أحد الأيام الماطرة، وقف حشد كبير من الإعلاميين والضيوف الآتين من حدب وصوب تحت مظلاتهم أو بدونها ينتظرون إذن الدخول إلى عرض فيلم وسترن قصير عنوانه «طريقة غريبة للحياة» (A Strange Way of Life). مخرج الفيلم ليس سوى الإسباني بدرو ألمودوڤار الذي يمتلك شعبية واسعة حول العالم كأحد صانعي الأفلام الأكفاء. أولئك الذين يُكتب عن أفلامهم بإعجاب ويضع المؤلفون عنهم كتباً ومحاضرات.

حسب شهود عيان، بدأ التجمع كبيراً من نحو 100 شخص ثم ارتفع سريعاً إلى أكثر من ضعفي ذلك العدد. فالفيلم القصير لا يعني هنا أنه منبوذ بلا مهتمّين خصوصاً إذا ما كان مخرجه من المصنفين عالمياً في مجال عملهم.

كان من المفترض أن يدخل الحشد الكبير الصالة الضخمة التي تستقبلهم كل يوم. لكن ما حدث بعد ساعة ونيّف من الانتظار وتحت المطر المنهمر بلا هوادة هو أن أحد موظفي الأمن رفع صوته قائلاً: «الصالة كومبليه. لا أماكن». هنا هاج الجمهور وماج. كيف امتلأت وبمن؟ ماذا عن التذاكر التي قاموا بحجزها تحت تهديد أنه إذا ما تخلّف الحاجز عن الظهور من دون إلغاء تذكرته قبل نصف ساعة على الأقل فسيعاقب بمنعه من دخول الأفلام!

في كل مرّة على الآلة التقاط الكود لكي تبرهن للمسؤولين أن هذا المُشاهد أو ذاك لم يتخلّف عن الحضور. تساءل عديدون كيف يمكن إلغاء التذكرة قبل نصف ساعة بعدما أم المكان وانتظر لأكثر من ساعة؟

تلقى الحشد طلب الأمن الخاص بمغادرة المكان بالغضب والصراخ. حاول بعض من في المقدّمة اختراق الحاجز من دون نجاح. لم يكن هناك شيء يمكن لأحد منهم أن يفعله. ولا المهرجان قدّم اعتذاراً. هو قلما يعتذر عن خطأ ارتكبه على أي حال حتى إذا كان من نوع أن المناقشة التي تلت الفيلم السابق للفيلم الذي احتشد الناس لمشاهدته زادت عن مدتها عوض الالتزام بها.

صحيح أنه لا يمكن فعل شيء حيال الطقس الماطر كل يوم منذ أن بدأ المهرجان أيامه، لكن يمكن فعل الكثير لدى الإدارة لمزيد من النظام من دون محاولة تنظيم الوافدين إليه.

«هناك شعور من القهر عندما تنتظر تحت المطر ويتأخر الدخول عن موعده المقرر»، تقول موظّفة في شركة إنتاج كانت من ضحايا ذلك الموقف، وتضيف: «بالتأكيد يمكن للمهرجان احترام رغبة الجمهور وأوقاتهم وليس معاملتهم كأمر مفروض عليهم القبول به».

صحفي أميركي شاب لم يسبق له الحضور من قبل لأي من دورات المهرجان أفاد بأنه كان اختار دوماً المهرجانات الصغيرة لأنها تنجح في تنظيمها «هنا اكتشفت أنني كنت على حق».