أكثر السيناريوهات تعقيداً هو محاولة الربط بين نجاح الشخص وامتلاكه ذكاء أكثر من غيره، فقد أثبتت المحاولة فشلها في هذا الأمر لعدم قدرة كثير من الأذكياء على النجاح.
وأثبت العلماء المعاصرون عدم إمكانية الاعتماد على فكرة أن الشخص الذي قد ينجح في اختبارات قياس الذكاء هو الذي لديه موهبة أو القدرة على النجاح في شيء ما لم يتضمن ذلك الأمر النظر في العديد من الجوانب الأخرى.
وكانت نظرية الذكاءات المتعددة التي أسسها هوارد جاردنر تدعم مقترح أن كل شخص لديه ما لا يقل عن ثمانية مجالات ذكاء تعمل على مستويات مختلفة، مثل الذكاء المنطقي الرياضي واللغوي والحركي الجسدي والذكاء الشخصي والموسيقي والمكاني والطبيعي.
وكما لم يتم تضمين الذكاء الطبيعي في البداية في نظرية جاردنر ثم أصبح جزءاً منها ليشمل الذين نجحوا في عالم العلوم الطبيعية، فهذا يعني أن الذكاء يمكن أن يتغير أو يتطور مع الأيام، فقد يفقد شخص ما ذكاءه اللغوي ومع ذلك يكتشف امتلاكه القدرة في مجالات أخرى وكل ما عليه القيام به هو الانتقال إليها بسرعة، فالنجاح لا يعتمد على مجال واحد بل يمكن أن يكون بناء على مجموعة أعمال مختلفة.
ومن الناحية الواقعية ليس من المؤكد أن أداء الشخص هو المقياس الأساسي لمعدل ذكائه، فكثير من الناجحين لم يخوضوا مسارات تعليمية عالية بل تمكنوا من تحويل مواهبهم إلى مهن ناجحة لا تعتمد على معدل الذكاء.
وكما تم تعريف الذكاء بالقدرة على التخطيط والعقل وحل المشكلات وفهم الأمور الصعبة والتفكير المجرد ووجود علاقة متبادلة بينه وبين الوراثة، أثبتت دراسات أخرى أن الجينات قد تساهم في قياس حاصل الذكاء ولكن بتأثير ضئيل جداً، كما تعد بيئة الشخص والظروف المعيشية والمناطق المحيطة والتعليم والأبوة والأمومة والتغذية عوامل مهمة وأساسية في مستوى الذكاء.
والأهم من كل ذلك أن الأذكياء يتصرفون بغباء أيضاً بل ويرتكبون أخطاء غبية لا سيما في البسيطة التي تحتاج إلى الفطرة السليمة والتي تتلاعب بعقل الشخص الذكي الواقع تحت تأثير الثقة الزائدة عن الحد والتي تجعله لا يدرك أنه في مأزق ولا يعترف بحاجته إلى المساعدة.
ويميل الأشخاص الذين يعتقدون بأنهم أذكياء أيضاً إلى توقع نفس مستوى الأداء من الآخرين، والأسوأ من ذلك كله أنهم يمكن أن يتعاملوا معهم ببشاعة عبر فضح أخطائهم ومهاجمتهم بعنف عند محاولتهم معالجة أخطائهم بسبب افتقار الأشخاص الأذكياء إلى الذكاء العاطفي وهو ما يجعلهم يفشلون ويستسلمون بسهولة لأنهم معتادون على الحصول على الأشياء التي تأتي إليهم بسرعة ودون مجهود نسبياً بل ولا يملكون الجرأة لبذل العمل الجاد والتحمل.
لذا لا يمكن الاعتماد على قياس الذكاء لأن هناك أنواعاً مختلفة من الأشخاص الأذكياء والذين يتمتعون بذكاء عملي بدلاً من المعايير القائمة على معدل الذكاء، ومع وجود ذكاء عال هناك أهمية للعمل الجاد كما لا يعني تسجيل معدل ذكاء منخفض أن الشخص محكوم عليه بالفشل كما أنه ليس ضماناً للنجاح.
وهناك دائماً عوامل أخرى يمكنها تحديد الذكاء غير الاختبارات كما وأن هناك أنواعاً للذكاء والأشخاص المنتجين الذين استطاعوا تحقيق النجاح بالعمل الجاد والمثابرة فقط.