02 أغسطس 2023

إنعام كجه جي تكتب: لا أحد يعرف مصيره

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

إنعام كجه جي تكتب: لا أحد يعرف مصيره

بيع من كتاب «دع القلق وابدأ الحياة» ملايين النسخ في الولايات المتحدة وخارجها، وتُرجم إلى 37 لغة، منها العربية. واليوم يتداول بعض مستخدمي مواقع التواصل رواية تقول إن مؤلف الكتاب ديل كارنيجي مات منتحراً. كيف ينتحر من شجّع الملايين على تقبل الحياة بدون قلق؟

أعود إلى سيرة المؤلف الأميركي وأجد أنه مات متأثراً بإصابته بسرطان الدم. فهل أصابه اليأس بسبب المرض الخبيث وحاصرته الآلام بحيث أقدم على إنهاء حياته بنفسه؟ الحقيقة أنني لم أجد ما يشير إلى أنه انتحر. لكنني تذكرت حكايته حين قرأت، قبل أيام، عن وفاة الدكتور أوليفييه سولييه، الطبيب الفرنسي الذي كان من أشهر الرافضين للقاحات «كورونا».

رفض سولييه تناول اللقاح ومات بعد تناوله نوعاً من أنواع الفطر له تأثير المخدرات. كان هذا الطبيب من دعاة العلاج الطبيعي. يدعو أنصاره إلى جلسات جماعية لتعاطي الأعشاب ويجلس بينهم مثل ساحر إفريقي يمارس طقوساً معينة. وهو قد تناول في الجلسة فطراً يسبب الهلوسة. لكن تلك المادة النباتية الطفيلية قتلته، حسبما جاء في تقرير الطبيب الشرعي.

كان في السادسة والستين، أي في العمر نفسه الذي مات فيه كارنيجي. وقد ذاعت شهرته في أنحاء فرنسا مع انتشار الجائحة حين وقف بكل قواه ضد تناول اللقاحات الواقية من الفيروس. وصف الجائحة بأنها «مذبحة هدفها حرماننا من حريتنا»، وقال إن اللقاح أخطر 60 مرة من المرض ذاته. إنه من أنصار نوع جديد من العلاجات يسميه «طب الحواس»، أي أن تعالج نفسك بنفسك وبدون أدوية كيمياوية، وفقاً لما تشعر به وتمليه عليك حواسك.

انتمى الدكتور أوليفييه سوليه إلى «الجمعية الدولية للطب المستقل والحنون»، لكن الجمعية طردته من صفوفها بسبب ممارساته الغريبة. ونشر بعد طرده تغريدة جاء فيها أن الجمعية روجت لاتهامات باطلة لكي تبرر فصله من عضويتها. وبعد أيام من تلك التغريدة مات بالفطر السام في باريس. أصيب بوعكة وتم استدعاء المسعفين على عجل لكن القضاء كان أسبق.

اليوم هناك تحقيق جار في وحدة مكافحة الممنوعات والمخدرات بتهمة القتل غير العمد وممارسة للطب بوسائل غير قانونية. ومن لم يمت بالكوفيد مات بغيره. فلكل واحد على الأرض ساعته، سواء أكان عالماً وطبيباً في عاصمة النور أو راعي غنم في أقصى الكون.