سولت له نفسه الإقدام على فعل لا يعقل، ربما حتى تجاوز بفعلته هذه أيام الجاهلية الأولى، أدمن المخدرات، تحولت حياته من النقيض إلى النقيض، ضحى بكل شيء بسبب المخدرات، خسر الغالي والرخيص في مقابل مزاجه الإجرامي، لكن لم يتخيل أكثر المتشائمين، أن تصل به الحال إلى بيع طفله الصغير ابن الـ 4 سنوات مقابل «شمة هيروين».
يجب أولاً العودة للوراء قليلاً وتحديداً منذ 5 سنوات مضت. كان الأب المتهم في ريعان شبابه، عاش في فترة الشباب طولاً وعرضاً، إلى أن التقاها في لقاء عابر بإحدى المناسبات العائلية، ومنذ الوهلة الأولى التي شاهدها فيها الشاب الوسيم تعلق قلبه بها، شعر أنها تختلف بشكل كلي وجزئي عن كل الفتيات اللاتي التقاهن في تاريخ علاقاته النسائية.
تجرأ وطلب منها الارتباط، كانت كل طلباته تتلخص في أن تمنحه حبيبته فرصة للتغيير، وعدها أنه سيكون إنساناً مختلفاً تماماً لو وافقت على الارتباط به. أسابيع وشهور مرت وتبدلت أحواله من حال إلى حال أفضل، وكأن هذه الفتاة الجميلة كان لها مفعول السحر عليه، عرض عليها أن يتقدم لأسرتها طالباً الزواج منها، ورغم معارضة أسرة الفتاة في البداية إلا أن إصرار الفتاة على التمسك بحبيبها كان له عنصر الفصل والحسم في إتمام الزواج.
أجمل أيام العمر
عاشت معه الزوجة أفضل أيام عمرها خلال الثلاثة أعوام الأولى من الزواج، وأثمر زواجهما عن وجود طفل جميل بينهما، لكن دوام الحال من المحال. بمرور الوقت ومع ضغط الحياة الأسرية وزيادة أعباء الحياة، شعر الزوج بالحنين إلى حياته السابقة قبل الزواج، حيث أصدقاء السوء و«سهرات الفرفشة» وتعاطي المخدرات. كان يظن أن هذه الحياة الصاخبة هي الترياق والملاذ الآمن الذي يكفل له القدرة على الاستمرار لكنه كان واهماً، كما سنوضح لاحقاً. اتجه الزوج رويداً رويداً إلى حياته القديمة في مرحلة الشباب والمراهقة، أهمل بيته شيئاً فشيئاً، لاحظت زوجته التغيير السلبي الكبير الذي طرأ على حياة زوجها وبالتالي تأثرت حياتها وطفلها، ما دفعها لاتخاذ إجراءات وقائية لحماية منزل الزوجية.
أصدقاء السوء كلمة السر
كانت تثق بشكل كبير جداً في حب زوجها لها، حاولت استغلال هذا الأمر لصالحها حفاظاً على كيان الأسرة الصغيرة لكن يبدو أن الوقت كان قد تأخر. ساءت الأحوال المادية كثيراً للزوج، فبسبب إهمال عمله أنفق الكثير من الأموال على سهراته وملذاته حتى أصبح رصيده في البنوك صفراً. وبمرور الوقت اكتشفت الزوجة الطامة الكبرى، زوجها أدمن المخدرات وأصبح أسيراً لـ «شمة هيروين» أو جرعة مخدرات، وفي سبيل حصوله على مزاجه كان على أتم الاستعداد للتضحية بأي شيء.
طلاق وضياع
وصلت بينهما الحياة لطريق مسدود، استحالت العشرة بينهما، فكان الأمر الطبيعي أن يكون الانفصال هو الحل الأمثل لإنهاء معاناة الزوجة. ورغم رفض الزوج فكرة الطلاق إلا أن إصرار الزوجة وأسرتها على إنهاء هذه العلاقة المسمومة كان له عنصر الحسم في الانفصال. انفرط عقد الأسرة الصغيرة، واتفق الطرفان على كل بنود الانفصال، انتهت إجراءات الطلاق وتم الاتفاق على كل شيء ومنذ الانفصال وأصبحت الأم تقوم بكل الأدوار وتحولت إلى محور وبؤرة الأحداث، احتضنت طفلها، تماسكت بقوة، حاولت لم شتات نفسها بعد هذه التجربة القاسية، وقررت مواصلة المشوار بمفردها مع طفلها الوحيد.
رؤية الطفل
كان من بين شروط الانفصال أن يقوم الأب بشكل ودي برؤية طفله مرة واحدة كل أسبوع لبضعة ساعات ليس أكثر. كانت الزوجة ترى أن هذا الشرط في ظل ظروف زوجها غير المؤتمن بالغ الصعوبة، ولكنها وافقت على مضض، وفي كل مرة كان يلتقي الطفل والده كانت الأم تعيش أسوأ كابوس وساعات في عمرها من فرط خوفها على طفلها الصغير، لكن ما باليد حيلة، واستمر هذا الوضع هكذا بعض الوقت إلى أن حدث ما لم يكن أبداً في الحسان ولم يحسب له أكثر المتشائمين حساباً.
صرخة أم ضاع ولدها بسبب المخدرات
ذهب الأب إلى زوجته على حسب الاتفاق المسبق بينهما، اصطحب طفله الصغير لقضاء بعض الوقت برفقته على أن يعود في آخر اليوم كما هو الاتفاق، لكن ما حدث فاق كل تصور. تأخر الطفل في العودة مع والده، شعرت الأم بقلق بالغ فقامت بالاتصال بطليقها لكنه لم يجب، محاولات عديدة بذلتها للاتصال به دون جدوى، ما دفعها لاصطحاب شقيقها ووالدها للذهاب إلى منزل طليقها وهناك كانت المفاجأة. طليقها السابق في حالة يرثى لها، ونجله ليس برفقته، جن جنون الأم وهي تبحث عن طفلها الوحيد، كان الأب يجلس في ركن بعيد، علامات الوجوم والحزن والضياع ظاهرة على ملامحة، وعندما استفسرت الأم عن طفلها كانت المفاجأة المدوية التي أبلغها بها، حيث أكد لها أنه قام ببيع طفلهما مقابل بضعة آلاف من الجنيهات لكي ينفق على المخدرات.
أطلقت الأم صرخة مدوية كانت كفيلة بجمع كل الجيران وأهالي المنطقة ومن ثم قامت بتوجيه السباب واللعنات على طليقها السابق، وأمسك به الجيران وقامت الأم على الفور بالاتصال برجال الشرطة وهي في حالة يرثى لها، كل دقيقة تمر عليها هي لا تعلم ماذا حدث لطفلها الوحيد.
تم القبض على الأب المتهم ببيع نجله من أجل المخدرات وأرشد عن المشتري، حيث تم تسيير مأمورية أمنية لتحرير الطفل والقبض على المشتري الذي تبين أنه كان يرغب في استغلال الطفل في عمليات النصب والتسول.
تمت إحالة المتهمين إلى النيابة العامة حيث قررت النيابة حبسهما 15 يوماً على ذمة التحقيقات الجارية معهما.