من طبائع البشر أن لا أحد يحب أن ينتقد لكن الجميع يحب أن ينقد. هذا ينتقد مبنى شامخاً على أساس أن التصميم بشع، لكن آخر قد ينتقد اعتلاء الغبار عليه ما يحجب جماله الأول. لكن حتى مع وضوح الرؤية هنا بخصوص ما لفت نظر الناقد إلى الموضوع، قد ينبري صاحب الملك ويدافع عن نفسه، ربما عن صواب وربما عن خطأ.
في السينما الأمر ذاته. في إحدى المرات طالبني مخرج برأيي في فيلم حققه متوسماً أنني أعجبت بعمله. ما إن فتحت فمي لأبدي رأيي، حتى ناقضني وقال لي، وقبل سماع ما أريد قوله، «هذا فيلم آخر تتحدث عنه... لست معك في هذا الرأي».
مخرج راحل سألني واستمع ثم ابتسم ومضى. وثالث هاجمني علناً بعدما كنت طلبت منه أن يقرأ النقد بعقله وليس بقلبه.
معظم ما يكتبه الناقد العربي لا يحظى بقبول المخرجين، ومع أنه ليس من شغل الناقد حصد آراء المخرجين فيما يكتب، فإن الفجوة كانت دوماً واسعة بين الناقد والمنقود لهذا السبب.
وضعنا الثقافي بحد ذاته هو عالم صعب الولوج إليه والبقاء فيه. تكتب النقد في سعي لإصلاح شأن السينما، لكن النسبة الأكبر من المشاهدين والنسبة الأكبر من المخرجين لا يرون أن الشأن السينمائي بحاجة إلى إصلاح. عجيب.