29 أغسطس 2023

محمد رُضا يكتب: نقد جاهز حسب المزاج

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

محمد رُضا يكتب: نقد جاهز حسب المزاج

هل يحسن المُشاهد قراءة ما بين السطور من مفادات ومعان ورموز؟ ما هي شروط القراءة الصحيحة؟ من يثق بأن هذه القراءة صحيحة أكثر من قراءة أخرى، أو هي الصحيحة الفعلية والأخرى هي غير ذلك؟

هل كانت الغاية في فيلم Get Out القول بأن الأفرو-أميركيين ما زالوا يعانون عنصرية الرجل الأبيض؟ هل كانت غاية الفيلم البولندي Cold War انتقاد الشيوعية أم أن العودة إلى بولندا في زمن أحداثه تعني أن العالمين (الشيوعي والرأسمالي) لا يوفران السعادة الكاملة؟ وهل قصد فيلم «كفرناحوم» القول بأن الفقراء هم أساس المشكلة الاجتماعية التي عرضها وليس الفقر ذاته؟

لكي نقرأ صحيحاً لا يعني أن الالتزام قاطع. هناك الناقد وشخصه وتاريخه وثقافته. هناك مصدره الخاص الذي قد يرى جانباً لا يراه شخص آخر، وافقه أو اختلف عنه. لكن تبقى هناك أساسيات مصدرها الفيلم ذاته وما يتولّى قوله مباشرة أو على نحو غير مباشر.

النقد اللاذع الذي ووجه به «أوبنهايمر» في الكتابات العربية يدلنا على أن القراءة كانت على ما هو واضح في الفيلم واستناداً إلى ما هو واضح في موقف الكتّاب. والحال أنه من السهل جداً نقد «موضوع» أي فيلم وأخذ موقف معه أو ضده. كل ما على الناقد فعله في هذه الحالة الموافقة على ما يراه أم لا.

لكن ما هو صعب أن يقرأ الناقد بين سطور الفيلم. يذهب بالمشهد الماثل إلى أقصاه. يقرأ ما وراءه بالارتباط مع الفيلم ككل. هنا فقط يمكن الحكم على الفيلم بأسره وليس كحكاية أو كموضوع وشخصيات.

الفيلم، مثل الكتابة، هو قراءة بين الصور في مقابلة القراءة بين السطور. أكثر من ذلك، وبينما تشي الكتابة عادة عن نفسها سريعاً، تبقى بعض الأفلام مغلّفة بما يمر داخل المشهد من دون التعبير عنه بوضوح.

لا يمكن صنع المفادات والمعاني. هذه عليها أن تأتي تلقائياً. ما لا يأتي بهذه الوسيلة يتحوّل إلى جزء من الحكاية التي تمر على الشاشة على نحو مباشر. وإذا مرّت على هذا النحو فهي تصبح مكشوفة ومفروضة، وما هو مفروض قد يصبح مرفوضاً.