لودفيك والد ميجان
وميجان التي أحكي عنها هنا ليست تلك الأمريكية الشهيرة زوجة الأمير البريطاني هاري. إنها فرنسية لم تبلغ الثلاثين بعد، ضحية حادث اغتصاب واعتداء همجي. وكلامي ليس عنها بل عن والدها لودفيك، الرجل الذي قال للصحافة إنه كان مستعداً للبحث عن المعتدي وقتله بيديه.
كلنا يعرف أننا لا نعيش في غابة. وأن هناك سلطات أمنية وقضائية تأتي لك بحقك وتعاقب من يتعرض لك أو لأفراد أسرتك. هذا كلام العقل. لكن في ساعات الغضب يغيب العقل وتنفلت الغرائز. تخيلت نفسي مكان هذا الأب. أي جموح سيجتاحني لو مس معتوه شعرة من رأس ابنتي أو حفيدتي؟
حدث في فرنسا، قبل سنوات، أن وقف رجل في قاعة المحكمة وأطلق النار على المتهم الجالس في القفص. كان القاضي يحاكم قاتل ابنته لكن الأب لم يحتمل أن يرى القاتل يتنفس ويعيش ويتكلم ويأكل ويشرب وينام ويصحو مثل بقية البشر. أعماه الغضب والحزن وقرر أن يستبق العدالة ويقتل قاتل وحيدته. لن يتركه يتمتع بلذة العيش حتى لو حكم عليه القاضي بالمؤبد. ليس في القانون الفرنسي مادة تجيز الإعدام.
ونعود إلى ميجان التي عاشت في غيبوبة منذ الاعتداء عليها قبل أسابيع معدودة. استيقظت مبكرة في ذلك الصباح في شقتها ببلدة «شيربور»، شمال غربي فرنسا، وراحت تستعد لتناول فطور سريع قبل الذهاب إلى العمل. إنها شابة ذات قلب كبير، تشتغل في مركز لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة. أما المعتدي فهو شاب في الثامنة عشرة، لا تعرفه، وجاء في تحقيقات الشرطة أنه من أصحاب السوابق، نال خمسة أحكام في قضايا متفرقة تتعلق بالعنف ضد والدته، وبالتحرش الجنسي بشقيقته.
لم يكتف المهاجم باغتصاب ميجان بل عاملها بقسوة بحيث تسبب في تمزق في أحشائها وعدة كسور في أطرافها. عثرت عليها والدتها وهي بين الحياة والموت. اتصلت بالأب وطلبت إليه الإسراع بالحضور إلى قسم الطوارئ. يقول لودفيك، الأب، إنه كان يزور ميجان كل يوم في المستشفى ويجدها قيد الغيبوبة، يبكي بجانب سريرها والغيظ يملأ قلبه. كان لابد للمعالجين من أن يدخلوها في غيبوبة اصطناعية لكي يوقفوا آلامها وهم يجرون لها عدة عمليات جراحية لترميم آثار الاعتداء.
لم ينته حزن الرجل بمجرد القبض على المجرم. إنه لا يستطيع أن يحتمل فكرة أن يمضي المعتدي عشر سنوات في السجن ثم يخرج ليواصل حياته وقد يهاجم فتيات أخريات. سيسير طليقاً في الشوارع ويراقب ضحاياه ويخطط لاقتحام بيوتهن. إن من يضرب أمه ويتحرش بشقيقته ليس بشراً سوياً، وهو لا يتورع عن أبشع الأفعال.
في الأسبوع الماضي دخل لودفيك على ابنته ورأى عينيها مفتوحتين. وبعد أيام باتت قادرة على تبادل بضع عبارات معه. قال للأطباء إنه أسعد يوم في حياته. وكرر العبارات نفسها في المحكمة، وهو يبكي ويمسح زجاج نظارته. ثم التفت نحو الحاضرين وأضاف: «مرت علي لحظات كان الحزن يدمرني فيها. لم أكن حزيناً وغاضباً فحسب بل كرهت ذلك الوحش وقررت أن أقتله بيدي لأشفي غليلي. أي أب لا يفكر مثلي حين يتعلق الأمر بطفلته؟ كان المعتدي محظوظاً لأن الشرطة عثرت عليه قبلي».
ويبقى السؤال: هل يكون مجرماً من ينتقم بيديه من مغتصب ابنته؟