ربما لا يعتبر الزوج مجرماً وفقاً للثابت في الأوراق الرسمية، وأمام جهات التحقيق، لكن الصدفة هي من قادت إلى الخروج من النفق المُظلم والبراءة، بعدما أشارت إليه أصابع الاتهام بأنه قتل زوجته، لكن نجله الصغير الذي لم يتجاوز الـ8 سنوات وببراءة الأطفال، أنقذه من الإعدام من دون أن يدري. هكذا جرت الأمور وسط العاصمة، لكن التفاصيل الحزينة التي عاشتها المجني عليها لا تعفي الزوج أبداً من تفاصيل ما حدث، ربما لم تمتد يده إليها بالقتل، لكنه تمادى في قتلها، نفسياً ومعنوياً، واغتال أنوثتها، ما دفعها إلى هذه النهاية المأساوية التي شاهدها طفلهما الوحيد، تفاصيل مُثيرة وحزينة سنحاول توضيحها خلال السطور القادمة.
الحب لا يغيّر أحياناً
بدأت القصة منذ بضع سنوات، وقتها قرر زوج المجني عليها التقدم لخطبتها، بعدما شاهدها في إحدى المناسبات، لم يستغرق وقتاً طويلاً في التفكير، حاول التقرّب منها عن طريق أحد الأقارب الذي كان همزة الوصل بينهما، حيث فاتحها في أمر الارتباط بها، فوافقت، ما شجعه على التقدم إلى خطبتها، ورغم معارضة أسرة العروس في بداية الأمر بسبب عدم جاهزية العريس بالشكل الأمثل، لكن إصرار الفتاة على عريسها كان له عنصر الحسم. بذلت الفتاة الغالي والرخيص من أجل حبيبها للحفاظ عليه، رغم علمها بسوء طباعه وعصبيته الزائدة عن الحد، إلا أنها كانت تثق بقدرتها على تغييره، خصوصاً أنها كانت تعلم بشكل يصل إلى اليقين، أنه يذوب فيها عشقاً.. وعَدها بالتغيير الشامل في حياته، ولم يلتزم به ،سوى في السنوات الأولى من الزواج، بعدها عاد إلى استهتاره وسلوكاته السيّئة، وعصبيّته الزائدة، خذلها زوجها، وانهارت في لحظات فارقة من حياتها، كل طموحاتها وأحلامها.
استهتار الزوج يدمّر العائلة
بدأت الخلافات الزوجية تضرب المنزل الهادئ بسبب زيادة النفقات، وأعباء الحياة، كانت أكبر المشاكل التي عصفت بالحياة الزوجية هي إصرار الزوج على قضاء وقت طويل من يومه مع أصدقائه، وفي المقاهي، بشكل فيه نوع من الاستهتار واللامبالاة، حاولت الزوجة كثيراً أن تسير بها الحياة رغم كل شيء. الحياة التي عاشتها بحلوها ومرّها، لم تعد المسكّنات تجدي فيها نفعاً، تغلّبت على الكثير من الصعاب، وتحمّلت أصعب الآلام حتى تصل بسفينة حياتها إلى بر الأمان، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث أوشكت سفينتها على الغرق، ولن يستطيع أحد انتشالها بعد أن جرفها تيار الخلافات، وسيطرت عليها المشاكل، فلم تعد تتحمل.
الزوجة تهدّد بالانتحار والزوج لا يبالي
وقع خلاف كبير بين الزوجين بسبب عدم اكتراث الزوج بأعباء الحياة، والبيت، وقيامه بإنفاق الكثير من الأموال على ملذاته، وتضييع وقت طويل في المقاهي، رغم احتياج المنزل. احتدم النقاش بين الطرفين، وأثناء المشاجرة هددت الزوجة زوجها بالانتحار للتخلص من هذه الحياة الصعبة، إذا لم يبتعد عنها. كان الطفل الصغير يشاهد المشاجرة العنيفة بين والدته ووالده، ومن ثم حاول منع والده من التعدي بالضرب على والدته، لكن لم يتمكن من فعل أي شيء، سوى الصراخ، والعويل، والبكاء، والاستغاثة، وكأن صراخه كان جرس إنذار للجميع بالإسراع لإنقاذها، بعدما هددت زوجها بالانتحار، لكنه لم يلقِ لها بالاً، كان يظن أنها مجرد تهديدات فقط، لا غير، مثلها مثل كل المشاجرات السابقة، لكن يبدو أن المرات السابقة كانت جرس إنذار لم يهتم به الزوج، حتى جاءت لحظة التنفيذ.
احتضنت ابنها وودعته ثم..
لم تحتمل الزوجة ضيق الحياة، وكثرة الخلافات الزوجية أكثر من ذلك، نظرت إلى طفلها الوحيد، عيناها كانتا دامعتين، نبضات قلبها زادت خفقاناً كأنها مُقبلة على أمر جلل، احتضنت طفلها بشدة في مشهد مؤثر كأنها تودّعه ولسان حالها يقول له «كان نفسي أفضل جنبك»، ولم تمرّ سوى دقائق معدودات حتى انتهى كل شيء، هرولت الزوجة إلى شرفة منزلها، وألقت بنفسها من الطابق السابع، وسقطت جثة هامدة.
فوجئ المارة والأهالي بسقوط جارتهم من شرفتها، وغطت دماؤها الشارع، الجميع في حالة حيرة، هرول زوجها إلى الشارع، كان ينظر لجثة زوجته بحزن، والدموع تملأ عينيه، قام على الفور بنقلها بمساعدة الأهالي إلى مستشفى العاصمة، لكن كل شيء انتهى، كل المحاولات باءت بالفشل، حيث أكد أطباء الطوارئ أن المجني عليها فارقت الحياة قبل وصولها إلى المستشفى، متأثرة بإصابتها.. تم إبلاغ رجال شرطة العاصمة، كما تم التحفظ على الزوج للاستماع لأقواله لمعرفة تفاصيل ما حدث.
اتهام الزوج بالقتل
على الجانب الآخر، فجّرت أسرة المجني عليها مفاجأة من العيار الثقيل، عندما قامت بتحرير محضر ضد الزوج، حيث وجهت له اتهاماً مباشراً بقتل زوجته، مؤكدة أن كريمتها لم تنتحر، وإنما ألقى بها زوجها من الشرفة بسبب الخلافات الزوجية بينهما. كان كلام أسرة المجني عليها كفيلاً بالتحفظ على الزوج بعد توجيه اتهام مباشر له بقتل زوجته، حيث بدأ فاصل من التحقيقات والتحريات الدقيقة، كانت كل التحريات تشير إلى ضلوع الزوج، بشكل أو بآخر في قتل زوجته، إلا أن تغييراً كبيراً حوّل دفة القضية تماماً من اتهام الزوج بقتل زوجته إلى البراءة.
الطفل أنقذ والده من حبل المشنقة
أجرى رجال البحث الجنائي تحريات موسعة أثبتت وجود خلافات كبيرة منذ فترة بين الزوج المتهم، والزوجة المجني عليها، ويوم الحادث أكد الجيران أنهم سمعوا أصوات مشادة عنيفة بين الزوجين، لكن تفاصيل صغيرة جداً كشفت كل شيء، حيث أكد الطفل ابن الـ 8 سنوات، أن والده لم يقتل والدته، ولم يدفعها من الشرفة كما قيل، مؤكداً أن والدته تشاجرت مع والده فقام بالتعدي عليها بالضرب، ما دفعها لتهديده بالانتحار، لكنه تركها ودخل غرفته، وبعد دقائق معدودات اتجهت المجني عليها إلى شرفة المنزل، وألقت بنفسها، من دون أن يقترب منها أي شخص.
كانت هذه الكلمات كفيلة بتغيير مجرى القضية تماماً، إلى جريمة انتحار، حيث تم إخلاء سبيل الزوج بضمان محل إقامته بعد انتفاء تهمة القتل العمد لزوجته، ليُسدل الستار على هذه الجريمة الحزينة، لكن مأساة الطفل لن تنتهي بسهولة، خصوصاً وهو يتذكر مشهد قيام والدته بالتخلص من حياتها أمامه.
* القاهرة – كريم سليمان
اقرأ أيضاً: أم العريس تلقي بعروس نجلها من الشرفة في شهر العسل