بعد أن أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع ازدياد أعداد المشتركين فيها، ساد الاعتقاد بسهولة الوصول إلى أرقام متابعين كبيرة بمجرد كتابة عناوين مثيرة، أو طرح مواضيع جدليّة، فالنجاح لم يعُد بالصعوبة التي كان عليها، ولا يتطلب الأمر عملاً، أو مثابرة من أجل ذلك.
ويعتقد البعض أن النجاح على وسائل التواصل الاجتماعي يتعلق بأرقام المتابعين التي كلما كانت أكبر وازدادت، أصبح الوضع أفضل، والشهرة أسرع، ولكن، إن كان عدد المتابعين هو المقياس الجيد للشركات والعلامات التجارية التي تبحث عن تسويق بضائعها لأكبر عدد من الناس، فهل هو كذلك بالنسبة إلى الأفراد من صنّاع المحتوى الذين لن ينجحوا ما لم تكن لديهم استراتيجية واضحة وجيدة؟
وهل يعرف الناس كم يناضل صنّاع المحتوى من أجل المحافظة على المتابعين، أو زيادة أعدادهم، بدءاً من لحظة التخطيط لأهدافهم والاجتهاد في الكتابة، أو الرسم، أو تقديم محتوى ذي جودة عالية للحصول على جماهير، ومن ثمّ المثابرة أكثر من أجل المحافظة عليها؟
ويطرح البعض تساؤلات عن مدى حاجة الأفراد من صنّاع المحتوى إلى استراتيجية تعزز حضورهم على هذه الوسائل، وتساعدهم في البقاء على مستوى النجاح الذي وصلوا إليه، فمادام نجاحٌ قد تحقق من أول مرة، فليس صعباً إعادة تحقيقه بناء على عنوان يلفت الانتباه، أو لقطات طريفة، والاكتفاء بذلك.
ولا يدرك هؤلاء بأن النجاح على هذه الوسائل يتطلب جهداً أكبر، ومثابرة فردية، من أجل بقاء صانع المحتوى على ذلك المستوى، والسعي من أجل التطور للأفضل.
إن الواقع يقول إن وجود رقم متابعين كبير، لا يُعد مقياساً للنجاح، فلا أحد يعرف ما إذا كانوا يحصلون على فائدة، وما إذا كانت مستمرة، وما إذا كان المحتوى سينمو محققاً نجاحاً بلا توقف.
ولكن كيف يمكن تحديد النجاح، وما إذا كان الجهد المبذول في الحساب يؤتي ثماره حقاً؟
إن ماهية النجاح على وسائل التواصل الاجتماعي تعتمد على تحليل الوضع، ونوعية المتابعين، بغرض تقييم نقاط القوة، والضعف، والفرص، ليعرف صانع المحتوى ما إذا كان من يتابعون الحساب يجنون فائدة حقيقية ،أم هم مجرد رقم قد يتبدل في لحظات.
وإن كانت مؤشرات أداء التجارة الإلكترونية المختلفة كثيرة، وقادرة على تتبّع وقياس نمو أصحاب الأعمال والشركات، عبر قنوات التواصل الاجتماعي، فكيف يمكن لصانع المحتوى معرفة مدة نجاح استراتيجيّته، وما إذا كانت فعّالة، وتساعده على تحقيق أهدافه، وأن الأرقام الكبيرة التي يمكن تعريفها بالمتابعين الجادّين، قد جاؤوا ليبقوا هناك؟
والإجابة عن هذا التساؤل تبدأ من ضرورة قيام صانع المحتوى برسم استراتيجية، لأن النجاح لا يعتمد على نجاح جاء بالصدفة، بل عليه استهداف جمهوره المناسب الذي يعتبر وصول رسائل محتواه إليه نجاحاً قد تعبّر عنه انطباعاته، أو الاهتمام بمشاركة منشوراته مع الآخرين.
وعلى الرغم من اعتبار الانطباعات وردود الفعل مؤشراً للنجاح، لكنها نتيجة غير واضحة، فلا يعني وجود الآلاف من متابعي الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم سيبقون هناك دائماً، ما لم يتمكن صانع المحتوى من المحافظة عليهم، بكل ما يمكنه من جهد ومحتوى يحترم تفكيرهم، وذكاءهم.