هذا الفيلم هو لمخرج عربي الأصل «سام إسماعيل»، كتب وأخرج ما يمكن اعتباره فيلم خيال- علمي، جديداً في فكرته (الولايات المتحدة | 2023)، حيث لا أحد يعلم ما الذي يحدث تحديداً، محوّلاً حياة أبطاله إلى جحيم.
هناك خطر كبير إذا ما أقدم فيلم ما على إخفاء أسباب الأزمة التي يعرضها. لكن فيلم سام إسماعيل (له خلفية تلفزيونية أمريكية ناجحة)، يجرؤ على إخفاء تلك الأسباب، وتحويل ما نراه إلى لغز متواصل، من دون أن يشكل ذلك أي نقص، أو تقصير. على العكس، ربما إبقاء ما يدور من دون إفصاح عن هويّته أو هيئته أفضل مما لو فعل، لأن تغييب هذا الحقيقة يساعد الفيلم على إتقان تشويقه، وربما على نحو مضاعف.
«اترك العالم وراءك»، فيلم خيال علمي حول غزو الأرض، من دون أن نعرف من هو الغازي. ما نراه هو تأثير الغزو بقطع اتصالات، والتسبب بكوارث طيران وسير، وعزل الناس عن بعضهم بعضاً.
عائلة ساندفورد المؤلفة من الزوج (إيثان هوك)، والزوجة (جوليا روبرتس)، وابنهما الشاب آرتشي (تشارلي إيفنز)، وابنتهما الصغيرة روز (فرح مكنزي)، ينتقلون من مدينة نيويورك إلى بيت قاموا باستئجاره يقع على ساحل الولاية. وفي مشهد مبكّر تلحظ روز باخرة ضخمة متّجهة إلى الشاطئ، لا لكي ترسو في الميناء، بل لتصل إلى رمال الشاطئ نفسها. يهرع من على الشاطئ هرباً، أو مبتعداً. لا شيء يشي بأن هناك حياة مأهولة فوق تلك الباخرة. وفي ساعة متأخرة من الليلة ذاتها يسمع الزوجان طرقاً على الباب. الطارق هو أفرو أمريكي، سكوت (ماهرشالا علي)، وابنته روث (ميهالا)، هو صاحب البيت، ويبرر حضوره بأن الطرق مسدودة، ولا يبدو أن هناك حياة من أي نوع في تلك الليلة.
يوظف الفيلم ذلك القدوم المفاجئ لسكوت، من حيث إن الزوجة أماندا لم تكن تتوقع أن يشاركها أحد في هذا المنزل، حتى لو كان صاحبه. الزوج كلاي أكثر تفهماً، لكن جزءاً لا بأس به من الحبكة يدور حول هذا الوضع، من قبل أن يكتشف الجميع أن الوضع كارثي، وأن هناك غزواً ما، غير معروف المصدر. الهواتف والمحطات التلفزيونية وأي نوع من التواصل على الإنترنت، كلها مقفلة.
وفي مشهد دال، يقول جار لهما (الجيد على قصر دوره كَفن باكون) إن مصدر الغزو سيبراني في الأساس، من فعل كوري- صيني، لكن الزوج كلاي في محاولته في اليوم السابق البحث عن مكان مأهول، يلتقط منشوراً ساقطاً من السماء فيه، بالعربية، «الموت لأمريكا».
لاحقاً، يعرب سكوت عن رأيه في هذا الموضوع: «أمريكا خلقت لنفسها عداوات دولية كثيرة. ربما اجتمعت على النيل منها». لا يكشف الفيلم ماهية هذا الغزو، لكنه لا يُبقي المسألة خارج نطاق المقارنة بين الحقيقة الغائبة، ونظرية المؤامرة التي اشتغلت عليها أفلام السبعينات.
يذكّر الفيلم بأعمال م. نايت شيامالان، منها «القرية»، 2004، و«علامات»، 2002 و«الحاسة السادسة» (1999)، لكن المميّز في هذا الفيلم عن مجمل ما قام شيامالان بتحقيقه هو تأمين وصول شحنة التشويق صافية. لا يهم ما الذي يحدث في الخفاء وحده، بل كيف يتصرّف الناس تبعاً لذلك. أيضاً يفعّل إسماعيل العلاقات بين أبطاله على نحو مدروس.
هناك شخصيات حقيقية بمخاوفها المبرّرة، وتمثيل ممتاز من جوليا روبرتس، وإيثان هوك، وماهرشالا علي. في الواقع، الفيلم مُسرد بقوّة شخصياته، وما تتبادله من مواقف، وسام إسماعيل يفعل كل ذلك بمقدرة ممتازة من دون أن يفلت منه أي خيط. التشويق مضمون من البداية وحتى آخر خمس دقائق. بعد ذلك هناك خاتمة مخيّبة للآمال.
عروض: على المنصّات الإلكترونية
اقرأ أيضاً: معلومات لا تعرفها عن نجمة هوليوود جوليا روبرتس