18 يناير 2024

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

محرر متعاون - مكتب القاهرة

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

تعكس مجموعة القلائد والحلي التي عثر عليها مطلع القرن التاسع عشر، في مقبرة الفرعون الذهبي، توت عنخ آمون، مدى براعة المصريين القدماء في صناعة الحلي والمجوهرات، على مختلف أشكالها، سواء الذهبية، أو تلك التي تستخدم الأحجار الكريمة، ما يجعلها ثروة لا تقدّر بثمن.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

يرجع تاريخ تلك المجموعة الفريدة، التي تضم أكثر من خمسة آلاف قطعة، بعضها مصنوع من الذهب ومطعّم بالإليكتروم واللازورد والزجاج، وبعضها الآخر مطعّم بالأحجار الكريمة، إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، وتعكس، على دقتها، مدى براعة المصريين القدماء في صناعة الحلي، وهذا ما يستطيع مشاهدته الزائر للقاعة، التي خصصتها مصر في متحف الحضارة لكنوز الفرعون الذهبي.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

هذا ما يمكن ملاحظته بسهولة في القلادة المعروفة باسم ذات الجعارين الثلاثة، وهي عبارة عن قلادة تتكون من دلاية فيها ثلاث جعارين، وأسفل كل واحد منها العلامة الهيروغليفية «نب»، فيما يرفع الجعران الموجود في المنتصف قرص الهلال والقمر، ويمثل الجزء السفلي من الدلاية، زهرات وبراعم اللوتس، بينما يمثل ثقل القلادة المعبود «حج- إله الأبدية».

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

تعود قلائد الملك توت تاريخياً إلى عصر الدولة الحديثة، وقد عثر عليها في منطقة وادي الملوك، داخل مقبرته الملكية التي اكتشفها هيوارد كارتر عام 1922، ووصفت وقتها بأنها أكمل الكنوز الملكية التي عثر عليها في العصر الحديث، وهي تتكون من خمسة آلاف وثلاثمئة وثماني وتسعين قطعة.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

تضم هذه الكنوز القناع الذهبي للفرعون، إلى جانب ثلاثة توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص، والآخران من خشب مذهب، وجميعها تعكس النهضة التي عاشتها مصر في عصر الأسرة الثامنة عشرة، التي تمثل أزهى عصور الدولة الحديثة، التي كونت فيها مصر إمبراطورية عظيمة في الشرق الأدنى، وانفتحت على أقاليم الشرق الأدنى القديم، ليس بفضل الحملات العسكرية فقط، وإنما بالعلاقات التجارية مع بلدان الشرق الأدنى، التي شملت تصدير واستيراد الموارد والمنتجات المختلفة

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

كان توت عنخ آمون، حسبما يبدو من تماثيله التي عثر عليها وتفاصيل قناعه الذهبي، شاباً وسيماً إلى حد كبير، خفيف البنية، متوسط الطول، فيما تشير الصفة التشريحية لموميائه إلى أن جمجمته كانت من النوع المستطيل العريض، ما يشي بأنه كان كبير الحجم، ولكن ليس بشكل مفرط، فملامح وجهه كانت دقيقة بشكل ملحوظ، وهي واحدة من السّمات التي كانت تميز أسلافه من ملوك الأسرة الثامنة عشرة، بخاصة والده الملك أخناتون، الذي تشير العديد من الدراسات التاريخية إلى انه حكم مصر لمدة بلغت سبعة عشر عاماً، وأنه أنجب ابنه توت خلال العام الأخير من حياته، وربما يفسر ذلك تولي الابن عرش البلاد وعمره لا يزيد على تسع، أو عشر سنوات.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

كان هوارد كارتر، حسبما تقول الآثارية سارة رمضان، أول إنسان يدخل إلى مقبرة الفرعون الذهبي، بعد أن ظلت مغلقة لأكثر من ثلاثة آلاف عام، قبل أن تبوح له المقبرة الملكية بالعديد من أسرارها، بعد وصوله إلى مومياء الملك ليجده في كامل زينته، وهو يرتدي تلك القلائد والخواتم، ويضع فوق رأسه التاج الملكي، فيما يمسك بكلتا يديه بالعصي الملكية المصنوعة من الذهب الخالص.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

وتقول سارة «من أجل الوصول إلى تلك الكنوز الفريدة، اضطر فريق التنقيب إلى فصل جمجمة مومياء الملك، وكذلك فصل العظام الرئيسية من مفاصلها، للحصول على الحلي، ثم إعادة تركيب الهيكل العظمي للمومياء، ووضعها في تابوتها الخشبي. لكن مقبرة توت رغم ذلك، تُعد المقبرة الملكية الوحيدة التي وصلت إلى أيدينا كاملة، فقد ظلت المقبرة، لقرون بعيدة، مطمورة تحت رمال الصحراء، ويقال إن عاصفة مطيرة في الزمان السحيق، غسلت جميع الآثار المؤدية إلى مدخل المقبرة، ما ساعد على بقائها بعيداً عن أيدي اللصوص والعابثين على مرّ التاريخ».

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

ينظر كثير من الآثاريين إلى مجموعة كنوز توت عنخ آمون، باعتبارها الأكثر كمالاً وندرة بين كنوز الملوك الآخرين، بما تضمه من مجموعات كبيرة من القطع الذهبية التي يصل عددها إلى 358 قطعة، من بينها القناع الذهبي للفرعون الشاب، إلى جانب تابوته الذهبي. ويقول هؤلاء إن قطع المجوهرات التي عثر عليها في المقبرة تعكس إلى حد كبير، نمط الحياة في القصور الملكية في مصر القديمة، ومن أهم هذه القطع، عرش الملك المصنوع من الخشب المحفور، المكسو بالذهب، والمزخرف بالعديد من الألوان البديعة، والأحجار والفضة، إلى جانب قلائد الملك توت عنخ آمون. وقد حيّرت إحداها معظم الباحثين، بسبب الجعران الموجود فيها، المصنوع من الزجاج الأصفر، فالزجاج يكتسب هذا اللون عند درجة حرارة 15 ألف درجة مئوية، ما يعني صراحة أنه لم يتكون في ذاك الزمان السحيق إلا بسبب انفجار كوني، ربما يكون قد نتج عن اصطدام نيزك كبير بالغلاف الجوي، وعند ملامسته للأرض في مصر انصهر في الرمال وتحول إلى طبقة من الزجاج، الذي لم يكن يستخدم في تلك العصور البعيدة إلا في صناعة الحلي للملوك فقط.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

كانت الصناديق الصغيرة المبعثرة في مقبرة توت عنخ آمون، تحمل العديد من القطع الذهبية والمجوهرات الخاصة بالفرعون الشاب، وقد صنعت تلك الصناديق من الأبنوس والأرز، وكانت تحملها فهود ذهبية، وقد عثر هيوارد كارتر في أحدها، عندما قام بفتحه، على وشاح معقود من الكتان، عثر بداخله على مجموعة من الخواتم الذهبية، وزوج مميز من الصنادل المزينة بإتقان، وقد صنع الصندلان من الخشب، بينما تمت تغطيتهما باللحاء والجلد والذهب.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

لا يتوقف الإبهار في كنوز الفرعون الذهبي عند حد روعة تلك القطع الفريدة من المجوهرات الملكية، لكنه يمتد إلى ما صاحب اكتشاف تلك المقبرة الملكية من إثارة، ارتبطت بما قيل، على مدار عقود، إنه يسمى بـ«لعنة الفراعنة»، استناداً إلى عدد من الحوادث الغريبة التي تعرّض لها كل من عملوا في اكتشاف مقبرة توت، وعلى رأسهم هوارد كارتر نفسه، الذي فوجئ في اليوم نفسه الذي دخل فيه إلى مقبرة الفرعون الذهبي، بحيّة سوداء ضخمة تنتظره في استراحته بالأقصر، كادت تقتله لكنها اكتفت بابتلاع عصفوره المفضل، قبل أن يأتيه خبر وفاة الأثري المصري محمد زكريا، الذي عاونه في اكتشاف المقبرة.

مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون.. نفائس المجوهرات في مصر القديمة

بدت الحادثتان في بادئ الأمر أقرب ما تكون إلى مصادفات طبيعية، قبل أن يفاجأ كارتر بعدها، بأشهر قليلة، بنبأ وفاة اللورد جورج كارنارفون، مموّل عملية الاكتشاف، وقيل وقتها إن الوفاة كانت نتيجة لدغة بعوضة تعرّض لها عند زيارته للمقبرة، بعد اكتشافها من قبل كارتر.

ويقول الكاتب فيليب فاندنبرغ، في كتابه «لعنة الفراعنة»، الذي يصنف باعتباره الأكثر شهرة حول العالم، إن عدد من توفوا في حوادث غامضة بعد فتح مقبرة توت عنخ آمون، وصل إلى 22 شخصاً، كانوا أول من شاهد تلك الكنوز، وشاركوا في التنقيب عن مقبرة الفرعون الذهبي.

* تصوير: أحمد شاكر

اقرأ أيضاً:
- أسرار مقبرة الملك رمسيس الثالث.. أجمل المقابر الملكية في الأقصر
- خفراء المعابد.. قصص وأساطير مرعبة عن «أشباح الليل»