بسبب التاريخ الطويل من الثقة المتبادلة بين الفنان يحيى الفخراني وجمهوره، في ما قدّمه عبر تاريخه الطويل المتنوع، كان الجمهور في انتظار طلّة النجم الكبير عبر مسلسله الجديد «عتبات البهجة»، بعد غياب عامين.
المسلسل مأخوذ عن رواية للأديب إبراهيم عبد المجيد، صدرت بالاسم نفسه عام 2005، كتب المعالجة الدرامية وأشرف على كتابتها السيناريست مدحت العدل، فيما قام بكتابة السيناريو والحوار ورشة ضمت 4 كتاب شباب جدد، وأخرج المسلسل مجدي أبو عميرة، بعد غياب أربع سنوات، منذ إخراج مسلسل «قوت القلوب» عام 2020، وشارك الفخراني في بطولة العمل كل من: صلاح عبد الله، جومانا مراد، صفاء الطوخي، وفاء صادق، وسما إبراهيم، هنادي مهنا، وفي دورَي حفيدَي «بهجت» الشابين خالد شباط وبسنت أبو باشا، إضافة إلى مجموعة كبيرة من الممثلين، والوجوه الجديدة.
تستند الرواية المكتوبة إلى علاقة صديقين في مرحلة عمرية متقدمة، بعد أن أحيل كل منهما إلى التقاعد، فيحاول كل منهما بطريقته، مقاومة فكرة انسحاب الزمن عنه، فيبحث كل منهما عن البهجة لنفسه، ولمن حوله، وعدم الاستسلام لملل الحياة في هذه السّن المتقدمة، غير أن البهجة التي يبحثان عنها دائماً لا تتجاوز «العتبة».
من كواليس المسلسل
لعب سيناريو وحوار المسلسل على هذه التيمة، لكنه أضاف إليها محاور وقضايا اجتماعية أخرى، مثل الابتزاز الذي تتعرض له الفتيات عبر مواقع الإنترنت، وأزمة التعليم والدروس الخصوصية، وانتشار المخدرات بين الشباب، غير أن المسلسل كان على تماسّ معها جميعاً، من دون التعمّق فيها، ربما أن السبب المباشر كان في قصر العمل على 15 حلقة فقط، فجاءت النتيجة على عكس توقع الجمهور لكل أعمال النجم يحيى الفخراني، وأعمال عدّة ناجحة، لكل من كاتب المعالجة الدرامية السيناريست مدحت العدل، ومخرج المسلسل مجدي أبو عميرة.
الفخراني وهنادي مهنا
التعامل مع قشور أحداث الرواية وشخصياتها، خلق حالة مفتعلة من منطقية الأحداث وتركيبة الشخصيات التي بدت أغلبها باهتة، بما فيها شخصية البطل «بهجت الأنصاري»، فضلاً عن غياب الأحداث الدرامية المشوّقة، التي تدفع المشاهد لمتابعة العمل، إضافة إلى بطء المشاهد، وطولها أكثر من اللازم، مع قصر مساحة الصراع وحجم الأحداث في كل حلقة، ما أعطى انطباعاً بوجود «مط» في الحلقات، رغم أنها كتبت في 15 حلقة فقط، ما يؤخذ على الإخراج بعد السيناريو.
لم تكن تلك هي المشاكل الوحيدة في العمل، بل تضاف إليها مشكلة اختيار فريق العمل، بعيداً عن شخصيتَي الصديقين، يحيى الفخراني وصلاح عبد الله، وبدا ذلك واضحاً في شخصية الحفيد التي جسدها الشاب خالد شباط، ومغنّي المهرجانات الشخصية التي قدمها مصطفى عنبة، وشخصية السيدة الشعبية صاحبة «الكشك» التي جسدتها النجمة جومانا مراد، وشقيقتها التي جسدتها هنادي مهنا.
ربما حرص السيناريو على المحافظة على روح الرواية وفلسفتها، وحاول أن يضيف إلى شخصياتها الرئيسية عالماً موازياً، بإضافة العلاقة بين بهجت وأحفاده التي لم تكن موجودة في الرواية الأصلية، وفكرة صراع الأجيال، وعالم مطربي المهرجانات، والمخدرات عبر «الإنترنت»، ومشاكل مواقع التواصل الاجتماعي، لخلق واقع معاصر، وعمل خطوط درامية جديدة، وإضافية، غير أنه ظل على تماس مع كل تلك الخطوط، ولم يدخل فيها بعمق يعتمد على صراع درامي حقيقي يأخذ الحدث للأمام.
على الرغم من ذلك كله، يبقى أداء الفنان الكبير يحيى الفخراني، هو المنقذ الوحيد للعمل في المشاهد التي ظهر فيها، بأداء بسيط وسلس، ينفذ إلى القلب، مقدماً حالة إبداعية استثنائية، إضافة إلى المشاهد التي جمعته بصديقه «عرفان» الذي قدمه صلاح عبد الله، والمشاهد التي جمعت «عرفان» بزوجته «علية» التي جسدتها الفنانة سما إبراهيم.
أيضاً لم يستطع الإخراج بقيادة القدير مجدي أبو عميرة أن يقترب من هذا العالم الذي تحدثنا عنه، ولم يساعده أداء الممثلين في الشخصيات الثانية، سواء الحفيد خالد شباط، أو السيدة الشعبية «نعناعة» بأداء تقليدي انتهى منذ دراما الثمانينات، وكذلك شقيقتها «فلة»، كما لم يساعد السيناريو مخرج العمل على خلق أجواء من التشويق والإثارة، أو حتى من البهجة، وهو الهدف الرئيسي في الرواية، وهو ما فقدته كتابة «الورشة»، وربما نجا من ذلك كله، إذا ما اعتمد العمل على كاتب واحد في كتابة السيناريو والحوار.
* القاهرة: أحمد إبراهيم