منال الجابر: شغف مساعدة الآخرين قرّبني من العمل الإنساني والقناعة هي مفتاح السعادة
كان لنشأتها دور كبير في رسم معالم شخصيتها ومسيرتها، ورغم تنوّع محطاتها بين ريادة الأعمال والعمل الإذاعي، يبقى العمل الإنساني والاجتماعي هاجسها الأول، الذي رسم لها معالم خارطة التميّز والنجاح.. هي منال الجابر، رائدة الأعمال، ومستشارة الاتصال الحكومي في جمعية الإحسان الخيرية.
أثناء تقديمها برنامج «أيادي الإحسان» الخيري
كيف أثّرت ظروف نشأة منال الجابر في شخصيتها واختيار مسار حياتها؟
ولدت في دولة الكويت، ووجدت نفسي جزءاً من عائلة كبيرة مُحبة، كان ترتيبي الأول بين الإخوة والأخوات، ورغم المبادئ الصارمة التي نشأت عليها، إلا أننا كنا محاطين بحب وتماسك كبيرين، عزز كل ذلك، إلى جانب التجارب المختلفة التي عشتها بحكم طبيعة عمل والدي في التجارة بين الإمارات والكويت، وتنوّع الأجواء الاجتماعية والثقافية في كلا البلدين، من شخصيتي واختيار مسار حياتي.
تكريمها من قبل الشيخ الدكتور عبد العزيز النعيمي
في مسيرتك العملية الكثير من المحطات، هل لكِ أن تطلّي بنا على أهمّها؟
في سِن الـ 26، وبعد الأزمة المالية التي تعرضت لها أسرتي، قررت دخول مجال العمل، بدأت كمتطوعة في جمعية أم المؤمنين، برفقة اثنتين من شقيقاتي، كانت الرحلة مملوءة بالتعلّم والتحدّيات، لكن بفضل دعم وتشجيع أسرتي التي وثقت وآمنت بقدراتي، تمكنت من اتخاذ الخطوات المناسبة، وإثبات مهاراتي وتطويرها، وتحقيق النجاح. دفعني شغفي للعمل والرغبة في التطور إلى البحث عن فرصة في مجال آخر، حصلت على وظيفة في بنك دبي الإسلامي، وبدأت رحلة جديدة أخرى في تطوير مهاراتي اللغوية باللغة الإنجليزية، واكتشاف مهارات أخرى، حيث شكلت تجربة العمل في مجال الحسابات تحدياً جديداً لما يتطلبه من سرعة ودقة في التحكم في ملفات مختلفة، وفق وقت قياسي.
وفي عام 2011 قررت البحث عن فرصة عمل أخرى في مجالات وأماكن مختلفة، بما فيها جمعية الإحسان الخيرية، بعد فترة تلقيت اتصال من الجمعية لغرض إجراء المقابلة كموظفة استقبال، بعد تفكير طويل قررت قبول العمل رغم بساطة الوظيفة، وبالصبر، والابتسامة، وحسن التعامل، تمكنت أن أكون محط تساؤل واهتمام الكثيرين، حيث كانت لديّ الفرصة للتعامل مع الكثير من الأشخاص، لأفاجأ بعد ثلاثة أشهر فقط بالفوز بجائزة الموظف المميز في العمل، وبعد فترة وجيزة تمت ترقيتي ضمن قسم العلاقات العامة، تقديراً لجهودي وقدرتي على التعامل مع التحديات، وثقة إدارة الجمعية بإمكاناتي، وهو أمر أشعرني بالفخر والسعادة.
تكريم جمعية الإمارات البيطرية
لا أنكر أنني واجهت بعض التحديات والصعوبات في تحقيق حلمي، والوصول إلى الأهداف، بخاصة بعد التغييرات الكثيرة التي طرأت على حياتي بعد الزواج، وما رافقه من صعوبات في الانتقال بين عجمان والذيد ورأس الخيمة، مقر سكني مع زوجي، في ذلك الوقت أدركت أهمية البحث عن حلول أخرى. وفي عام 2016، وبعد أن علمت بافتتاح فرع جديد للجمعية في رأس الخيمة، قررت تقديم أوراق اعتمادي هناك، وبالفعل بعد فترة انتظار تم تعييني بوظيفة سكرتيرة، ومع مرور الوقت وخلال عملي في مختلف الأماكن كنت حريصة على المشاركة في دورات تدريبية، وورش مختلفة، ساعدتني على اكتساب الكثير من المهارات التي ساهمت في نمو وتطور قدراتي في مجال الاتصال المؤسسي، في وقت لاحق.
وفي عام 2020، وبطلب من الشيخ د. عبد العزيز بن علي بن راشد النعيمي، الرئيس التنفيذي لجمعية الإحسان الخيرية، تم تكليفي بالعمل في مكتب الجمعية الرئيسي حيث أعمل كمستشارة للاتصال الحكومي فيها، تواجدي هو تجربة مختلفة تماماً، زودتني بقيم قيّمة جديدة، عززت من خبراتي، وأضافت الكثير إلى رصيدي المعرفي، وساهمت في تطويري على المستويين، الشخصي والمهني.
تكريمها من مديرة بلدية البوسنة
كرائدة أعمال، ما هي طبيعة الأعمال التي تمارسينها؟
لم يتوقف طموحي عند العمل الوظيفي، وكنت أشعر بطاقة ورغبة كبيرة في التميّز، امتلاكي مهارة الإدارة ساعدني على تأسيس شركتي الخاصة «إم جي إيفنت» لتنظيم الفعاليات والمناسبات، وإتقاني لإدارة العمل في الشركة بشكل محترف واكتسابي مهارة التفاوض وجّه اهتماماتي نحو التنسيق والتسويق، لتقديم خدمات مساعدة أخرى، للأشخاص الذين يبحثون عن الدعم والمشورة لتحقيق أهدافهم، ونجاح أعمالهم، سواء في ريادة الأعمال، أو في مجالات أخرى.
تمكنت من خلال برنامج «أيادي الإحسان» من نقل رسائل الخير والإنسانية في مساعدة المحتاجين
وما الذي أخذك لمجال العمل الإذاعي؟
شغفي بالعمل الإذاعي بدأ منذ الصغر، كنت حريصة على المشاركة في الإذاعة المدرسية، وممارسة دور المذيعة بإجراء حوارات مع أفراد أسرتي، دعمت هذه الموهبة طبقة الصوت التي امتلكها، وبترشيح من الشيخ د. عبد العزيز بن علي بن راشد النعيمي، تم تكليفي بتقديم برنامج «أيادي الإحسان» من على إذاعتَي رأس الخيمة، والرابعة والناس، تمكنت من خلاله نقل رسائل الخير والإنسانية في مساعدة المحتاجين.
تكريمها من قبل الشيخة هند بنت عبد العزيز القاسمي
من خلال تماسّك مع الكثير من الحالات، ما هي الحالة التي استوقفتك؟
يتناول البرنامج قصص الأشخاص الذين هم بحاجة إلى المساعدة في مجالات مختلفة، مثل العلاج الطبي، وكفالة الأيتام، ورعاية أصحاب الهمم، الكثير من القصص لها تأثير كبير، لكن أكثر ما آلمني، وأبكاني، حالة طفل حديث الولادة كان بحاجة إلى عملية جراحية ملحّة، ورعاية خاصة.
كيف تتلمسين تفاعل المجتمع مع المبادرات الإنسانية؟
المشاركة الواسعة، والدعم الكبير الذي يصل البرنامج، والجهات الخيرية بشكل مستمر، يعكسان تماسك المجتمع وروح التعاون والتضامن بين أفراده، ومساعدة الآخرين وإنقاذ الأرواح يؤكد القيم الإنسانية النبيلة التي تسود المجتمع.
ما هو العمل الأقرب لشخصية منال؟
رغبتي في مساعدة الآخرين، أحد الأسباب التي قرّبتني للعمل في المجال الإنساني والاجتماعي، لاكتسب الكثير من المهارات والخبرات التي أهّلتني لتولّي منصب مستشارة الاتصال الحكومي في الجمعية، لغرض تقديم المشورة والتنسيق للاجتماعات، والتواصل مع الشركاء والمانحين، والاستمرار في خدمة الفئات المحتاجة بشكل أكثر فعالية.
تعلّمنا من والدتي أن نكون راضين، وأن القناعة هي مفتاح السعادة
من هي الشخصية التي تركت في منال أثرها؟
مررت بالعديد من المواقف التي جعلتني أدرك قيم القناعة والبساطة التي غرستها فينا والدتي، وبالرغم من وضعنا الاقتصادي البسيط، إلا أننا كنا نشعر بالقناعة، تعلّمنا من والدتي أن نكون راضين، وأن القناعة هي مفتاح السعادة، وبفضل تربيتها تشكلت شخصيتي المتواضعة، المحافظة على قيم الاحترام، والاعتزاز بالنفس، والبساطة المحبة، وتقديم المساعدة للآخرين، في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى لمساعدة.
أين تجدين بصمتك؟
إلى هذا الوقت لا يمكن أن أقول إنني تركت بصمة، أطمح إلى إصدار كتاب يتناول تجاربي الشخصية، أقدم فيه النصائح للشباب الذين يبحثون عن المشورة والإرشاد من أجل العمل والمثابرة لتطوير قدراتهم، واستغلال الفرص، وتحديد الأهداف التي توصلهم إلى النجاح، وتحقيق الأحلام، والذي أعتقد بأنه سيلاقي إقبالاً منقطع النظير.
ماذا تحدثينا عن دور الزوج وأسرتك الصغيرة؟
كزوجة لا يمكن أن أنسى وقوف زوجي المستمر إلى جانبي، خلال جميع مراحل مسيرتي العملية، وتشجيعه لتحقيق أحلامي وتطلعاتي، ووالدتي التي تقدم الدعم والمساندة في إدارة شؤون المنزل خلال غيابي، كأم لخمسة أبناء، عائشة 10 سنوات، محمد 8 سنوات، منصور 6 سنوات، وأمينة وهند، أحاول أن أمنحهم أكبر قدر من وقتي، أنمّي فيهم بعض المهارات، وأشاركهم أحلامهم وتطلّعاتهم.
ما هي طموحاتك على المستويين الشخصي والعملي؟
أرغب في استخدام مهارة التقديم التي امتلكها في إنشاء بودكاست يتناول مواضيع تعالج المشكلات المجتمعية والأسرية، مثل تربية الطفل، والأم العاملة، إلى جانب ريادة الأعمال، وتوجيه رسائل للشباب بأهمية العمل، والتثقيف، وقضايا مجتمعية أخرى.
هل من أنشطة أخرى تحرصين على ممارستها؟
بالتأكيد، إلى جانب الكتابة التي أجد فيها الفرصة في التعبير أفكاري، أحرص على الاهتمام بصحتي البدنية من خلال ممارسة رياضة المشي بشكل يومي.
* تصوير: السيد رمضان