14 أبريل 2024

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج "حديقة مستدامة"

محررة في مجلة كل الأسرة

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

بينها وبين الطبيعة تماسّ خفيّ لا يدرك كنهه إلا من خبِر الانغماس في التربة، وعشق الطبيعة، وتأمّل في مخلوقاتها.

قاد الشغف نعيمة الأميري، مصممة حدائق وبحيرات ونحّالة إماراتية ومربية أسماك، إلى إنشاء «حديقة مجتمعية» في منطقة القرهود بدبي، تعتبر بمثابة الرئة التي تتنفس منها المنطقة ويتوافر فيها نمطان من الزراعة: المائية والتقليدية.

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

نعيمة الأميري، التي تلقّب بـ«عاشقة الجمال والطبيعة» بلورت بداية حلمها بالزراعة في أحواض صديقة للبيئة، ومن ثمّ انتقلت إلى الزراعة التقليدية كامتداد لمساحة بيتها بهدف «زراعة تجميلية للقيام بشيء مفيد لي، ولغيري، باعتبار أنني أسكن في منطقة فلل ومجموعات سكنية تفتقد الحدائق الكبيرة».

أطلقت الأميري على تلك البقعة الغارقة في الخضرة والحياة «الحديقة المجتمعية»، من منطلق رؤية خاصة تواكب مبادئ الاستدامة وشغفها بالزراعة وكمصممة حدائق وبحيرات.

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

وفّرت الحديقة المجتمعية لها، ولمحيطها من الجارات، هذه المساحة الحميمة للتماس مع الأرض، حيث تحوّلت إلى نقطة التقاء لنساء الحي، أو الفريج، وباتت «عامة للمجتمع، وبيئة مستدامة لسكان الفريج من مختلف الجنسيات والثقافات»، كما تقول الأميري التي ترصد في تلك المساحة «لحظات تأمّل تزاوج بين روعة الطبيعة وجمال ما صنع الإنسان».

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

عشق مواسم الزراعة

تولّد حبها للزراعة من والدها «كنت أقصد المزارع مع الوالد، وتعلّمت منه أساسيات الزراعة، كما أن حبي للمغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، وشغفه بالأرض ومقولته «أعطوني زراعة أعطِكم حضارة»، كلها عوامل شجعتني على خوض المجال وتنمية هوايتي في هذا القطاع».

في أغلب الأوقات، تكون الهدية التي أحملها لأي جار جديد «شتلات» للزراعة، وأتلمّس لدى هؤلاء افتقادهم روح «الضيعة»

ولكن ما الأساسيات التي علّمها إيّاها الوالد؟

تجيب «علّمني الوالد أساسيات الزراعة التقليدية من الأرض إلى الأرض، وطرق التسميد من روث الحيوانات، ومخلّفات المزارع، وتقليم الأشجار، ومواعيد تقليمها، سواء النخيل، أو الحمضيات، كما عرّفني بمواسم زراعة الخضراوات الحقلية، حيث هناك «عروتان زراعيتان»، أي موسمان».

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

يضم الموسم الأول أنواعاً عدّة من الخضراوات، منها الطماطم، الفلفل، الخس، الزعتر الفلسطيني، الريحان، إكليل الجبل (الروز ماري)، النعناع، البقدونس، الفجل، الجزر، وغيرها.

أما الموسم الثاني، فيضم الملوخية، السبانخ، الخيار، الترمس، السمسم، الفاصولياء، البطيخ والشمام، والبطاطا الحلوة.

ينطلق هدف الأميري من نقطة إصرار وتأكيد على إمكانية حدوث خسائر، إلا أنه «يجب ألا نفقد حماستنا، ونعود لنجدد الحديقة ونزرع من جديد للموسم الزراعي المقبل».

ولم تغفل الأميري زراعة العديد من الفواكه ومنها الموز، البابايا، الرمّان، فاكهة شريفة (أي القشطة)، اليتشه، الروز أبل (التفاح الوردي).

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

نعيمة الأميري .. «سيدة الاستدامة»

منذ 20 عاماً والأميري تزرع، وتتعلم، وتصقل خبراتها، وتوظف تخصصها كمصممة حدائق في تطوير الحديقة، فضلاً عن تناول خضراوات عضوية.

فالزراعة، بالنسبة إليها، «حياة، حيث استطعت إيجاد بيئة مجتمعية متعاونة، ونشر الوعي البيئي والزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، كما الالتزام بالاستدامة عن طريق تدوير مخلفات المطابخ والحديقة، واستخدامها كسماد عضوي».

في تلك المساحة، حرّرت «سيدة الاستدامة»، كما أسموها، كل خبراتها وإمكاناتها في الالتزام بمبادئ الاستدامة، وتمثلّت بـ:

  • استخدام أحواض صديقة للبيئة.
  • استخدام نظام الري بالتقطير للحفاظ على استهلاك الماء.
  • استخدام حاويات كومبوت لإعادة تدوير المخلفات وتحويلها إلى سماد عضوي.

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

الطبيعة عشق آسر

هي «حديقة نعيمة» كما بات يطلق عليها، وباتت مقصداً للمحيطين بها، أو حتى المارّين الذين يحظون ببعض أنواع من الخضار، وهذه ليست المرة الأولى التي تستثمر فيها الموارد لفعل الخير، حيث شاركت مسبقاً في عام زايد كنحّالة، وخصصت ريع العسل للخير ضمن مبادرة أطلقت عليها «عسل الخير».

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

ومن باب عشقها للطبيعة، تواكب سحر الطبيعة، وأثرها في النفس، وتماسّها مع الروح، وتنظر إلى تلك العلاقة الآسرة مع الأرض والطبيعة من منطلقات ثلاثة، تشرحها:

  • الطبيعة غذاء للفكر: في الطبيعة، أتأمّل قدرة الخالق ومسار النبتة منذ زرع البذرة إلى أن تؤتي ثمارها.
  • الطبيعة غذاء للروح: هي راحة نفسية للإنسان، وعلاج من ضغوطات الحياة، وتحرّر من أعباء قد تقيّد الروح.
  • الطبيعة غذاء للبدن: تناول طعام عضوي خالٍ من المواد الكيميائية.

تركز الأميري على هذه الأبعاد، وتقول «البيت الذي يخلو من الحديقة لا حياة فيه».

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

جارات نعيمة الأميري شريكات نجاح

هذه المقولة تجسّد تماماً هدف «الحديقة المجتمعية»، و هي اسم على مسمّى، حيث تتشارك بعض الجارات مع الأميري مهام التشذيب، والري، ومتابعة أحوال الخضراوات المزروعة، وبينهنّ سالي، من الصين، ونورا المصري، فلسطينية، إلى أخريات يشاركن الأميري حلمها.

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

نورا المصري، هي جارة نعيمة، تعشق الزراعة، واستثمرت حديقتها الصغيرة أمام بيتها المقابل لمنزل الأميري في زراعة الدالية التي أثمرت عنباً، ولو بكميات قليلة لموسمين متتاليين.

تشارك المصري مع الأميري في الكثير من النقاشات، وترى أن «لا شيء مستحيل»، «جربنا زراعة الفول الأخضر، والقرع، والترمس، والسمسم، ونجحنا في ذلك».

وتحكي عن حبها للأرض «كفلسطينية، أعشق التراب، وأفضّل العمل بيديّ، والأهم ألا نستسلم في حال فشلنا، ونعيد الكرة مرّات عدّة».

نعيمة الأميري.. إماراتية عشقت الطبيعة فأهدت سكان الفريج

تمارس سالي صن شغفها بالزراعة يومياً، منذ السادسة صباحاً، وتقول «لم أكن أعلم الكثير عن الزراعة، ولكن حديقة نعيمة أطلّت بي على جانب آخر للحياة والتواصل الفاعل مع الطبيعة، ومع الأرض».

لدى سالي فلسفة خاصة ترصد النّعم من حولها، وحتى تستشرف مشكلات المستقبل في ظل عدم الحفاظ على البيئة «قد لا يكون ثمة طعام في المستقبل، وعلى الإنسان احترام معنى الحياة، والنّعم حوله».

* تصوير: السيد رمضان