14 مايو 2024

GODZILLA MINUS ONE.. غودزيللا شغل اليابان يعود من جديد

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

GODZILLA MINUS ONE.. غودزيللا شغل اليابان يعود من جديد

قبل وصول فيلم Kong v. Godzilla تم عرض فيلم آخر من بطولة الوحش الأسطوري غودزيللا، من إنتاج ياباني. هذا الفيلم كان أفضل من الفيلم الأمريكي الحالي، كما يكشف هذا المقال النقدي.

GODZILLA MINUS ONE

إخراج: تاكاشي يامازاكي | خيال علمي | اليابان | 2023‫

في غضون ثلاثة أشهر ونصف الشهر، تم عرض فيلمين عن الوحش غودزيللا. هذا الفيلم الياباني شهد عروضه في ديسمبر الماضي، و«كونغ ضد غودزيللا» يعرض حالياً. الفارق مذهل ويؤكد أنه عندما ينوي اليابانيون تحقيق فيلم جيد عن وحشهم الأسطوري، فإن لا شيء يضاهي إجادتهم.

الأكثر من ذلك، أن ميزانية الفيلم بلغت 15 مليون دولار، في مواجهة قرابة 150 مليون دولار تصرفها هوليوود، كلما أرادت إنجاز غودزيللا خاص بها.

الفارق الأساسي بين الاثنين، هو أن هوليوود معنية بشحن المُشاهد بإثارة تقنية التأسيس تحاول بها هدم آخر معقل منطق في البال. خلال ذلك، هي لا تتحدّث عن الأشخاص كآدميين، بل عنهم كدمى.

GODZILLA MINUS ONE.. غودزيللا شغل اليابان يعود من جديد

الفيلم الجديد يتبع أثر تلك الأفلام. يتحدّث عن وحش وحيد في مواجهة مجتمع مهزوم (تقع الأحداث مع بين 1945 و1947)، بطله طيار أسمه كويشي (ريونوسوكي كاميكي)، يبدأ الفيلم به وهو محبط بسبب فقدانه رفاقه في الحرب، وحين يعود إلى طوكيو يحاول أن يجد ملاذاً من شعوره بالذنب، وربما عائلة ينتمي إليها.

تعود أحداث «غودزيللا ناقص واحد» إلى الزمن الأول، أي إلى عام 1945، الذي هو نفسه عام إلقاء القنبلتين. في مطلع الفيلم نشاهد الطيار كويشي يحط في مطار صغير، كان تعرّض للقصف. كويشي ما زال يحمل أحزان رفاقه الذين قُتلوا. ليس هناك الكثير مما يمكن له، أو لرئيسه، أن يقوله حول ما حدث، وغودزيللا يداهم المكان مثيراً الرعب في كل لحظة.

GODZILLA MINUS ONE.. غودزيللا شغل اليابان يعود من جديد

عندما يعود غودزيللا إلى الماء، وكويشي إلى طوكيو، يدخل الفيلم مرحلة درامية تعكس حال المدينة والناس. سيتعرّف إلى فتاة (مينابي هامابي)، ويعيش معها، والفتاة التي تبنتها. لا يختار المخرج الانتقال إلى قصّة حب، بل يواصل عرضه لأحوال الناس في تلك الفترة. وعندما يواصل الأمريكيون إجراء التجارب النووية، سيعاود غودزيللا الظهور، والمقصد هو مدينة طوكيو. ثلث الساعة الأخيرة تضع كل وحوش هوليوود في جيبها الصغير.

GODZILLA MINUS ONE.. غودزيللا شغل اليابان يعود من جديد

وُلد غودزيللا الأول قبل 70 سنة، عندما أنتج استوديو توهو الياباني الفيلم الأول (أخرجه إيشيرو هوندا سنة 1954). بعده توالت الأفلام (37 فيلماً للآن)، عن هذا الوحش الضاري الذي يخرج من تحت سطح الماء. في الفيلم الأول، ثم في ما تلاه، جسّد غودزيللا رمزاً لما هو أكثر من وحش يتم إنجازه (عبر دمى متحركة ترتدي ملابس مطاطية ثم كومبيوتر غرافيكس حالياً). إنه الوحش الذي يعبّر عن الغضب من القنابل النووية، سواء تلك التي ألقيت فوق ناكازاغي وهيروشيما، أو تلك اللاحقة التي كانت تتم في المياه القريبة من اليابان.

غودزيللا في الأفلام اليابانية الجيدة من هذه السلسلة هو وحش حزين. تكاد تقرأ في بعض حركاته عدم فهمه لما يصطدم به. يدمّر، ويهدم، لكنه لا يتلذّذ، وليس هناك (كحال أفلام الخيال العلمي الهوليوودية) «أجندة» خاصّة، وذكاء خارق، أو شخصية نرجسية. إنه وحش من خارج الزمن مستخدم للتعليق على الزمن الحاضر.