03 يوليو 2024

اعتزال النجوم والنجمات.. بين الأسباب الشخصية والضغوط النفسية

فريق كل الأسرة

عبلة كامل
عبلة كامل

منذ النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، بدأ الوسط الفني يشهد اعتزال عدد من النجمات، ثم تبعهم عدد من النجوم، حيث كان لكل واحد منهم سبب لاتخاذ هذا القرار، ما يفسر عودة بعضهم من الاعتزال وممارسة أعمالهم الفنية مجدداً، في الوقت الذي اختار البعض منهم اعتزال الفن من دون رجعة.

عادل إمام
عادل إمام

ربما أكثر حالات الاعتزال إثارة للجدل أخيراً، ما تردّد حول اعتزال الزعيم الفنان عادل إمام، بعد رحلة فنية امتدت لما يقرب من ستة عقود، بين السينما، والمسرح، والتلفزيون، ولم يكن قرار الاعتزال صريحاً، لكن الشواهد تؤكد ذلك، بخاصة بعد تغيّبه 4 سنوات عن الحضور الفني، منذ أن قدّم مسلسله الأخير «فلانتينو»، في موسم الدراما بشهر رمضان عام 2020.

عبد الرحمن ابو زهرة
عبد الرحمن ابو زهرة

الأمر نفسه حدث مع الفنان الكبير عبد الرحمن أبو زهرة، بإعلان نجله خبر اعتزال والده من دون رجعة، بعد تعرّضه لوعكة صحية كبيرة، غير أن نجله نفى ذلك، وقال إن والده يتمتع بصحة جيدة، ويفضل الاستمتاع بوقته بين أسرته، وأحفاده. فيما جاء قرار الاعتزال للفنانة الكبيرة عبلة كامل صدمة لجمهورها العريض في الوطن العربي، وتردّد إن ذلك بسبب معاناتها مع المرض، وهو ما نفاه المقرّبون منها، مؤكدين أنها قررت التزام بيتها مع أسرتها، وأنها اكتفت بما قدمته عبر تاريخها الطويل. كذلك كانت الفنانة الكبيرة ليلى طاهر، حيث اتخذت قرار اعتزالها، مشيرة إلى أنها توصلت إلى هذا القرار بعد فترة طويلة من الغياب، وعدم عرض أية أعمال عليها، أو ما يطلق عليه ابتعاد إجباري تدريجي، فاتخذت بنفسها خطوة الاعتزال النهائي عن الوسط الفني، بعدما قضت نحو 60 عاماً كممثلة.

حسن يوسف وشمس البارودي
حسن يوسف وشمس البارودي

أيضا أعلن الفنان توفيق عبد الحميد اعتزاله بسبب مروره بظروف صحية تمنعه من قبول الأعمال التي تعرض عليه، وهو ما أعلنه أيضا الفنان حسن يوسف، بعد وفاة ابنه الأصغر عبد الله غرقاً، مقرراً الابتعاد عن الفن تماماً، وأكد أنه لم يعد يستطيع الوقوف أمام الكاميرا، فيما أكد مقربون منه أن القرار عاطفي، وانفعالي، وأنه قد يعود خلال الفترة المقبلة.

الاعتزال لم يكن قاصراً على النجوم والنجمات كبار السّن، أو لظروف مرضية، بل إن الساحة الفنية شهدت في السنوات الأخيرة عدداً غير قليل من الفنانين الشباب قرروا الاعتزال والابتعاد.. ففي العام قبل الماضي، كانت الفنانة زيزي عادل قد أعلنت اعتزال الغناء، ونشرت مقطع فيديو عبر حسابها بموقع «إنستغرام»، قالت فيه «أريد أن أعلن أهم قرار أتخذه في حياتي، وهو قرار الاعتزال، وترك المهنة التي أعمل فيها، وهذا القرار ليس وليد اللحظة، بل اتخذته منذ فترة طويلة، وسأبتعد عن أكثر المغريات في الدنيا، وهي الشهرة، والأضواء، والفنانين، والفترة التي مرت تقرّبت فيها من الله، ووجدت أن القرآن يملي عليّ أن أكون ملتزمة، وأنا لست محجبة، وأتمنى أن ينعم عليّ الله بالحجاب».

انجي شرف
انجي شرف

أيضاً كان الفنان مجدي صبحي، شقيق النجم محمد صبحي، قد أعلن اعتزاله الفن بسبب ما لاقاه من إحباط في عمله بعد رحلة 40 عاماً في الفن. كذلك الفنانة الشابة انجي شرف، التي اتخذت قرار اعتزالها التمثيل نهائياً، وكتبت عبر حسابها على «فيسبوك»: «بعد تفكير لوقت ليس قصير، وبعد استشارة ربّ العالمين، قررت اعتزال التمثيل نهائياً، وتحياتي لكل الزملاء والأصدقاء في الوسط الفني».

حلا شيحة
حلا شيحة

إذا كان بعض الفنانين والفنانات قد اتخذوا بالفعل قرار الاعتزال، ومستمرون فيه، فهناك من اتخذ القرار وتراجع فيه بعد فترة انقطاع قصيرة، ربما أكثرهم إثارة للجدل الفنانة حلا شيحة، التي قررت الاعتزال والعودة مرتين متتاليتين، حتى إنها اضطرت في العودة الأخيرة إلى تقديم اعتذار رسمي للفنانين، ونقابة المهن التمثيلية، على ما بدر منها عند قرارها الأخير بالاعتزال، قبل العودة مجدداً والمشاركة في بطولة مسلسل «إمبراطورية م» في شهر رمضان الماضي.

لقاء سويدان
لقاء سويدان

أيضاً من بين من عُدن عن قرارهنّ، الفنانة لقاء سويدان، التي كانت أعلنت اعتزالها في وقت سابق، بدعوى أن مهنة التمثيل لم تعد تحكمها الموهبة، ولا المعايير، غير أنها سرعان ما تراجعت عن القرار، ووافقت، وقدمت عدداً من المسلسلات خلال هذا العام. كذلك الفنانة نهى عابدين، التي تراجعت هي الأخرى عن قرار الاعتزال، قائلة إن القرار كان سببه ضغوطاً نفسية في العمل، وبعد أن هدأت قررت العودة مرة أخرى، وشاركت في موسم الدراما بشهر رمضان الماضي، في ثلاث مسلسلات.

ليلى مراد
ليلى مراد

بداية اعتزال الفنانين

أما بداية الاعتزال قديماً، فقد جاءت من خلال النجمة الراحلة ليلى مراد، التي فاجأت العالم العربي كلّه بخبر اعتزالها الغناء والتمثيل، في عام 1955، بعد فيلمها الأخير «الحبيب المجهول» أمام الفنان حسين صدقي، ولم يتخط عمرها آنذاك 37 عاماً، وكان قرارها بالاعتزال لأسباب تخصّ صورتها أمام جمهورها، لتغيب بعدها عن الساحة الفنية حتى وفاتها عام 1995. وبعدها بما يقرب من 6 سنوات، قرر بطل فيلمها الأخير حسين صدقي، الاعتزال أيضاً، لكن لأسباب دينية، حيث قرر الابتعاد عن الفن في أوج نجوميته في عام 1961، عقب عرض فيلمه «أنا العدالة»، بعد أن شعر بأنه في حاجة إلى التقرب إلى الله، وقبل رحيله في فبراير من عام 1976، أوصى أولاده بحرق جميع أعماله السينمائية.

وفي العام نفسه 1961، وبعد الانتهاء من تصوير آخر أفلامها «تحت سماء المدينة»، قررت الفنانة «إيمان» اعتزال التمثيل بشكل نهائي، وجاء القرار بعد زواجها من مهندس ألماني، حيث قررت أن ترافقه إلى أوروبا، والعيش معه كزوجة وأم، بعيداً عن الأضواء. وفي عام 1982 أعلنت الممثلة المصرية شمس البارودي، اعتزال التمثيل، وارتداء النقاب، ثم الحجاب، لكن في مقابل ذلك لم تمانع من عودة زوجها الفنان الكبير حسن يوسف للفن، الذي أعلن اعتزاله بعد دوره في فيلم «الشقيقتان» في عام 1990، قبل أن يعود بعد أحد عشر سنة من خلال الأعمال الدينية، حيث قدم مسلسل «ابن ماجة» في عام 2001، ثم مسلسل «إمام الدعاة»، كما لم تمانع شمس وحسن من اشتغال نجلهما عمر حسن يوسف بفي التمثيل أيضاً.

شادية
شادية

وفي أوج نجاحاتها في السينما والمسرح، فاجأت الفنانة الكبيرة شادية، جمهورها العريض، في مصر والوطن العربي، بخبر اعتزالها الغناء والتمثيل في عام 1985، تاركة وراءها رصيداً فنياً هائلاً من الأعمال المهمة، كممثلة ومطربة، لتظل بعيدة عن الأضواء متفرغة لأعمال الخير، حتى رحيلها في نوفمبر من عام 2017. كذلك الفنانة الشابة هناء ثروت، زوجة الفنان محمد العربي، اتخذت قرار اعتزالها في عام 1989، بعد مسلسلها الأخير «عيون الحب» بسبب التدين، وارتداء الحجاب، غير أن القرار لم يؤثر في زوجها الفنان محمد العربي في حينه، بل ظل في عمله كممثل قبل أن يعلن اعتزاله التمثيل في عام 1996 ويتفرغ للتجارة، وهو ما فعله الزوجان محسن محيي الدين ونسرين، اللذان قررا الاعتزال معاً، قبل أن يقرر محسن محيي الدين العودة للفن مجدداً بعد غياب ربع قرن من الاعتزال.

لماذا يعتزل الفنان؟

في رأي الناقدة ماجدة موريس، أن هذا الاعتزال بمثابة صرخة يطلقها كل فنان، ويتمنى أن تصل إلى من يهمه الأمر، لكن هذا للأسف لا يحدث، لأن مسألة «تشغيل» الفنانين ليس فيها عدالة توزيع على الإطلاق، خصوصاً أن بعض كبار الممثلين يجلسون في بيوتهم بلا عمل، إما لعدم تقديم عروض فنية لهم، وإما لعدم تقديرهم مادياً بشكل لائق. في المقابل، هناك بعض الممثلين يشاركون في أكثر من عمل فني، في الوقت نفسه، وقد يكون من بينهم من هم أقل موهبة، وبالتالي الأمر قد يثير حفيظة من يقررون الاعتزال، وتضيف «يجب على نقابة المهن التمثيلية وضع قواعد لتنظيم هذا الأمر، لتحقيق العدالة في توزيع الأدوار، وعرض ذلك على المخرجين والمنتجين للعمل بها، بما يضمن عمل أصحاب المواهب الحقيقية، والحفاظ على كبرياء الفن بعيداً عن طرق الأبواب بحثاً عن عمل».

من جانبه، يوضح الناقد طارق الشناوي «المؤكد أن الاعتزال غالباً يكون لأسباب دينية، فمن النادر أن يعتزل الفنان جراء الإحباط في الوسط الفني، وهناك من يبحث عن طموح ما، وهو بالمناسبة مشروع، وللأسف لا يتحقق، فوسائل الدفاع لدى الفنانة هي أن تكون لديها الموهبة الفنية، ولكن العيب على الطرف الآخر داخل مجال الفن وليس بوسيلة الدفاع لدى كل من يحاول إثبات ذاته داخل مجال الفن».

ويضيف «هناك فنانون عادوا مجدداً بعد اعتزالهم، وأيقنوا أنهم لم يكونوا على الدرب الصحيح، خصوصاً أن الفن الحقيقي ليس فيه ما يخجل الفنان، ويمنح المبدع الشهرة والمال أيضاً، وربما كان ذلك سبباً في عودة الكثير منهم، غير أنها كانت عودة بلا روح، لكن الأمر الذي يدعو إلى التوقف أمامه، هو اعتزال فنانات شابات في بداية المشوار، ولأسباب فنية، أو أسرية، وهو اعتزال جبري، خاصة أن بعض الفنانين يعتقدون أنهم لم يقدموا كل ما لديهم في مجال التمثيل، وأن هناك من سبقوهم، وهم أقل منهم موهبة، وبالتالي يقررون الابتعاد لعدم وجود فرص أمامهم، أو على الأقل يهددون بالابتعاد، حتى تسنح لهم الفرص بإثبات طاقاتهم الإبداعية».

إعداد: نادية سليمان