31 يوليو 2024

حادثة ترامب تعيد أفلام الاغتيالات السياسية إلى الواجهة من جديد

ناقد ومؤرخ سينمائي، وُلد وترعرع في بيروت، لبنان ثم هاجر إلى الغرب حيث ما زال يعيش إلى الآن معتبراً السينما فضاء واسعاً للشغف

 حادثة ترامب تعيد أفلام الاغتيالات السياسية إلى الواجهة من جديد

محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، تلقي الضوء على أفلام أمريكية عديدة حول موضوع اغتيال الرئيس.. هذا بعض منها.

 حادثة ترامب تعيد أفلام الاغتيالات السياسية إلى الواجهة من جديد

الحبكة مثيرة للاهتمام

مؤامرة لقتل رئيس الجمهورية أو المرشح لرئاسة الجمهورية، المبررات عديدة والقصص كثيرة، لا يهم التصديق ولو أن بعضها مبني على أحداث واقعية.

بعض تلك الأفلام تدخل في نطاق ما يُعرف بنظريات المؤامرة، التي قد تكون حقيقية، تمّ تغطيتها بحقيقة أخرى؛ حتى يتستّر المسؤولون عليها جيداً، فيلم ألان ج. باكولا البديع The Parallax View وفيلم سيدني بولاك المعروف Three Days of the Condor مثالان من السبعينيات، ولو أن هذا النوع من الأفلام بدأ قبل ذلك العقد.

 حادثة ترامب تعيد أفلام الاغتيالات السياسية إلى الواجهة من جديد

قنّاصة يتربصون

القنص في الاغتيالات عنصر أساسي، القنّاص هو قاتل لا يقف وسط الجموع ولا يصل إلى مكان الجريمة محاطاً بعصبة تصاحبه ولا يحمل بندقية رشاشة يطلق رصاصها كما اتفق، لكنه عادة ما يصعد سطح المبنى المشرف على المكان وينبطح في المكان مع بندقيّته ذات المنظار مترقّباً اللحظة الحاسمة.

اسأل فرانك سيناترا الذي كان قد عمد سنة 1954 لبطولة فيلم بعنوان «صدنلي» (Suddenly). «صدنلي» هو اسم بلدة صغيرة لا تقع فيها مفاجآت، يصل إليها سيناترا واثنان من أعوانه ويقتحمون منزلاً يشرف على محطة القطار حيث سيتوقف قطار رئيس الجمهورية.

فيلم لويس ألن هذا يمضي الوقت في ذلك المنزل ومحاولة من فيه تحذير شرطة البلدة مما سيقع، يقدّم الفيلم سيناترا كمهووس خدم في الحرب الكورية وخرج منها قاتلاً محترفاً لمن يدفع وهناك جهة «أجنبية» استأجرته للغاية.

في ذلك الفيلم لا يتوقف القطار ويتم القضاء على الشرير ورجليه، في الواقع الحاضر، لم تصب الرصاصة ما هدفت إليه ونجا المرشّح الرئاسي.

 حادثة ترامب تعيد أفلام الاغتيالات السياسية إلى الواجهة من جديد

من وحي الواقع

هناك أفلام أخرى دارت عن اغتيال جون ف. كينيدي، الذي تمّ اقتناصه أيضاً خلال جولة في مدينة دالاس، بعض تلك الأفلام كان تسجيلياً (Killing Kennedy لنلسن ماكورميك. 2013)، وبعضها كان درامياً.

لكن بأسلوب التحقيقات المسجّلة (JFK لأوليفر ستون، 1991) أو روائياً خيالياً مبني على خيط من الحقيقة كما حال «في خط النار» (On the Line of Fire)، الذي أخرجه وولفغانغ بيترسن من بطولة كلينت ايستوود سنة 1993.

كون هذا الفيلم غير مبني على واقعة محددة، سمح له أن يكوّن إثارة تم صنعها وسردها جيداً، حكاية حارس أمني كان أحد أعضاء الفريق الذي أُنيط به حماية الرئيس جون ف.

كندي، لكن بعدما تم اغتيال الرئيس فقد الحارس جزءاً من ثقته بنفسه وتحمّل سخرية زملائه، فجأة هناك معلومة بأن أحدهم يخطط لقتل الرئيس الحالي، لا أحد يصدّق لكن إيستوود يأخذ المسألة جدّياً مكتشفاً هوية القاتل ومنقذاً حياة الرئيس مسترداً مكانته.

كان من نجاح هذا الفيلم قيام بيترسن، سنة 1997، بقبول عرض لفيلم آخر من النوع ذاته هو «الطائرة الرئاسية» (Air Force One) لكن الخيال هنا ذهب بعيداً فرئيس الجمهورية الأمريكي، كما قام به هاريسون فورد، يجيد القتال اليدوي وها هو يتصدى بنفسه للإرهابيين الذين تسللوا إلى طائرة الرئاسة وهاجموه وهي في الأجواء العالية.

 حادثة ترامب تعيد أفلام الاغتيالات السياسية إلى الواجهة من جديد

هوس أمريكي بأفلام البيت الأبيض

الأعمال البطولية استمرت بعد هذا الفيلم من خلال سلسلة «أوليمبوس»، التي بدأت سنة 2013 بفيلم Olympus Has Fallen لأنطوان فوكوا، لكن هذه المرّة ينقذ رجل أمن (جيرار بتلر) حياة رئيس الجمهورية (أرون إكهارت) بعدما نجحت كوريا الشمالية بإرسال طائرات وقصفت البيت الأبيض.

ليس من قبيل الصدفة، بل من قبيل الاستفادة من فرصة القبض على ما تعكسه تلك الحبكة من فرص نجاح، قام رولاند إيميريش في السنة ذاتها بإخراج فيلم آخر عن قيام فرد واحد (تاتوم شانينغ هنا) بإنقاذ رئيس البلاد (جايمي فوكس) من القتل داخل البيت الأبيض وذلك في White House Down.

من يستعرض هذه الأفلام -وهناك سواها الكثير- قد يدرك حقيقة غائبة، هي أن أخطر منصب في العالم هو منصب رئيس الجمهورية، وحين النظر إلى من تم اغتيالهم في التاريخ الأمريكي كما في السينما تتراءى حقيقة أخرى وهي وجود شغف جماهيري بالحكايات ونظريات المؤامرة الواقعية منها والخيالية.