تلقى عميل في أحد البنوك رسالة تفيد خصم مبلغ مالي من رصيد حسابه، فلم يُعر الموضوع اهتماماً في البداية، مُعتقداً أن الخصم قد يكون ناجماً عن إحدى تعاملاته التجارية كونه شريكاً في مطعم، لكن اعتقاده لم يكن في محله..
بعد دقائق، تلقى رسالة تفيد تحويل مبلغ مالي من حسابه البنكي إلى حساب بنكي آخر ثم رسالة تحويل ثالثة تلتها رسالة خصم رابعة، ليُدرك أن هناك خطباً ما يحدث، فيباشر العمل على إنقاذ الموقف عبر إجراء المكالمات الهاتفية مع إدارة البنك لوقف «نزيف» حسابه.
تفاصيل قصة العميل البنكي وما حدث معه، اطلعت «كل الأسرة» عليها من حكم صادر عن محكمة الاستئناف في دبي التي نظرت القضية بعد كشف تعرض العميل لعملية احتيال وضبط رجلين مُتورطين فيها:
يروي العميل البنكي ما حدث معه، فيقول: «أنا شريك ومدير في مطعم مُختص في وجبات (البرجر)، وأثناء وجودي في عملي وصلتني رسالة نصية تفيد بأنه تم خصم مبلغ 5 آلاف درهم من حسابي».
وتابع: «لم أُدقق في الرسالة في البداية لكن في ما بعد نظرت إليها بتمعن أكثر، وفوجئت بأن الرسالة تفيد أن خصم المبلغ كان عن طريق جهاز صراف آلي عائد إلى البنك رغم أن بطاقة الصراف الآلي في جيبي، ولم أُسلمها لأحد سواء قريب أو غريب عني!».
رسالة خصم ثانية وثالثة ورابعة..
أثناء تدقيق العميل على الرسالة الأولى، فوجئ برسالة نصية ثانية تصل إلى هاتفه النقال... يقول: «هذه المرة تم سحب 10 آلاف درهم من حسابي، وتحويله إلى حسابين مُختلفين في نفس البنك لكل حساب 5 آلاف درهم».
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالعميل «المذهول» تلقى رسالة ثالثة تفيد خصم مبلغ ألفين و484 درهماً نتيجة قيامه بتسديد رسوم خدمات إلكترونية عن طريق «الأونلاين» لخدمات لا يعرفها ولا تمت له بصلة.
أضف إلى ذلك رسالة نصية رابعة، تُفيد خصم مبلغ ألفين و474 درهماً من حساب العميل البنكي..، يُعلق العميل: «لا أعلم كيف تم سحب هذه المبالغ، ولا تربطني أية علاقة بصاحبي الحسابين اللذين تم تحويل مبلغ 10 آلاف درهم إليهما، ولم أقم بأي تسوق إلكتروني، ولم أدفع قيمة مشتريات باستخدام بطاقتي البنكية في ذلك اليوم».
وقف نزيف الأموال
بعد هذه الرسائل، سارع العميل للاتصال بالبنك لوقف «نزيف حسابه» ثم توجه إلى مقر البنك وساعده الموظفون على تجميد الحساب وإيقاف كافة العمليات المالية، وطلبوا منه سرعة التوجه إلى مركز الشرطة والإبلاغ عن الواقعة».. يقول العميل: «بلغ إجمالي المبلغ الذي سُحب من رصيدي 19 ألفاً و958 درهماً».
رجلان متورطان في السرقة
بدورها، باشرت إدارة البنك التحقيق في مبلغ الـ10 آلاف درهم المُحولة من حساب العميل إلى حسابين بنكيين آخرين، ليتبين أنهما يعودان إلى رجلين الأول يُدعى «م.ك» ويبلغ من العمر 22 عاماً، والثاني «ا.ت» ويبلغ من العمر 40 عاماً، وكلاهما من الجنسية نفسها.
القبض على الرجلين.. وادعاء الثاني
تمكنت الجهات الشرطية من إلقاء القبض على الرجلين لكنهما تمسكا بإنكار صلتهما بالجريمة، وبالعصابة التي تقف معهما وخلفهما في الاستيلاء على أموال المجني عليه، ولم يُفصحا عن كيفية الوصول إلى بيانات العميل البنكي.
ادعى الرجل الثاني في التحقيقات عدم معرفته بالأول، وعدم معرفته بالمجني عليه أيضاً، مُحاولاً التنصل من تورطه في القضية عبر القول «بأن الحساب البنكي العائد له، أقدم أحد الأشخاص من موطنه الأم على فتحه باسمه وذلك بعد أن طلب منه التوقيع على جهاز لوحي وتصوير هويته الشخصية».
وأضاف الثاني: «إنه لم يستلم أي بطاقة سحب صراف آلي من البنك من هذا الشخص، ولا يعرف أنه قد تم تحويل مبلغ مالي وقدره 5 آلاف درهم إلى حسابه البنكي من حساب المجني عليه».
لائحة اتهام
إنكار الرجلين إلى جانب الادعاء الذي قدمه الثاني لم يكن مُقنعاً، لذلك رفعت النيابة العامة لائحة اتهام بحقهما إلى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات ثم إلى محكمة الاستئناف، موجهة لهما تهمة «استخدام مع متهمين هاربين بدون تصريح من المجني عليه أرقام بطاقته الائتمانية، ليحصلوا لأنفسهم على 19 ألفاً و958 درهماً، وذلك بأن قاموا بعمليات تحويل مصرفي، وسداد رسوم».
وطالبت النيابة العامة بمعاقبتهما عملاً بالمادة 15 البند ثانياً من مرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، والتي تنص «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليوني درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من زور أو قلد أو نسخ بطاقة ائتمانية أو بطاقة مدينة أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني أو استولى على بياناتها أو معلوماتها..
وذلك باستخدام وسائل تقنية المعلومات، أو نظام معلوماتي، ويعاقب بذات العقوبة كل من استخدم بدون تصريح بطاقة ائتمانية أو إلكترونية أو بطاقة مدينة أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني أو أي من بياناتها أو معلوماتها، بقصد الحصول لنفسه أو لغيره، على أموال أو أملاك الغير أو الاستفادة مما تتيحه من خدمات يقدمها الغير».
بعد الرأفة: حبس وغرامة وإبعاد
أدانت محكمة الاستئناف الرجلين بالتهمة الموجهة إليهما، وقررت أخذهما بقسط من الرأفة والرحمة نظراً لظروفهما، واكتفت بمعاقبتهما بالحبس لمدة 3 أشهر وبتغريمهما مبلغ 19 ألفاً و958 درهماً قيمة المال المستولى عليه، وأمرت بإبعادهما عن الدولة.