فيلم «سايكو» (Psycho) للمخرج الذي بنى عماد أفلامه على التشويق واعتُبر بحق «سيد التشويق»، ألفريد هيتشكوك، حققه سنة 1960 وانتخب مراراً وتكراراً كأحد أفضل 10 أفلام في تاريخ السينما..
هو أحد مراجع المخرج الأكثر شعبية، وحوله وحده صدرت عشرات الكتب ومئات المقالات، رغم هذا هناك جديد فيه مع كل مشاهدة أخرى له.. هذه بعضه.
كانت غالبية الأفلام في الستينيات قد عمدت إلى الألوان، لكن ألفرد هيتشكوك أراده بالأبيض والأسود، الأبيض والأسود كان مناسباً وكاميرا جون راسل التقطت أجواءه على نحو رائع: المنزل الغامض من بعيد، الطريق إلى الموتَيل.. إلخ
وكان كذلك أكثر قبولاً على العين في المشهد الشهير لقيام أنطوني بيركنز بطعن جانِت لي.
استخدم هيتشكوك مشهد الطعن بالسكين في أكثر من فيلم من بينها «سايكو»، كما في «الرجل الذي عرف الكثير» The Man Who Knew Too Much و«شمال شمالي غرب» (North by North West).
الدرج هو مناسبة توتر شديد في أفلام هيتشكوك كافّة، في «سايكو» نشاهد التحري (مارتن بالسام) يصعد الدرج خطوة خطوة بحذر، كاميرا على التروللي تتبعه قبل أن يلقى حتفه بهجوم من بيركنز في ثياب والدته..
يمكن مشاهدة استخدام مماثل للدرج في مفهومه في فيلم Frenzy سنة 1972... أحد أفلامه الأخيرة التي لم يتم تقديرها كما يجب.
العلاقة الفرويديّة بين الشاب وأمه الميّتة (يرتدي باروكة شعرها وثيابها) تكشف عن سطوة أمه عليه، هذه السطوة نشاهدها لاحقاً في فيلم هذا المخرج الرائع The Birds، إنما بمفهوم مختلف: النساء في أفلام هيتشكوك عموماً أقوى من الرجال سواء أكنّ أحياءً أو أمواتاً، كما في «سايكو».
في الحوار الذي يقع بين جانِت لي وأنطوني بيركنز في نصف الساعة الساعة الأولى من الفيلم تسأله عن تلك الطيور المحنّطة، مهم أن نلحظ جوابه ثم ربطه لاحقاً (في نصف الساعة الأخيرة) عندما نكتشف أن والدته هي بدورها محنّطة.
ككل من يشعر بالذنب، تستيقظ جانِت لي من نومها فزعة عندما يطرق زجاج نافذتها شرطي سير كان يراقبها، التوليف هو الذي يؤلف هذه اللحظات وكيف تعتقد بطلة الفيلم أن الشرطي يعلم أنها سرقت مالاً من الشركة التي تعمل فيها..
هذا خيط يؤدي إلى قرارها بأن تعود أدراجها إلى مدينة فينكس وتعيد المال في صباح اليوم التالي.
مدخل الفيلم هو كاميرا تمسح المباني من فوق كما لو كانت تطير قبل أن تدخل إلى غرفة فندق حيث نتعرّف إلى بطلة الفيلم وعشيقها، يلتحق المشهد بمشاهد أخرى نجد فيها الكاميرا تبصبص على آخرين (Vertigo مثلاً)..
الشعور بالذنب منتشر في أفلام هيتشكوك ومنها Vertigo وSpellbound (تبعاً لنشأة هيتشكوك الكاثوليكية)، البصبصة في مشهد أنطوني بيركنز وهو ينظر من ثقب في الجدار على جانِت لي قبل قيامه بالهجوم عليها مرتدياً ثياب أمه.
عن مذكرات جانِت لي، أن هيتشكوك قال لها قبل التصوير: «تستطيعين أن تؤدي الدور كما تشائين، لكن بما أنني أروي أفلامي بصرياً فإن هناك قاعدة واحدة عندي: تتحركي عندما تتحرك الكاميرا، تتوقفين عندما تقف».
توسط «سايكو» (1960) فيلمين رائعين آخرين لهيتشكوك هما Vertigo سنة (1959) و The Birds سنة (1963).
اقرأ أيضاً: يعاود الحضور بعد 43 سنة من رحيله.. هيتشكوك في كتب وتظاهرات شرقاً وغرباً