تشهد دولة الإمارات اهتماماً متزايداً بالصناعات الإبداعية، وفي هذا السياق، استضافت دولة الإمارات النسخة الثالثة من «تجمّع المهن الإبداعية» بدعم من وزارة الثقافة، من أجل توفير منصة فريدة للطلبة والشباب المبدعين، والباحثين عن عمل لاستكشاف الفرص الوظيفية المتاحة في هذا القطاع الواعد.
فقد اجتمع أكثر من 5000 طالب مدرسي، وجامعي، ومحبّو التعلّم المستمر، إضافة إلى الخريجين الجدد، والباحثين عن عمل، من عشاق الإبداع، في «مركز جميل للفنون» للبحث عن الفرص المختلفة المتاحة في القطاع الإبداعي المزدهر في الإمارات، عبر «تجمّع المهن الإبداعية» الذي شمل 35 مؤسسة وجامعة إماراتية، بهدف استكشاف مهن التصميم المتنوعة والقوالب التي تتداخل فيها الفنون مع مجالاتٍ مثل الهندسة المعمارية، والأزياء، والتصميم الداخلي، والرسم، وغيرها.
نجحت النسخة الثالثة من «تجمّع المهن الإبداعية» في ربط الطلاب والخريجين الجدد بالشركات والمؤسسات العاملة في المجال الإبداعي، وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في هذا القطاع، وتشجيعهم على الابتكار والإبداع.
فقد أشار الطالب فرحان محمد، إلى ازدياد وعي الأهل بتشجيع أبنائهم على تعلّم الفنون، وتعزيز موهبتهم، وقال «شاركت في المعرض كي أتأكد من الفكرة التي أقنعت بها والديّ بخصوص رغبتي في دراسة الفنون، خصوصاً في مجال التصميم، وقد تمكنت من الحديث مع متخصصين في عالم الفنون أثناء وجودي في الملتقى، وتأكدت أن دراسة الفنون ليست للتسلية، أو لتنمية المواهب، بل يمكنني الحصول على العديد من الوظائف من خلالها».
كما أكد الطالب ادم الخطيب أن المدارس أخيراً، أصبحت تُخصص حصصاً وورشاً تدريبية للطلبة الموهوبين فنياً. ووجوده في الملتقى يعود الفضل له للمدرسة التي أحضرته للمشاركة في المعرض، والتعرف إلى فرص لتطوير هوايته الفنية من خلال العديد من المراكز الفنية التي اكتشفها خلال المعرض.
فرص تدريب عالمية
من جهته، استعرض راشد المهيري تجربة برنامج «التدريب في بينالي البندقية»، للطلبة المشاركين في الملتقى، وأوضح أن البرنامج يوفر فرصة التدريب في البندقية، للطلبة والمهنيين الشباب، للخوض في تجربة عملية لمدة شهر في مدينة البندقية، يشرفون من خلالها على العمليات اليومية للجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، في المعارض الدولية للفنون والعمارة في بينالي البندقية..
وأشار إلى أن فرصة التدريب متاحة للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات، وأعمارهم أكثر من 21 عاماً، وأضاف أن فرصة التدريب في هذا البينالي تتيح الفرصة لاكتساب الخبرات المختلفة في عالم الفن، خصوصاً أن المتدربين سيتعاملون مباشرة مع محتوى المعرض في البندقية، والتفاعل مع متدربين من جنسيات مختلفة، لتبادل التجارب واكتساب الفرص.
الفن يصل إلى كل القطاعات
تدرس سارة النعيمي تاريخ الفن، وترى أن الفن المعاصر يشهد حالة من التفاعل والانسجام مع المهن المختلفة، وأضافت «لا يتم التعامل اليوم مع الأعمال الفنية كما كان يحدث من قبل، فقد كان ينتظر الفنان الوصول إليه، واكتشاف أعماله، ولكن اليوم الفن يصل إلى حيث يريد من خلال ابتكار طرق للتواصل، والتعارف، وتقديم هذه الأعمال للجهات المهتمة بها، عن طريق التوجيه لكيفية سرد قصص هذه الأعمال، سواء في المعارض الفنية، أو للتعاون مع جهات عدّة مختصة بالفن».
تعزيز مكانة المعلّمين
كما نجح الملتقى في تعزيز دور المعلمين، والمهنيين، والتربويين، أثناء ممارستهم العملية التعليمية للطلبة، من خلال الحصول على مجموعة خاصة من الموارد حول طرق التدريس، وتعليم الفنون المتاحة في مركز جميل للفنون، والتي تساعدهم على تقديم الدعم التعليمي المتخصّص.
وخلال حديثنا مع معلمة التربية الفنية ياسمين محمد، أكدت أن الملتقى عزّز دورهم كمدرسين لمادة قد يرى الكثيرون أنها سهلة، وغير هامة، حتى بالنسبة إلى الطلبة الموهوبين، فقد اكتشفوا حجم الفرص المتاحة التي تحتاج إلى مواهب إبداعية، كما أتاح لهم كمعلمين، المجال لتطوير أدواتهم التعليمية خلال الحصص المدرسيّة، والتواصل المستمر مع الخبراء في المجال، لمواكبة أحدث التطورات في عالم الفن.
منصّة رائدة تلهم المبدعين الشباب
وتعليقاً على الحدث، أوضحت الدكتورة منى السويدي، أن الاستثمار في الشباب المبدع هو استثمار في مستقبل اقتصاد الدولة.
وأكدت أن تجمّع المهن الإبداعية يسهم، بشكل فعّال، في بناء جيل جديد من القادة في القطاع الثقافي والإبداعي، ما يعزز مكانة الإمارات كمركز إقليمي للإبداع والابتكار، وقالت إن «هذا الحدث استطاع أن يثبت مكانته واحداً من أهم التجمعات المتخصصة على صعيد المجتمع الثقافي، والإبداعي في الدولة، ونحن ملتزمون بدعمه لضمان استمراريته، وتحقيق المزيد من النجاح، فهو منصّة رائدة تلهم المبدعين الشباب، وتثقّفهم، وتربطهم بالموارد التي يحتاجون إليها».
تصحيح المفاهيم الخطأ
وفي حوارها مع «كل الأسرة»، أشارت أُنس قطان، نائب المدير ومسؤول برامج الأبحاث والتعليم لفن جميل، إلى أن هناك مفاهيم خطأ لدى الشباب بالنسبة للعمل في قطاع الفنون، ولكن هذه المفاهيم تتبدد بفضل الجهد الذي تبذله دولة الإمارات من خلال وزارة الثقافة، والقطاع الخاص، عبر إطلاق المعارض والتجارب المختلفة، وتعني أن المهن الموجودة في القطاع تنمو يوماً بعد يوم.
لذلك يسهم ملتقى المهن الإبداعية في تعزيز هذه المسيرة، من خلال استقطاب الجهات العاملة في هذا القطاع، سواء تعليمياً أو مهنياً، كما خصصنا أغلب الوقت لاستعراض تجارب أشخاص متميزين من العاملين في القطاع الإبداعي، ليتواصلوا مع الشباب، ويجيبوا عن تساؤلاتهم حول العمل في قطاع الإبداع بشكل عام.