13 يوليو 2021

د. حسن مدن يكتب: كم ساعة تعملون في اليوم؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: كم ساعة تعملون في اليوم؟

استمعت لبرنامج على إحدى الإذاعات يناقش موضوع عدد الساعات التي يخصصها المرء يومياً للعمل، حيث قدّمت شهادات لعدد من العاملين والعاملات من مختلف البلدان العربية، كانت أشبه ما تكون ببانوراما للقضايا والشكاوى المتصلة بالموضوع.

بالنسبة للموظفين والعمال وكل الملتزمين بدوام رسمي يبدو الموضوع محسوماً إلى حدود، فجهات العمل، حكومية كانت أو خاصة، تحدد ساعات العمل اليومية للعاملين فيها، وفق أنظمة العمل المتبعة في البلد المعني، التي تضمن أيضاً إجازة أسبوعية لهم.

لكن ليس كل الناس مرتبطين بعمل في مؤسسات، فبعضهم يمارس الأعمال الحرّة، ويدير عمله ووقته بمفرده، وفق احتياجات العمل الذي يمارسه، وهناك الكثيرون حتى لو كانوا مرتبطين بالعمل مع مؤسسات بعقود دائمة أو مؤقتة، فإنهم يؤدون أعمالهم من منازلهم، وبالتالي فإنهم يملكون مرونة، ولو في حدود، في تنظيم أوقات عملهم اليومية قد لا تتوفر لمن يداومون في مكاتب الهيئات الحكومية أو الشركات.

لكن للعمل من المنزل وجهاً آخر، لا يجعل من يمارسونه في وضع أفضل، بالضرورة، قياساً لمن يذهبون كل صباح إلى مكاتبهم، ويعودون بعد انتهاء ساعات عملهم بعد الظهر أو في المساء، حين يجد العاملون في المنازل أنفسهم غارقين في العمل، بما يتجاوز ساعات العمل المقررة رسمياً، ويفعلون ذلك أحياناً بشيء من المتعة، ما يعود عليهم بمتاعب صحية أو نفسية قد لا يتنبهون إليها في حينها.

ظروف جائحة «كورونا» جعلت من العمل من المنازل ضرورة، وقد تتكرس كظاهرة لن تتمّ العودة عنها حتى لو تمت السيطرة على الجائحة، ربما لأن أصحاب الأعمال يجدون فيها ما يُوفر عليهم تكاليف مالية، فيعيدون النظر في سعة المكاتب التي يستأجرونها، ويوفرون مصاريف كانت تذهب لفواتير الكهرباء والإنترنت وما إليهما.

بالمقابل هناك شكاوى كثيرة من المتاعب التي تنجم عن الاستغراق الطويل في العمل، سواء كان ذلك اضطرارياً تحت ضغوط المديرين في العمل، أو حتى طوعياً، فكثير من أدلوا بشهاداتهم في حلقة البرنامج المشار إليه شكوا من مظاهر توتر وإجهاد بسبب استغراقهم في العمل يومياً لساعات طويلة، وبعضهم تحدث عن متاعب صحية، بينها آلام الظهر والعين بسبب الجلوس الطويل أمام الحواسيب، وبعض من صاروا يعملون في منازلهم تحدثوا عن نفقات إضافية اضطروا إليها، فمكوثهم في البيت يزيد من استخدامهم للكهرباء والإنترنت وبالتالي ارتفاع كلفتهما، دون أن ينالوا تعويضاً من جهة العمل.

وكخلاصة جرى الحديث عن ضرورة كسر رتابة العمل، فهو وإن كان ضرورياً ومفيداً، فإن كثرته مضرّة نفسياً وصحياً، ولا بد من منح أوقات كافية للممارسة الرياضة والتسلية لتجنب ذلك.

 

مقالات ذات صلة