3 أبريل 2023

د. حسن مدن يكتب: هل الإجهاد معدٍ؟

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: هل الإجهاد معدٍ؟

يجري التفريق أحياناً بين الأشخاص الذين نلتقيهم في الحياة أو نكون في علاقة عمل أو شراكة ما معهم؛ حيث نصف البعض بأنهم باعثو طاقة إيجابية، فيما الصنف الثاني هو على النقيض، باعث على الطاقة السلبية، وتشير تجربة الحياة إلى أن هذا التقسيم ليس تعسفياً بأي حال من الأحوال، حين نصادف حولنا من يمدنا بالعزيمة والأمل والفرح، وهناك من يفعل العكس، يبعث في نفوسنا الإحباط وخيبة الأمل والأسى، ليس بالضرورة لأنه يقوم بفعل ذلك متعمداً، كأن تغلب على أحاديث وسلوك أفراده دعوات اليأس وعدم التفاؤل، وإنما أيضأ بسبب كثرة شكاواهم مما يعانونه من متاعب، لا يكاد أحد أن يكون بمنجاة منها، حتى لو تفاوتت النسب والتجليات.

ستطالعنا دراسة علمية مسببة تتناول هذا الموضوع، تكاد تصل إلى أن المشاعر السلبية، خاصة الشعور بالإجهاد، يمكن أن تنتقل بالعدوى من شخص إلى آخر كما تنتقل الفيروسات أو الأمراض المعدية، فحسب القائمين على هذه الدراسة، فإن «مجرد رؤية شخص آخر في موقف عصيب يمكن أن يجعل أجسامنا تطلق الكورتيزول، وهو هرمون يشارك في الاستجابة للضغط»، وأن ظاهرة الإجهاد العاطفي تميل إلى أن تكون أكثر انتشاراً عند رؤية شخص محبوب أو صديق مقرب في محنة، لكنها يمكن أن تحدث أيضاً عند رؤية شخص غريب يعاني.

وفي شرح يمكن أن يستوعبه الأطباء وعلماء النفس أكثر مما نستوعبه نحن، فإن العواطف يمكن أن تنتقل من شخص إلى آخر عبر «الخلايا العصبية المرآتية»، وهذه خلايا دماغية تنشط عند رؤية شخص ما يقوم بعمل معين - التثاؤب، على سبيل المثال - وتؤدي إلى استجابة تشجع على التبادل، واستطراداً نقرأ ما يلي: «إذا رأى شخص ما شخصاً يبدو متعباً، فقد يبدأ في الشعور بالتعب، وإذا رأى شخصاً يبدو متوتراً، فقد يتبنى عن غير قصد حالته الذهنية المتوترة»، وخلصت دراسة أجريت عام 2014 إلى أن الإجهاد يمكن أن يكون، في بعض الظروف، معدياً؛ حيث إن فرداً واحداً متوتراً لديه القدرة على «إصابة» كل العاملين معه في المكتب.

كل الناس، وبدون استثناء، عرضة للكثير من المتاعب اليومية المرهقة، التي ينجم عنها، في الكثير من الأحيان، شعور بالضغوط، التي يمكن أن تلحق الضرر بالجسم والدماغ، لكن حسب إحدى المختصات فإنه ليس كل الاستجابات للضغوط مضرة، فليست كلها متساوية، وأن «الاستجابة للتوتر، في حالات معينة، مفيدة للغاية، لأنها تهيئ أجسادنا وأدمغتنا للتعامل مع الضغوط»، ومع ذلك يجب عدم الاستسلام لتأثير الضغوط السلبي، خاصة تلك الآتية من العدوى، ويساعد على ذلك الحصول على الهواء النقي والقيام بتمارين التنفس.

 

مقالات ذات صلة