1 مايو 2023

إنعام كجه جي تكتب: نبع اسمه بثينة

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس

صحافية وروائية عراقية تقيم في باريس.

بثينة الناصري
بثينة الناصري

إنها بثينة الناصري، الكاتبة والمترجمة والناشرة العراقية المقيمة في القاهرة. وهي نبع لا ينضب. صداقتي بها في الواقع أقل مساحة من صداقتنا الممتدة عبر «فيسبوك». أتابع يومياتها ومنشوراتها وأغبطها وأتمنى لو كان لي ربع طاقتها وإقبالها على الحياة.

ليس من الشائع في مجتمعاتنا العربية أن نرى سيدة مقبلة على الحياة بطاقة شابة في العشرين، وذلك بعد أن تتجاوز السبعين وتصبح والدة وجدة. لكن بثينة لا تعترف بالعمر، أو كما قالت شاعرتنا لميعة عباس عمارة في واحدة من تجلياتها: «عمري أنا الثوب ألبسه».

تحتفل بثينة بيوم ميلادها أواخر الشهر الأول من كل عام. وهي تختار في كل مرة أن تهدي نفسها تجربة جديدة لم تمارسها من قبل. فإما أن ترتدي خوذة الفارسة وتركب الخيل، أو أن تمضي لتصطاد في بحيرة قارون في الفيوم، أو أن ترسم جدران شرفتها بأشكال نباتية لتجعل منها غابة خضراء. إن شقتها ليست بيتها لوحدها، فهي تربي عدداً من القطط والكلاب وتستضيف ما كان منها مريضاً أو مهملاً أو جائعاً في الشارع، ترعاه وتحنو عليه وتمنحه اسماً فيصبح من أهل بيتها.

بثينة كاتبة قصة قصيرة من الطراز الأول. تصلح قصصها لأن تتحول إلى أفلام. وهي قد كتبت بعض السيناريوهات، لكن كيف العثور على مخرج ومنتج؟ في العام الماضي قررت أن تخوض مغامرة جديدة. دخلت دورات تعلمت فيها فنون التصوير والمونتاج وإدارة الممثلين. كان الحل أن تخرج أفلامها بنفسها وبالقليل مما تملك. وهكذا كان. وعرفنا أن فيلماً مأخوذاً من إحدى قصصها سيعرض في مهرجان دولي للأفلام القصيرة.

اليوم تنهمك الشابة السبعينية في إخراج فيلم آخر. إن العراقيل كثيرة لكن بثينة لا تعرف المستحيل. فالقصة تدور في عربة قطار. من يؤجر لها قطاراً؟ كتبت في «فيسبوك تقول:«اليوم أنهيت تقطيع المشاهد وغداً أدعو دعاء السفر لعل دعائي يستجاب وأجد قطاراً أصور فيه فيلمي، يقف أمام بيتي وسائقه يقول لي (شبيك لبيك قطارك بين إيديك)».

تنازلت وجعلت «الحدوتة» تجري في حافلة للنقل العام. ونشرت تقول إن «الفيلم سيكون مغامرة كبيرة. مدير التصوير على وشك السفر في مهمة خارج البلاد، اثنان من أبطال الفيلم يأتيان من محافظات بعيدة إلى القاهرة، لم نستأجر بعد الأوتوبيس الذي تدور فيه الأحداث. سوف أحتاج إلى حوالي 20 شخصاً لملء المكان داخل الأوتوبيس وفي المحطة. لكني أحب الصعب وتحدي المستحيل».

جاء في آخر منشوراتها: «اليوم، وأنا أقود سيارتي، تلوت دعاء المطر: يا ربي تعلم بحالي. أنا مرهقة بكتابة جداول الفيلم الجديد. وليس لدي الوقت لغسيل سيارتي التي غطاها التراب، وبانت عوراتها، والزرع في حديقتي يكاد يصبح أعواداً يابسة عطشى لقطرة ماء. وما إن أنهيت دعائي حتى انصب المطر مدراراً، رغم شروق الشمس، وأغرق الشوارع، وتهافت التراب عن وجه سيارتي واغتسلت في جلوة عرس».

أجمل ما في بثينة أن نشاطها يصيبك بالعدوى فتشمر عن ساعديك وتشتغل.

 

مقالات ذات صلة