اسمها إيف، أي بالعربية حواء، خرجت إلى الأضواء بعد أكثر من عشر سنوات على وفاة والدها بسرطان البنكرياس.
وقد تسلطت عليها الأضواء أثناء مشاركتها في عرض لوي فويتون الأخير في باريس لأزياء الخريف والشتاء المقبلين.
لماذا كل هذا الاهتمام الإعلامي بها؟
لأنها ابنة ووريثة الرجل الذي كان من عباقرة التكنولوجيا الحديثة.
سواء عرضت الأزياء أو ركبت الخيل أو “تمخترت” في الأسواق، فإن إيف تحمل صفة طاغية واحدة: إنها البنت الصغرى لستيف جوبز، المخترع والشريك المؤسس لشركة «آبل»، منتجة أجهزة حواسيب «ماكنتوش» وهواتف «آيفون» الذكية وألواح «آيباد».
تهوى رياضة ركوب الخيل
أما ما يهمنا، كعرب، فهو أن جد هذه البنيّة الجميلة الرشيقة كان سورياً يدعى عبد الفتاح جندلي. والقصة معروفة، فقد تقابل الأستاذ السوري في جامعة ويسكونسن مع طالبة تدرس عنده تدعى جوان كارول شيبل، أحبها ورزق منها بولد اسمه ستيف، لم يستطيعا الاحتفاظ به بل تركاه لعائلة أمريكية تبنته وأنشأته ووفرت له أفضل تعليم. بعد ذلك تزوج عبد الفتاح وجوان كارول وأنجبا طفلة دعيت منى، لكنهما تطلقا بعد ذلك ونشأ الولد بعيداً عن أخته.
اللقية الثمينة
حاولت إيف، ابنة لورنس وستيف جوبز، الذي يسميه الشوام «أبو سطيف»، أن تبقى في الظل. لقد قررت أن تخرج للنور على مهل حين ترى أنها باتت قادرة على مواجهة الكاميرات ومتأكدة من رغبتها في العمل عارضة أزياء.
إيفا في عرض لوي فويتون
والحقيقة أنها تملك مواصفات المهمة. فطول قامتها متر و75 سنتمتراً ولها شعر بلون الحنطة في موسم الحصاد وتقاسيم مميزة. وهكذا فإن وكالة تشغيل العارضات «DNA» وجدت فيها لقية ثمينة. يكفي أنها تحمل لقباً واحداً من أشهر رجال أمريكا في نهايات القرن العشرين.
في السابع من مارس الماضي، اليوم السابق لعيد المرأة العالمي، أعلنت إيف عبر حسابها في «إنستجرام» بأنها وقعت عقداً مع الوكالة الشهيرة للعارضات. إنه عقدها الأول. وفي اليوم نفسه كانت واحدة من المدعوات للمشاركة في عرض أزياء «لوي فويتون» والذي جرى تحت السقوف الفخمة لمتحف «أورساي» في باريس.
تعلن انضمامها مع وكالة تشغيل العارضات «DNA»
كانت ترتدي جبة «كاب» ممهورة بالأحرف الشهيرة للعلامة الباريسية الفخمة. لكن تلك الخطوات على المنصة لم تكن أولى خطواتها، فقد سبقتها تجربة تمهيدية في الصيف الماضي حين ظهرت إيف كمتدربة في عرض «كوبيرني» لأزياء ربيع 2022، وكانت يومها ترتدي بلوز خضراء فاقعة وتنورة قصيرة لماعة. وفي حينه، انتهزت الفرصة لكي تحضر العرض الذي أقامته دار «بالمان» بمناسبة عيدها العاشر. لكن حضورها لم يلفت اهتمام المصورين رغم أنها نشرت الخبر في حسابها. لقد كان انتقالها إلى منصات الموضة بمثابة نقلة بدرجة 360 درجة من مضمار الفروسية الذي كانت معروفة فيه.
إيفا في عرض كوبيرني
منذ نعومة أظفارها كشفت إيف عن ولع بالخيول. وعندما بلغت سن المراهقة قررت أن الفروسية لن تبقى هواية بل ستكون مهنتها. وبفضل ذلك الولع تقدمت لأهم مسابقات ركوب الخيل، مثل جائزة «كلاسيك» الكبرى أو جائزة «لونجين ماسترز» في باريس. كانت الحظائر ومضامير السباق بعيدة عن منصات الموضة لكن إيف أثبتت جدارة كفارسة إلى جانب استمرارها في الدراسة بجامعة ستانفورد.
وكان أخوها ريد يدرس في الجامعة نفسها. وبهذا فإن الطالبة المجتهدة حاولت البقاء بعيدة عن تجاذبات الشهرة لغاية عام 2020. لكن في تلك السنة وقفت أمام الكاميرات وتعرف الجمهور العريض على ملامحها من خلال اشتراكها في حملة ترويج لنوع من مستحضرات التجميل. وتلك كانت الخطوة الأولى نحو دنيا الأناقة. فقد وضعت إيف سروال الفارسة والجزمة الطويلة جانباً وارتدت أجمل فساتين كبار المصممين.
عائلة ستيف جوبز
إيف آخر العنقود
يقولون إن هناك من يولد تحت نجمة سعد، أو وفي فمه ملعقة من ذهب. وهذا ينطبق على ابنة ستيف جوبز التي رأت النور في الثلاثين من إبريل 1998، العام نفسه الذي نزل فيه إلى الأسواق حاسوب «آيماك». ترعرعت الطفلة في وادي السليكون، تلك البقعة من ولاية كاليفورنيا الأمريكية التي تتجمع فيها كبريات شركات الإلكترونيات.
كانت محاطة بشقيقها ريد وشقيقتها إرين، وهما يبلغان من العمر حالياً 29 و25 عاماً. وطبعاً فإن كل واحد من الأبناء الثلاثة سار على النهج الذهبي الذي رسمه لهم أبوهم وأمهم. فقد حصل ريد على شهادتي ماستر في التاريخ وفي علوم الحياة. وهو يتخصص حالياً في جامعة ستانفورد الراقية بمرض السرطان، في ردة فعل على الداء الذي أودى بأبيه في خريف 2011.
إنها الجامعة نفسها التي درست فيها والدته لورين بأول قبل 26 عاماً. أما شقيقته إرين فإنها تدرس التصميم والعمارة، وهما موضوعان كانا عزيزين على قلب الأب الراحل.
إيف هي آخر العنقود، وليست بأقل طموحاً من أخيها وأختها لكنها أقل انخراطاً في اهتمامات الأسرة. لقد نشأت ابنة عملاق صناعة الأجهزة الدقيقة مثل غيرها من أبناء وبنات جيلها وكانت ميالة للرياضة وتنشر نتائج المسابقات التي تفوز فيها على حساباتها في مواقع التواصل، وكذلك صور الحفلات التي تحضرها وصور صديقها على صفحتها في «إنستجرام» التي تجمع 37 ألف متابع.
تشعر إيف جوبز بالفخر بأسرتها وتحرص على التعبير عن ذلك الاعتزاز عبر حساباتها. وهي متأثرة بوالدتها وكانت سعيدة عندما أصبحت طالبة في الجامعة نفسها التي درست فيها، والتي تعتبر ثاني أفضل جامعة في الولايات المتحدة. أما عن هوايتها بركوب الخيل فتقول إنها تساعدها في الحفاظ على تواضعها وتعلمها الاستقلال والمثابرة. وبلغ من حبها للفروسية أنها تراسلت مع أكاديمية «آبر إشالون» في كاليفورنيا وأخذت إجازة من الدراسة لمدة سنة لكي تتدرب فيها. وفي أروقة حظائر الخيل الراقية لم تكن إيف البنت الثرية الوحيدة بل تشاركها الهواية جنيفر ابنة بيل جيتس، وجسيكا ابنة الممثل بروس سبرنجستين، ودستري ابنة المخرج ستيفن سبيلبرج. وفي عام 2015 تنافست إيف مع دستري في سباق جائزة «إيكوسين» وتغلبت عليها بعد أن طافت بالحلبة في 29.181 ثانية.
وإذا كانت ابنة جوبز قد تعرفت إلى نخبة المجتمع الأمريكي في أروقة السباقات فإنها في حياتها اليومية كانت تفضل البقاء بعيدة عن الأضواء. لم تكن مثل غيرها من الوارثات الثريات اللواتي يظهرن على أغلفة المجلات. لكنها التحقت بهن. فقد وقعت دستر سبيلبرج، مثلاً، عقداً مع وكالة DT كموديل. أما جورجينا بلومبيرج، ابنة عمدة نيويورك السابق، فكانت تسير على السجادة الحمراء لدى افتتاح المعارض الفنية في متحف «مو ما» للفنون الحديثة.
لقد بقيت إيف قنوعة بمشاركة صورها العادية مع رفيقاتها عبر حسابات التواصل ولم تكن تظن أنها ستصبح عارضة أزياء مثل بنات الصفوة. كان أقصى ما يسعدها أن تشجع فرق كرة السلة للرجال وتمضية الإجازات على شاطئ البحر. ومن بين كل متابعي حسابها هناك شخص معين يحتل موقعاً متميزاً في قلب البنت الشابة.
إنه صديقها الذي يشبهها في الابتعاد عن الأضواء والذي نراها تتأبط ذراعه وهما يحضران السباقات الرياضية أو يهربان في نزهات إلى خارج المدينة.
أما وقد سارت على منصات العرض فإن إيف جوبز لن تتمكن بعد الآن من الهروب من مطاردة «البابارازي» وكاميرات الفضوليين. وحتى الآن لم تتحدث صحف الإثارة عن مقدار ثروتها التي ورثتها من أبيها، وهو رقم بأصفار مليارية.