4 سبتمبر 2023

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

مدينة البترون، في شمال لبنان، وجهة سياحية متكاملة الأوصاف على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، يقصدها اللبنانيون، مقيمون ومغتربون، والأشقاء العرب، فضلاً عن مختلف الجنسيات طيلة الفصول الأربعة.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

إنها قبلة الزوار من كل حدب وصوب، غدت اليوم عاصمة السياحة الصيفية الأبرز في لبنان لما تمتلكه من مزايا سياحية صيفاً وشتاء، ومن مقومات كاملة للسياحة الترفيهية والبيئية والثقافية والدينية والتاريخية والأثرية إلى جانب الحفاظ على التراث اللبناني العريق بمواصفات عصرية جداً.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

تشكل البترون مدخل محافظة الشمال، تبعد حوالي 50 كلم عن بيروت و30 كلم تقريباً عن طرابلس، وتعتبر تقاطعاً يتيح الانتقال إلى أعالي الجبال في تنورين وبشري واهدن أو إلى طرابلس وعكار أو بالعكس إلى جبل لبنان وبيروت. ويسبق الوصول إلى البترون شريط معروف بمناظره الخلابة وصخوره المميزة وشاطئه النظيف ومؤسساته السياحية البحرية. وفي محيطها تقبع معالم سياحية وطبيعية أبرزها قلعة المسيلحة ودربها المعد للمشي في الطبيعة إلى تخوم بلدة كفتون في الكورة، إضافة إلى قرية قرنعون ونفق شكا القديم قرب الشاطئ الفريد من نوعه في حامات ووجه الحجر.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

هي مدينة فينيقية في الأساس، مرت بها حضارات عدة أبرزها العصران الروماني والبيزنطي، ولعبت دوراً محورياً في ظل متصرفية جبل لبنان حيث كان مرفأها مركزاً للتبادل التجاري، ومنه كانت القوافل التجارية تعبر إلى دوما في أعالي القضاء ثم إلى بعلبك شرق سفوح جبال لبنان الغربية. وجدير ذكره في هذا السياق أن ملك مدينة صور الفينيقي إيطوبعل الأول هو الذي أسس مدينة البترون، ويعتبر سورها الساحلي، والذي عرف باسم «رأس ليثوبروسوبون»، من أبرز البصمات الفينيقية فيها.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

ومن هذه البصمات أيضاً بقايا قلعة فينيقية داخل المدينة، تهدمت بفعل الزلزال الذي ضرب لبنان عام 551م، وعدد من الكنائس، و«كرسي المير» وهو صخرة حفر فيها باب ودرج من جهة الغرب يرقى بواسطته الزائر إلى سطحها الذي يمكن الجلوس عليه مباشرة فوق مياه البحر. وثمة صخرة ثانية على شكل كرسي أيضاً تقع في البحر، ويقال لها «كرسي المير» أيضاً على المستوى الشعبي. وكان مرفأ البترون أهم حوض لصناعة السفن من خشب الأرز من أعالي تنورين وحدث الجبة في العهد الفنيقي.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

إشارة كذلك إلى أن سور البترون الفينيقي فريد من نوعه على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، ففي وسطه فجوة ويبلغ طوله 225متراً وارتفاعه 5 أمتار وعرضه بين متر ومتر ونصف المتر. وكان هذا السور أشبه بمقلع لتوفير الحجارة الرملية التي بنيت بها منازل البترون وقصورها منذ القدم مما جعلها أهم مدينة للعمران المشيد بهذا النوع من الحجارة على امتداد حوض المتوسط، وهو الأمر الذي الذي جعل البيت البتروني مشهوراً بحجره الرملي وقرميده الأحمر والقناطر والمندلون مع نافذة بطول مترين وعرض متر وبئر في الحديقة.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

ولأنها مدينة بحرية فقد شكل استخراج الإسفنج من مياه البحر في فصل الشتاء وتصنيعه وبيعه مصدراً أساسياً للدخل فترة طويلة في حياة أبناء البترون. كما اشتهرت بالصباغ الأرجواني وصدفة الموركس والغطس، وحديثاً بـ «الليموناضة» التي أدخلت البترون عام 2012 موسوعة غينيس للأرقام القياسية عبر تحضير أكبر كوب عصير من الليموناضة بسعة 5543 ليتراً، وتبرز على هذا الصعيد ليموناضة «حلمي».

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

ولاسم البترون أكثر من تفسير، أحدها يوناني مشتق من كلمة «بوتريس» التي أطلقها اليونانيون على البلدة، وكانوا يرفدونها دائماً بكلمة الجميلة «Beautris la belle» ومعناها عنقود العنب نسبة إلى أشجار الكرمة التي كانت تغطي مساحات واسعة من حقولها وجلولها مما أدى إلى تطور صناعة النبيذ فيها. إشارة إلى أن «اله الخمرة باخوس» من أبناء البترون، وعلى اسمه تأسست الكثير من المعابد في طليعتها معبده في قلعة بعلبك.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

الرحلة إلى البترون متكاملة الأوصاف، بدءاً من الآثار الفينيقية والرومانية وصولاً إلى السياحة الدينية المسيحية، خصوصاً بوجود الكنائس المميزة بعمرانها في طليعتها كاتدرائية مار أسطفان ذات الطراز المعماري الذي يمزج بين الفنين البيزنطي والروماني، والتي تعود إلى مطلع القرن العشرين حيث أقيمت مكان كنيسة قديمة. وإلى جانبها كنيستان للروم الأرثوذكس أبرزها كنيسة سيدة البحر المميزة بعمرانها وقناطرها، وهي مطلة على السور الفينيقي والبحر، وأصبحت مقصداً للزوار من أفراد وعائلات على مدار السنة. ولا تكتمل السياحة الدينية إلا بزيارة مسجد الطائفة السنية في البترون التي تتميز بعيش مشترك بين مختلف المذاهب مسيحياً وإسلامياً.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

ومن باحة كاتدرائية مار اسطفان يطل الزائر على المرفأ القديم، الذي أعيد تأهيله وصبح يضم 3 أحواض مخصصة لمراكب بعضها للصيادين وبعضها الآخر لتنزه الزوار بحراً، فضلاً عن اليخوت الصغيرة. وداخل المرفأ وفي محيطه يتنزه الزوار، ويتمتعون بمناظر خلابة سواء باتجاه عمق البحر أو باتجاه المنازل التراثية على الشاطئ حيث يطلون على السور الفينيقي وتقام في الباحة القريبة من المرفأ مهرجانات البترون الدولية.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

أما التنقل في سوق البترون القديم، وفي أحيائها التراثية ومؤسساتها السياحية والحرفية والتجارية، فهو بيئي بامتياز حيث يركن الزائر (فرداً أو جماعات أو عائلات) سيارته خارج السور الذي يحده، ويتجول سيراً على قدميه أو باستخدام الدراجات الهوائية أو الدراجات الكهربائية أو «التوك توك» و«الغولف كار»، والأخيرتان تعملان على الكهرباء. ويشير رئيس لجنة مهرجانات البترون الدولية، المحامي سايد فياض، إلى أن السياحة في هذه المدينة متكاملة ولعل أبرز أوجهها: انتشار المؤسسات البحرية بكثافة في البترون ومحيطها، فضلاً عن الشاطئ الصخري المميز بمياهه النظيفة، حيث يمارس الزائر شتى أنواع الرياضات البحرية في طليعتها الألواح الشراعية والحسكات والغطس. وهناك أيضاً المطاعم والمقاهي والباتيسري مما يتيح للفرد والعائلات تمضية أمتع الأوقات خلال ساعات النهار والليل، والمتاجر والمؤسسات الحرفية تغني المنطقة بطابع مميز، والمقاهي التي تتيح السهر على مدار السنة.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

هذا ويعود السوق القديم في المدينة إلى أواخر القرن التاسع عشر، وهو تراثي مبني بالحجر الرملي، وبالعقود المتصالبة على غرار الكثير من الأسواق اللبنانية العتيقة المنتشرة في المدن الساحلية، ويقول فياض لـ «كل الأسرة» إن العمران البتروني التراثي منتشر في كل أرجاء السوق القديم والأحياء المحيطة به، وقد تم ترميم الأكثرية الساحقة من البيوت والمحال والمؤسسات والبنايات داخلها.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

وتعتبر المساحة التي بني عليها 12 بيتاً، لمغتربين من البترون، على أنقاض القلعة الرومانية، المكان الأبرز بجماليته ورونقه التراثي والسياحي الذي تنتشر في أرجائه المطاعم والمقاهي، وتقام داخله وقربه المعارض والنشاطات الثقافية والحرفية. ويوضح فياض أنه درجت العادة، طيلة 8 سنوات على التوالي، أن يقام في بيت المغترب المهرجان السنوي للأفلام اللبنانية والمتوسطية القصيرة في الهواء الطلق، وذلك في الأسبوع الأول من سبتمبر حيث تنتخب لجنة الحكام أجمل فيلم لبناني وأجمل فيلم متوسطي.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

واللافت في مهرجانات التبرون الدولية أن لكل نشاط هدفه المحدد ثقافياً وعلمياً وسياحياً وتراثياً وبيئياً. وفي إطار مهرجانات البترون أيضاً يلفت فياض إلى أن إطلاق «متحف تحت البحر»، بالتعاون مع الجيش اللبناني وبلدية البترون، غايته تكريم الجيش وإتاحة الفرصة أمام الغطاسين زيارة هذا المتحف الذي يقع قبالة كنيسة سيدة البحر على بعد 20 متراً من السور الفينيقي، وعلى عمق 60 متراً، ولتوفير بيئة ملائمة مؤاتية للثروة النباتية والسمكية التي تجد ما يلائمها داخل آليات الجيش ودباباته وباصاته ومروحياته الموضوعة في قعر المياه والتي يتألف منها هذا المتحف.

عاصمة السياحة في لبنان.. البترون "عنقود العنب" ووجهة السياح للفصول الأربعة

ومن النشاطات الهادفة للمهرجانات معرض صور البترون الذي شارك فيه 75 مصوراً لبنانياً، وقدموا للجنة 278 صورة عن البترون اختيرت منها 60 صورة تم تكبيرها وعرضها على سنسول المرفأ. ولا يكتمل تشجيع السياحة البديلة والحديثة في المدينة إلا بإقامة معارض المشروبات والأكل البحري والمنتجات اللبنانية وهذا ما أنجز قرب المرفأ صيف هذا العام 2023.

* بيروت: شانتال فخري

 

مقالات ذات صلة