آمنة المازمي: أتطلع لدور أكبر في تغطية مخيمات اللاجئين ومعرفة احتياجات قاطنيها
14 سبتمبر 2021

آمنة المازمي: أتطلع لدور أكبر في تغطية مخيمات اللاجئين ومعرفة احتياجات قاطنيها

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

آمنة المازمي على غلاف مجلة كل الأسرة
آمنة المازمي على غلاف مجلة كل الأسرة

تحمل من المشاعر الإنسانية ما يجعلها جديرة بأن تكون ضمن الأيادي البيضاء التي تقدم يد المساعدة لطفل كفيف أو آخر دفعته الظروف إلى الجلوس في مخيم للاجئين، فغاية سعادتها عندما ترى طفلة في عمر الزهور وهي تتصفح كتاباً ضمن إصدارات مؤسسة «كلمات» ينقلها إلى عالم آخر مليء بالأمل والتفاؤل بعيداً عن مرارة الصراعات وويلات الحروب، تأخذ على عاتقها حمل حقائبها الممتلئة بالكتب لتهديها إلى من هو بحاجة إليها كي تنير بها دربه وتبث فيه روح الأمل من جديد.

هي آمنة المازمي، مدير مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال، التابعة لمجموعة «كلمات»، التقتها مروة محمد حسين لنتعرف إلى طبيعة عملها ونسلط الضوء على جانب من حياتها الشخصية.

آمنة المازمي - بيت الحكمة/ تصوير محمد الطاهر
آمنة المازمي - بيت الحكمة/ تصوير محمد الطاهر

انطلقت مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال في العام 2016، برؤية من قبل الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، لضمان حق كل طفل بالقراءة والوصول إلى الكتاب، وتلبية الاحتياجات المعرفية وتطوير قدراته، خاصة لمن يعيش منهم في مناطق النزاعات والحروب، ومنذ العام 2018 بادرت المؤسسة إلى توسيع نطاق عملها من خلال إطلاقها لمبادرة «أرى» الرامية إلى نشر ثقافة القراءة بين جميع أفراد المجتمع.. تشرح آمنة المازمي " أصدرت مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال 100 كتاب إلكتروني باللغة العربية بصيغة«Epub3» الميسّرة للأطفال من أعمار 3 إلى 12 عاماً، كما قامت بتوزيع 840 كتاباً بلغة «برايل» ، وكتاباً صوتياً وكتباً بطبعات مكبّرة في الإمارات. تهدف المؤسسة إلى توفير الكتب والوسائل التعليمية والمعرفية للأطفال في المناطق الفقيرة حول العالم".

تهدف مبادرة «أرى» إلى نشر ثقافة القراءة بين أفراد المجتمع

وتضيف " هناك صعوبة بالغة في الحصول على المصادر المعرفية التي تمنحهم المتعة والفائدة، وخصوصاً الكتب التي تتيح لهم اكتشاف العالم، وتبث في نفوسهم الأمل، ومن خلال «تبنَّ مكتبة»، والتي تعد من أنجح المبادرات التي أطلقتها المؤسسة، تمكنا من تغطية أكثر من 16 دولة في 4 قارات، إذ زودنا هذه الدول بـ 115 مكتبة تحتوي كل منها على أكثر من مئة كتاب، الأمر الذي أسهم في الوصول إلى آلاف الأطفال في الملاجئ ودور الأيتام بأوروبا، ناهيك عن المخيمات الموجودة بالدول العربية مثل الأردن وفلسطين. ويعد الحصول على الموافقات اللازمة لتدشين تلك المكتبات من أصعب التحديات التي تواجهنا كذلك التدقيق في محتوى الكتب، ولكن لمكانة الإمارات وكونها مركزاً للعمل الإنساني يتم إزالة مثل تلك الصعوبات بشكل كبير".

«كلمات» هي أول مؤسسة عربية توقع اتفاقية مع اتحاد الكتب الميسّرة بهدف تحويل وإنتاج الكتب الرقمية العربية إلى الكتب الميسّرة، لإيصالها للأطفال المكفوفين وذوي الإعاقة البصرية

وتردف بفخر "تعد «كلمات» أول مؤسسة عربية توقع اتفاقية مع اتحاد الكتب الميسّرة ، التابع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية «ويبو»، وجاءت الاتفاقية بهدف تحويل وإنتاج الكتب الرقمية العربية إلى الكتب الميسّرة، لإيصالها للأطفال المكفوفين وذوي الإعاقة البصرية، إذ تم جذب حوالي 10 من دور النشر العربية المهتمة بتوفير الكتب الميسّرة وتم إخضاع العاملين فيها لدورات تدريبية وورش عمل لهذا الهدف، وتم إنتاج ما يقارب من مئة كتاب ميسّر حتى الآن، وما زالنا نسعى لإنتاج المزيد".

آمنة المازمي: أتطلع لدور أكبر في تغطية مخيمات اللاجئين ومعرفة احتياجات قاطنيها
تصوير: محمد الطاهر

لم تكن هناك إحصائيات واضحة بأماكن الأطفال المكفوفين وضعاف البصر في الوطن العربي، ولا رصد لاحتياجاتهم من تلك الكتب وما يفضلون أن يجدوه فيها، لكن استطاعت آمنة من خلال المبادرة الوصول لأكثر من 5 آلاف طفل كفيف في العالم العربي، تحكي " أتذكر عندما توجهنا إلى مدرسة أم مكتوم بالأردن، وهي خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر، وأثناء توزيع بعض الكتب الميسّرة، جاءنا طالب عمره ما بين 14 و15 عاماً وأخبرنا عن رغبته في توفير كتب مغامرات، إذ لم يتسنى له قراءة مثل تلك الموضوعات المحفزة والتي تداعب مخيلته، حيث كان كل ما يحصل عليه هو الكتب الخاصة بالمنهج الدراسي فقط، والحمد لله استطعنا من خلال تلك المبادرة الوصول لأكثر من 5 آلاف طفل كفيف في العالم العربي وأنتجنا لهم أكثر من 30 ألف كتاب ميسّر، ونجحنا في الوصول إلى أكثر من 100 ألف طفل عربي حول العالم، وقدمنا لهم مجموعة كبيرة من المؤلفات التي ترتقي بوعيهم وفكرهم وتعزز من ارتباطهم بثقافتهم ولغتهم العربية".

ترى آمنة المازمي أن التطورات التكنولوجية أثرت سلبًا في جاذبية الكتاب لكن يبقى دور الأسرة عاملاً أساسيًا في التحفيز على القراءة ، تقول "نحن لا ننكر التطورات التكنولوجية التي فرضت نفسها على واقعنا وجعلت الكتاب وسيلة أقل جاذبية، فالإنترنت أتاح الوصول السريع للمعلومة بكبسة زر، ليصبح العالم قرية صغيرة يسهل تصفح أخباره، ومع ذلك لا أحمل هذا سبب عدم انجذاب أبناء الجيل الحالي للكتاب، فالمشكلة تكمن في البيئة المحيطة التي ينشأ فيها الطفل، بجانب غياب دور الأسرة في تحفيزه على حب القراءة، وأتذكر عندما كنت أدرس خلال سنوات عمري الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية ولم أكن متمكنة بعد من تعلم اللغة الإنجليزية كيف كانت البيئة المدرسية محفزة لتعلم اللغة عن طريق القراءة وتخصيص حصص للمناقشات بين الطلاب لتبادل الخبرات والمعلومات حول ما تمت قراءته، والحقيقة أننا نلمس ذلك في إمارة الشارقة، العاصمة العالمية للكتاب، التي جعلت من المدينة بيئة مشجعة على القراءة من خلال المبادرات التي تصب في هذا الجانب، وما ينقصنا فقط هو بلورة ذلك داخل الأسرة".

وتكمل" رغم أن التطورات التكنولوجية أظهرت تراجعاً في الإقبال على الكتاب لصالح الوسائط التكنولوجية المعاصرة، إلا أنه تراجع ليس دقيقاً وليس بحجم ما يتخيله الكثيرون، فالأمر يحتاج إلى النظر فيه بواقعية وإحصائيات خاصة ونحن ننظر إلى تنامي حجم سوق الكتاب، وعدد المبادرات التي تطلق للتشجيع على القراءة، بالإضافة إلى مستوى وعي وثقافة الأجيال الجديدة".

آمنة المازمي: أتطلع لدور أكبر في تغطية مخيمات اللاجئين ومعرفة احتياجات قاطنيها
تصوير: محمد الطاهر

وتؤكد "التكنولوجيا استحدثت معها أدوات متطورة سهلت على القراء الوصول للكتاب، خاصة الأجهزة المحمولة ذات الشاشات الكبيرة والمتخصصة في عرض الكتب فقط وهذا أمر مهم، لكن يمكن القول إن المسألة تتعلق بالذوق، هناك من يحب قراءة الكتب الورقية ويفضلها عن غيرها، وآخر يرى بأن الكتب الرقمية وسيلة أكثر فاعلية. فاليوم، بفضل التكنولوجيا المتطورة والكتب الإلكترونية خاصة المسموح منها ، بات الطفل المكفوف والذي يعاني صعوبات بصرية قادراً على القراءة والاستفادة من المعارف التي تضمها تلك الكتب، وهذا ما يجعلنا نقول بأن التكنولوجيا الجديدة أوجدت خيارات متطورة تخدم القارئ والباحث عن المعرفة والعلم".

آمنة المازمي: أتطلع لدور أكبر في تغطية مخيمات اللاجئين ومعرفة احتياجات قاطنيها
تصوير: محمد الطاهر

شاركتنا آمنة موقفاً ترك أثراً بداخلها وجعلها تدرك حجم معاناة بعض الأطفال "أتذكر موقفاً في إحدى المكتبات العامة في البرازيل وأثناء تواجدنا لتدشين مبادرة «تبنَّ مكتبة»، وخلال تواجدي سمعت صوتاً لطفل عمره حوالي 7 سنوات يصرخ فذهبت لأمه كي أعرف السبب وعرفت أن اسمه عمر وجاء معها إلى المكتبة من مكان بعيد يضم لاجئين سوريين، وكان يرغب في أخذ كتاب معه عن تعلم الحروف الأبجدية باللغة العربية، وكان ضمن إصدارات مؤسسة «كلمات»، وهو ما دفعنا إلى إرسال مجموعة من هذه النوعية إلى مكان تواجد الطفل عمر ورفاقه، وهنا أيقنت حجم المعاناة التي يمر بها هؤلاء وهم بعيدون عن أوطانهم، ويشعرون بالغربة والوحشة في مجتمعات غير ناطقة بلغتهم الأم، وأتذكر طفلاً عربياً كان من ضمن اللاجئين في اليونان ووقف وقال لي «عندما أدخل مكتبة تحوي كتباً عربية أشعر وكأن هناك من احتضنني»، وغيرها الكثير من المواقف التي تشعرني بقيمة ما نقوم به".

بيت الحكمة - تصوير: محمد الطاهر
بيت الحكمة - تصوير: محمد الطاهر

تتعاون آمنة مع العديد من الجهات لتسهيل مهامها على رأسها وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وسفارات الدولة في الخارج، تقول " تسهل لنا هذه الجهات مختلف الإجراءات الخاصة بزياراتنا وتنقلاتنا والمقابلات التي نجريها مع المسؤولين وأصحاب القرار في الدول التي نذهب إليها بحملاتنا، إلى جانب ذلك تربطنا اتفاقيات مع عديد من المنظمات الدولية التي تبذل جهداً في تسهيل مختلف العمليات التي نقوم بها أيضاً، إذ يجمعنا مع منظمة دعم الكتاب الدولية «بوك أييد انترناشونال»، اتفاقية خاصة لإيصال الكتب العربية للقارة الإفريقية بهدف فتح نافذة واعدة أمام القراء هناك للتعرف إلى جماليات ومكونات الثقافة واللغة العربية".

حدثتنا آمنة أيضًا عن الشخصيات التي تركت أثراً جليًا في مسيرتها، وساهمت في رسم ملامح مستقبلها "تعلمت من والدي العدل وحسن النية والعطف على الآخرين، ومن والدتي المثابرة والطموح والشغف للمستقبل، وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لكل مسلم، كونه معلم الإنسانية الذي أخرجها من الظلمات إلى النور، تعلمت من سنته الكثير من الصفات التي أوصلتني لما أنا عليه الآن، كما لقادتنا فضل كبير علي، إذ كان للمغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» دور كبير في بناء شخصيتي، وتعلمت من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الاعتزاز بثقافتنا العربية وحب الكتب، ومن الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، مؤسس ورئيس مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال، الشيء الكثير، فهي أكبر الداعمين لنا جميعاً والسباقة في تقديم العون للمرأة والطفل وكل ما يخدم الثقافة والإبداع".

وعن خططها المستقبلية على الصعيدين الشخصي والعملي، أخبرتنا "أنا شغوفة بمجال العمل الخيري الذي أكملت فيه ما يقارب 8 سنوات، وأطمح للحصول على شهادات في مجالات العلوم الإنسانية والأعمال الخيرية، كما أتطلع لدور أكبر في تغطية مخيمات اللاجئين ومعرفة احتياجات قاطنيها وسبل تثقيفهم وبما يسهم في التخفيف ولو قليلاً من المعاناة التي يعيشونها بعيداً عن أوطانهم، إلى جانب طموحي في أن أساند الأطفال على اختلاف تواجدهم وأسهم في تكريس ثقافة القراءة في نفوسهم من خلال توفير مصادر المعرفة لهم وإتاحة الفرص أمامهم للمشاركة في ورش عمل وأنشطة قرائية تعزز لديهم الانتماء للكتاب ومقدراته المعرفية والفكرية".

* نُشر الحوار كاملاً في مجلة كل الأسرة ( العدد 1467) بتاريخ 14 سبتمبر 2021

 

مقالات ذات صلة