جادا بنكيت سميث
يقول نزار في إحدى أجمل قصائده القديمة «يا شعرها على يدي... شلال ضوء أسودِ... ألمّه سنابلاً... سنابلاً لم تُحصدِ». تطوف الأبيات في بالي وأنا أتفرج على صور حديثة للممثلة الأمريكية جادا بنكيت سميث وقد حلقت شعرها بالكامل.
هذه ليست أول امرأة مشهورة تطلع على جمهورها برأس حليق. لماذا تنزع المرأة تاجها؟
لم أكتب عما قامت به المطربة المصرية شيرين بعد أزمة طلاقها الأخير. إنه موضوع مؤلم تناولته أقلام كثيرة. كما لم أعرف هل أن تسريحة أصالة الغلامية هي فاتحة لحياة جديدة مع زوج جديد، أم هي عودة إلى قصيدة ثانية لمواطنها نزار قباني، يقول فيها «صغيرتي إن عاتبوك يوماً كيف قصصتِ شعرك الحريرا... قولي لهم: أنا قصصتُ شعري لأن من أحبه يحبه قصيراً».
إن علاقة المرأة بشعرها هي اختصار لكل حالاتها النفسية. وهو، أي الشعر، يتفاعل مع مزاجها ويعكس فترات سعادتها أو تأزمها. يلمع ويهشّ ويبشّ حين تزهو، ويتقصف ويتساقط حين تنتكس.
شاهدنا في السنوات الأخيرة سيدات شجاعات كثيرات نشرن صورهن وقد فقدن فروة الرأس بسبب علاجات من مرض خبيث. كانت الواحدة منهن تريد التضامن مع النساء اللواتي أصبن بالمرض، ترفع من معنوياتهن وتشجعهن على خوض المعركة الشاقة مع السرطان.
وأذكر أن أول من فعلت ذلك، أواخر ثمانينات القرن الماضي، كانت كارولين أميرة موناكو.
لقد نشرت صورتها على غلاف مجلة «باري ماتش» الفرنسية وهي حليقة الرأس تماماً. ولم تكن الأميرة الحسناء تعاني أي مرض لكنها بادرت إلى ذلك العمل للفت النظر إلى معاناة مريضات الداء الخبيث، وتضامناً معهن.
هل تخسر المرأة أنوثتها إذا فقدت شعرها أو استؤصل ثديها؟ بصراحة، لا أحب الدخول في مجال مؤلم، ولا أن أقدم فتوى في أمر بالغ الحساسية. لكن من المؤكد أن الجواب لدى الأسرة. ومن كانت تتمتع بمحبة عائلتها، أو وقوف زوجها وأولادها إلى جانبها، فإن أنوثتها تبقى محفوظة مهما تغيرت التفاصيل. ولماذا أقول «أنوثتها»؟ الصحيح «إنسانيتها».
وعودة إلى الممثلة وكاتبة الأغاني جادا، زوجة النجم المعروف ويل سميث. فقد اعترفت في مقابلة معها أنها تعاني داء الثعلبة منذ سنوات، وكانت تتحايل عليه بمختلف أنواع الحيل والباروكات. تقول إنها كانت تستحم وتفرك رأسها فتجد خصلات تتساقط بين كفيها. لقد تحول رأسها إلى رقعة شطرنج، فراغات كثيرة وسط الفروة الكثيفة، الأمر الذي كاد يتسبب لها بعقدة نفسية.
لذلك اتخذت قرارها بحلق شعرها بالكامل للتخلص من تلك العقدة ونشرت صورتها على إنستجرام. والحلوة حلوة، ولو قرعاء.
