22 يونيو 2022

ماذا يريد الطفل من "شقاوته" وشغبه؟ وكيف نتعامل معه؟

محررة في مجلة كل الأسرة

ماذا يريد الطفل من

يشكو العديد من الأهالي من شغب أطفالهم داخل أسوار المدرسة، وهو شغب قد يجد مبرراته في سياق العلاقة التي تربط الطفل بأهله أو في سياق وضعه «الوجودي» في العائلة ومدى الاعتداد بنفسه وبلورة شخصيته بالشكل المناسب.

فقد يكون الشغب «إيجابياً» حيث يرتبط بالذكاء والتفوق، وقد يتجه إلى منحى سلبي في حال معاناة الطفل من وضع أسري غير مستقر كانفصال والديه أو انشغال أسرته عنه وعدم الاهتمام به وباحتياجاته.

في تحقيقنا، نحاول تلمس دوافع الشغب وآثاره وكيفية تعامل الأهل مع هذا الواقع، كما نزود أولياء الأمور بآليات «وقائية» للحد من شغب أبنائهم وتوظيف هذا السلوك في المنحى الإيجابي:

دوافع شغب الأطفال في المدارس

ترصد غفران عبد القادر، استشارية نفسية واستشارية تعديل السلوك وصعوبات التعلم، دوافع شغب الأطفال في المدارس وهي «أسرية، مدرسية، نفسية، اجتماعية وأسباب خاصة بالطفل نفسه».

تبين في هذا الصدد «قد تكون المنظومة الأسرية عاملاً مساعداً في أن يصبح الطفل مشاغباً في المدرسة وهذا ناتج عن الخوف من الأهل وافتقاد ثقته بنفسه، وفي المقابل قد يترك الأهل الطفل «على راحته» من دون ضوابط فينقل الشغب إلى داخل الفصل الدراسي أو الملعب، وهذه الحالات ترصد لدى أسر تنشغل فيها الأم في استخدام الهاتف على مدى اليوم أو أسر تعاني التفكك الأسري أو من باب التقليد للأخ الأكبر الذي يقوم بهذه الأفعال للفت انتباه والديه لا شعورياً متسائلاً أين أهلي من حياتي؟».

ماذا يريد الطفل من

الأسباب المدرسية

تفند عبد القادر الأسباب المدرسية «قد يعاني الطالب صعوبات تعلم تجعله لا يركز مع باقي الطلاب ويلجأ إلى الشغب، حيث أجد في هذه الحالة أن بعض الكوادر التعليمية لا توظف الشغب بطريقة إيجابية، وهنا تتبدى الحاجة لدورة بالدعم النفسي للأطفال تخصص للتربويين لمعرفة التعامل مع الوضع».

إلى جانب الأسباب الأخرى، تتوقف عبد القادر عند أهمية «توزيع الأطفال المشاغبين بين الصفوف وعدم التعامل معهم كأطفال مشاغبين لعدم نسف الخطة بين الأخصائي النفسي أو الاجتماعي والأهل»، مشيرة إلى «ضرورة تزويد أبنائنا بآداب الحياة والأخلاقيات في التعامل مع المحيط وفتح باب الحوار بين الطالب والأهل ومع المدرسة والابتعاد عن العقاب كحل غير ناجع».

نظام التعليم عن بعد ترك أثراً سلبياً في الطالب

لا تخلو ساحات المدرسة وصفوفها من شغب طفولي قد يكون محبباً أو قد يتجاوز حدوده ويؤثر سلباً في الأداء الدراسي للطالب.

تشرح منال محمود علي، أخصائية اجتماعية في مدرسة الشارقة الدولية، أن الكثير من الدوافع وراء هذا الشغب منها «العنف الأسري أو تعرض الطفل للعنف في المدرسة من قبل زملائه وغياب التربية السليمة ووضع الكثير من الضغوط على عاتقه».

كل حالات الشغب التي تابعتها محمود كانت في «حدود المعقول» وتحت سيطرة المدرسة «ما يمكنني التركيز عليه هو أن نظام «التعليم عن بعد» ترك أثراً سلبياً في الطالب، حيث نجده غير معتاد على البيئة المدرسية والتواصل الاجتماعي وبذلنا الكثير من الجهود لترسيخ المجتمع التعاوني داخله وتأهيل الشريحة العمرية الأصغر لهذه النقلة».

ومن خلال تماسها مع بعض الحالات، تواكب آليات الحل «عندما نرصد ظاهرة معينة، نقدم برامج في المدرسة تستهدف الأهل والطلبة المشاغبين والطلاب كافة إلى محاضرات نوعية ونحاول إشراك هذه الشريحة في الأنشطة المدرسية التي تفرغ طاقاتهم بشكل إيجابي».

وتستهدف البرامج عدة محاور أهمها «تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطلاب وتحفيزهم، مراعاة الفروق الفردية وتخصيص برامج خاصة لكل فئة، إعداد ورش عمل خاصة لأولياء الأمور كما إسناد بعض المهام لهذه الفئة داخل الصف».

ترصد محمود ردة فعل الأهالي «البعض لا يتقبل توصيف ابنه بالمشاغب ونحاول توضيح أهمية التنسيق بين المدرسة والبيت، في حين أن الغالبية العظمى من الأهل تتفهم الواقع وتتعاون مع المدرسة لإرساء خطة عمل وإشراك الطالب في برامج توعوية تعزز القدرة على ضبط مشاغباته».

حلول للتعامل مع الطفل المشاغب؟

تقدم الاستشارية النفسية غفران عبد القادر حلولاً للحد من الشغب بطريقة إيجابية:

  • عدم المقارنة بين الأبناء وعدم وصم الطفل المشاغب بالشغب كي لا أضاعف عدم ثقته بنفسه.
  • التعامل مع كل طفل تبعاً لميوله واهتماماته بأسلوب مختلف ومتمايز.
  • فهم ابني والإلمام باحتياجاته والأخذ بالاعتبار ذكاء الطفل وخياله الواسع.
  • تخصيص وقت لطفلي أصغي إليه وأمد جسور الحوار معه حول دوافع شغبه سواء طاقة زائدة (إشراكه في نادٍ في هذه الحالة) أو شعور بالملل (كسر الروتين ببعض الأنشطة) أو عدم التأقلم مع مدرسيه وزملائه (إيجاد حل للمشكلة ).
  • عدم معاقبته على شغبه كون العقاب هو «أسوأ الحلول» وعدم توجيه عبارات سلبية له.
  • اللجوء إلى أخصائي اجتماعي أو نفسي لتحليل الدوافع وراء الشغب وأسباب المشكلة كون «لكل حالة خصوصيتها».
  • تعزيز ثقته بنفسه حيث أروي له قصصاً وأشركه في يومياتي مع وضع خطط على المدى الطويل لتعزيز هذا التوجه.
  • الوعي لأسباب الشغب ومعالجتها من جذورها والتنسيق بين المدرسة والأهل والأخصائي النفسي.
  • تعزيز الرقابة الإيجابية على الطفل وعلى المحتوى الذي يراه في مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إذ يتبع أساليب الشغب التي يطلع عليها عبر تلك الوسائل.
  • تعزيز حضور الأب في الأسرة.

اقرأ أيضًا: طفلي مشاغب ومتمرد .. كيف أتعامل معه؟