في الآونة الأخيرة، شهدنا الكثير من الفيديوهات من قبل عاملات منزليات يهاجمن العائلات التي تستقدمهن ويعملن لديها ويخصّصن المخدومات بفيض من الشتائم، إلى عاملات يهدّدن الزوجة بهز عرشها وسلب زوجها منها.
فالأمور لا تقف عند هنا وتتعداه إلى الكثير من التجاوزات التي تتخطى الحدود.. والسؤال يطرح نفسه: ما هي أساسيات العلاقة بين المساعدة المنزلية ومخدومها، وكيف السبيل إلى تفادي مطبات الخلاف وسوء الفهم بين الطرفين ناهيك عن البعد القانوني الذي يبيّن حقوق كل منهما؟
ظاهرة الفيديوهات من بعض العاملات المنزليات
ترصد خولة المطروشي، بكالوريوس في الإرشاد الأسري ومديرة مركز «حور» للفتيات في جمعية النهضة النسائية، ظاهرة الفيديوهات التي تخرج بها بعض العاملات المنزليات وتحلّل محتواها.
تقول «الأغلبية ترى وجود العاملة ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها للقيام سواء بالأعمال المنزلية أو رعاية الأبناء، بيد أن وجودها قد يكون نعمة أو نقمة وهذا رهن بربة المنزل. فالتهاون في تحديد المهام ووضع القوانين المنزلية وترك المساحة الواسعة لها واختلال الأدوار وعدم إدراك الفجوة في العادات والتقاليد و المعتقدات في الحياة وخاصة الأسرية منها، يؤدي إلى تطاول العاملات على ربة المنزل و انتقادها لكون العاملة ترى أن الأم هي من تقوم بكل الأعمال دون استثناء داخل أسرتها، في وقت ترى المخدومة في المنزل لا تقوم إلا بتلقين الأوامر، ومن هنا ظهرت فئة من العاملات تنتقد ربة المنزل بِسخرية على قنوات التواصل الاجتماعي».
ولا يمكن إغفال تبعات العمالة المساعدة على الأسرة «وجود العاملة لابد أن يبنى على قوانين و قيود، والغرض من وجودها لِمساندة ربة المنزل فقط و ليس للقيام بخدمة الزوج أو تربية ورعاية الأبناء، لما لهذا المنحى من آثار سلبية في الأسرة والأبناء من ضياع للقيم والعادات والتقاليد وغياب اللغة والدين واكتساب معتقدات وسلوكيات دخيلة لا تمت لِمجتمعنا بصلة، وأثرها على المدى البعيد في التفكك الأسري والانحراف و الجرائم».
وهذا الجانب يقودنا إلى إرساء التعامل الصحيح مع العمالة، إذ تلفت المطروشي إلى أن «الخبرة عادة ما تستقيها المخدومة من تعامل والدتها مع المساعدات المنزليات وكذلك من الأهل والصديقات».
وتضيف «من أهم الأسس النفسية هي الصحة النفسية لكونها تجعل الفرد يتمتع بحياة خالية من الاضطراب والقدرة على مواجهة الأزمات، ونحن نعلم أن العاملات قد يكن تعرضن لِضغط نفسي أجبرهن على العمل بعيداً عن بلدهن وأسرهنّ نتيجة العوز والفقر، وهذا من شأنه أن يترك آثاره على الصحة النفسية ويؤدي إلى حدوث اضطرابات».
لا بد من إرساء أسس التعامل مع العاملة المنزلية ومنطلقاته من الناحيتين الشرعية والإنسانية
كيف تتعاملون مع العاملات المنزليات؟
سبق للكاتبة نجيبة الرفاعي أن تناولت موضوع الخدم في حلقة من برنامجها «حياتنا» حيث تؤكد أنه يكاد لا يخلو بيت من العمالة المنزلية «هذا الوضع ليس رفاهية بقدر ما هو ضرورة، ولكن لا بد من إرساء أسس التعامل مع العاملة المنزلية ومنطلقاته من الناحيتين الشرعية والإنسانية».
ترتكز الخطوة الأولى على اختيار الخادمة وأهداف استقدامها سواء للقيام بالأعمال المنزلية وغيرها من المهام «في كل الأحوال، تجب مراعاة الخصوصية والقيم المجتمعية داخل الأسرة»، مؤكدة على مرتكزات أهمها:
وترتكز المقومات الواجب التعامل من خلالها على:
التواصل والخطوط الحمراء مع العاملة في المنزل
بدورها، ترصد الكوتش سهام شريف، خبيرة تواصل وتطوير ذات، قواعد التعامل مع العاملات المنزليات «يعيش الطرفان صورة ذهنية مشوشة وأحياناً خطأ، فتكون المخدومة في حالة دفاعية و تتواردها الأفكار «تسرق زوجي، قد تقتل أبنائي، قد تتحرش بزوجي..»، في وقت تفكر العاملة بما ينتظرها».
القاعدة الأولى هي التواصل:
لا بد من التواصل والتعارف لدى قدوم العاملة لكونها تعيش حالة توتر وتعاني صورة مشوشة في ذهنها عن مستجدات واقعها وماذا يترتب عليه وهذا ما ينسحب على الأسرة المخدومة حيث ينتابها شيء من القلق إزاء الخادمة.
هذا التواصل يجب أن يتمثل في:
القاعدة الثانية ترتكز على الخطوط الحمراء، وتشمل:
القانون الاتحادي حفظ حقوق العمالة المساعدة
من الجانب القانوني، حفظ القانون حقوق العمالة المنزلية، حيث تلفت المحامية شوق الكثيري إلى واقع العاملات المنزليات في ضوء القوانين المستحدثة «وفقاً للإحصائيات الدولية، فإن عاملة من كل 25 عاملة حول العالم هي عاملة منزلية، ونظراً لما جرى رصده عالمياً من وقائع تشكل انتهاكاً صارخاً لهذه الطائفة من العمالة، فقد أصدرت منظمة العمل الدولية الاتفاقية رقم 189 الخاصة بالعمل اللائق لعمال المنازل».
وتضيف «تعد دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة التي اعتنت بهذه الفئة من العمالة حتى أنها لم تكتف بقانون العمل وحده كمظلة لحماية حقوقها، بل أصدرت عام 2017 القانون الاتحادي رقم 10/2017 بشأن عمال الخدمة المساعدة لإسباغ الحماية وتخصيص قدر أكبر من الضمانات، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 3/3 من هذا القانون والتي أوجبت على مكاتب الاستقدام في حال استقدامها عاملاً أو تشغيله مؤقتاً عدم ممارسة أي نوع من أنواع التمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الرأي أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، كما حظرت التحرش جنسياً بالعامل لفظياً أو جسدياً أو إجباره على العمل أو أية ممارسة ممّا يدخل في إطار الاتجار بالبشر، وبخلاف ما تنص عليه القوانين العامة من عقوبات في هذا الصدد فقد اعتبر القانون أي ممارسة من هذا النوع تشكل جريمة يعاقب فاعلها بالغرامة التي لا تقل عن 50000 درهم».
وتتوقف المحامية الكثيري عند «كون القانون أوجب على مكاتب الاستقدام عدم استقدام العامل إلا بعد إعلامه بنوع العمل وطبيعته ومقداره، وحظر على مكاتب الاستقدام أن يطلب بنفسه أو بواسطة الغير عمولة، وأوجبت المادة العاشرة بضرورة سداد الراتب خلال عشرة أيام بحد أقصى من تاريخ استحقاقه، ومنح القانون للعامل الحق في الحصول على راحة أسبوعية بأجر شامل وفي حال تشغيله يمنح يوماً بديلاً أو مقابلاً إضافياً لهذا اليوم، كما منحه إجازة سنوية مقدارها 30 يوماً عن كل سنة، وأوجب على صاحب العمل سداد الراتب المتعلق بالإجازة قبل القيام بها، وأوجب على صاحب العمل منح العامل تذكرة سفر إلى بلده مرة كل عامين».
كما منح القانون الحق للعامل في الحصول على إجازة مرضية لمدة لا تزيد على 30 يوماً في السنة، وغيرها من ضمانات كفيلة بحماية هذه الطائفة من العمالة.