01 مارس 2021

علماء الأزهر: الزوجة ليست خادمة والإسلام ألزم الرجل بمساعدتها في المنزل

محرر متعاون

علماء الأزهر: الزوجة ليست خادمة والإسلام ألزم الرجل بمساعدتها في المنزل

وقفت الزوجة الشابة أمام محكمة الأسرة في القاهرة لتكشف سذاجة رؤية بعض الشباب للحياة الزوجية، واستهانتهم بحقوق زوجاتهم، وأصرّت على الطلاق «خلعاً» من زوجها «الكسول المهمل»، مع تنازلها عن كافة حقوقها.

قالت «شيماء» تزوجته وانخدعت بمظهره ولباقته، وكنت أعتقد أن هذه الهيئة توحي برجل يعرف كيف يتعامل مع زوجته باحترام في بيت الزوجية، وكيف يحترم مشاعرها ويتعاون معها على القيام بالأعمال المنزلية، خاصة إذا ما كانت تعمل مثله وعليها واجبات وظيفية تفوق واجباته.. ولكن للأسف خاب ظني وتحطمت كل طموحاتي في حياة زوجية مستقرة مثل الكثيرات من صديقاتي؛ ولذلك أريد أن تنتهي علاقتي به الآن، فهو يريد زوجة من نوعية المرحومة كريمة مختار في فيلم «سي السيد»، وأنا لست تلك الزوجة.

وعندما حاول القاضي أن يهدّئ من روع «شيماء»، ويطالبها بإعطاء فرصة أخرى لزوجها لعله يعود إلى طريق الاستقامة، ويفي بواجباتك ردت عليه: لو عرفت تفاصيل غطرسته في التعامل معي وكأني خادمة في بيته لخلصتني منه الآن، فأنا أتنازل عن حقوقي المادية – وهي كثيرة ويعجز عن الوفاء بها - لأنني لم أعد أستطيع العيش مع زوج بهذه المواصفات!!

ذهبنا إلى عدد من كبار علماء الإسلام؛ لنستلهم منهم الحلول لمواجهة هذا الخلل، وذلك حرصاً على استقرار العلاقة بين الزوجين.. وفيما يلي أهم ما قالوه من نصائح وتوجيهات:

علماء الأزهر: الزوجة ليست خادمة والإسلام ألزم الرجل بمساعدتها في المنزل

لا حق للزوج في قهر زوجته والتعامل معها على أنها خادمة في بيته

يؤكد د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن العلاقة الزوجية تقوم على الحب والمودة والرحمة والعشرة الطيبة، ولا تستقر الحياة الزوجية وتؤتي ثمارها إذا غاب منها الاحترام المتبادل بين الطرفين.

ويضيف: الإسلام ألزم المرأة أن تحترم زوجها داخل البيت وخارجه، وتفي بحقوقه كاملة، لكن هذا الاحترام لا ينبغي أن يضعه الزوج في غير محله ويتعامل مع زوجته على أنه (السيد) الآمر الناهي الذي تجب طاعته في كل شيء، فهذه الطاعة يرفضها الإسلام، فلا حق للزوج في قهر زوجته والتعامل معها على أنها خادمة في بيته، بل حث الإسلام على الحوار والتفاهم والتعاون بين الزوجين في كل أمر يخص الأسرة.

ويشدد شيخ الأزهر على أن الإسلام يرفض أن يسود العنف البدني أو النفسي أو اللفظي العلاقة الزوجية تحت أي مبرر، وعندما تحدث مشكلة بين الزوجين يجب أن يتسلح كل منهما بقيم التسامح والتعاطف والصبر على هفوات الآخر، والتماس الأعذار له، ومحاولة إصلاح ذلك بالحوار والتفاهم، فالعنف من أحد طرفي العلاقة الزوجية لا ينبغي أن يواجه بعنف مماثل، فبيت الزوجية ليس ساحة للعنف والإكراه والإساءة، بل هو بيت للحوار والتفاهم والتعاون، وإرساء مبادئ المودة والرحمة.

ويشدد د. الطيب على أن حسن المعاملة ليس حقاً للزوج فقط، وإنما هو حق أيضاً للزوجة، والحق سبحانه وتعالى يأمر الرجال أن يعاشروا نساءهم بالمعروف، «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً».. ولكي يتجنب الزوجان مرحلة الكره يجب أن يسود التسامح والرحمة والعفو بينهما، ويجب على كل منهما أن يحترم شريك حياته، وعلى كل الرجال أن يدركوا أن الإسلام أرسى قواعد الاحترام المتبادل بين الزوجين؛ حتى تقوم بينهما حياة مستقرة قوامها الحب والود والتفاهم والرحمة، من منطلق قول الله تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)».

علماء الأزهر: الزوجة ليست خادمة والإسلام ألزم الرجل بمساعدتها في المنزل


إن شاركت المرأة الرجل في السعي على الرزق، يجب على الرجل ألّا يتركها تتحمل العبء وحدها

العالم الأزهري د. محمد عبد الغني شامة، أستاذ الثقافة الإسلامية في جامعة الأزهر، والأمين العام لبيت العائلة المصرية، يؤكد أن الإسلام فرض على الرجل احترام زوجته، والوفاء بحقوقها كاملة، والتعاون معها في كل ما ييسر لهما الحياة المعيشية، ومن هنا قال بعض الفقهاء بإلزام الزوج القادر مادياً بتوفير خادمة لزوجته؛ لتيسر لها الأعمال والواجبات المنزلية.

ويضيف: الإسلام في تنظيمه للحقوق المتبادلة بين الزوجين وزع الأدوار، فجعل الإنفاق على بيت الزوجية مسؤولية الزوج، فالأغلب في المجتمعات البشرية كلها - وليس المجتمعات العربية وحدها - أن الرجل هو الذي يسعى لكسب قوت الأسرة، والمرأة مطالبة برعاية شؤون البيت وتربية الأولاد، بما يضمن للحياة الزوجية عيشة هادئة وسعيدة، فإن شاركت المرأة الرجل في السعي على الرزق، أي إذا خرجت للعمل فيجب على الرجل ألّا يتركها تتحمل العبء وحدها، وعليه أن يشاركها قدر المستطاع لمساعدتها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة والمثل في ذلك، فالمرأة إذا خرجت إلى العمل لتساعد في تحسين الأحوال المادية، فلا أقل من أن يؤدي الرجل ما يخفف عنها عبء العمل؛ لأن ذلك من حسن المعاشرة التي أوصى بها الله في كتابه العزيز.

ولذلك يطالب د. شامة كل الرجال بالتخلي عن المفاهيم الخاطئة المتوارثة من عصر الجاهلية الأولى، والتي تدفع بعض الأزواج إلى الإساءة لزوجاتهم، والتعامل معهن بغلظة، ويقول: مساعدة الرجل لأهل بيته لا تقلل من هيبته ولا مكانته على الإطلاق، وهناك بعض الأعمال المنزلية مناسبة جداً لطبيعة الرجل، ويفضلها بالفعل بعض الرجال، مثل طهي الطعام وتنسيق البيت، وهي تخفف عن الزوجة أعباء كثيرة، وفي الوقت نفسه تدخل السرور إلى قلب الزوج أيضاً، ومنها أيضاً ملاعبته أطفاله، أو توجيههم وتعليمهم، ذلك أن إشغال الأطفال عن أمهم يساعدها على قيامها بأعمالها المنزلية ويفرغها لها، ويمكنها من إنجازها في وقت أسرع، وبصورة أفضل، وأيسر ولو اتبعنا نهج الرسول والسلف الصالح لكانت الأسر سعيدة وخالية من الشكوى.

علماء الأزهر: الزوجة ليست خادمة والإسلام ألزم الرجل بمساعدتها في المنزل

القوامة لا تعطي للزوج حق التسلط على زوجته والتعامل معها على أنها خادمة في بيته

د. محمد الشحات الجندي، أستاذ الشريعة الإسلامية، وعضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، يرفض أن يتعامل الزوج مع زوجته بمنطق «السيد» الذي يأمر فيطاع، ويرفض منطق الأزواج الذين يعتقدون أن الزوجة خادمة في منزل الزوجية، قبل أن تكون زوجة ودوداً وأماً حنوناً.. ويقول: الإسلام يقيم العلاقة بين الزوجين على أساس من الحب والتفاهم والاحترام المتبادل، وتوجيهات الإسلام تحث الزوجين على اتباع كل ما يعمّق المشاعر الطيبة. 

ويؤكد أستاذ الشريعة الإسلامية أن التعاون في الأعمال المنزلية كان إحدى خصال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويقول: كان رسول الله يشارك زوجته وبناته في قضاء حوائج البيت، كما جاء في الحديث الشريف عن السيدة عائشة رضي الله عنها، فمساعدة الزوجة في أعمال البيت ليست عيباً، ولا نقيصة في حق الرجل، بل هي من الفضيلة خاصة إذا كانت المرأة تحتاج إلى المساعدة وتستحقها، كما أن المساعدة تتأكد بل أحياناً تجب إذا كانت الزوجة مريضة ولا يوجد من يقوم على أمرها ويدبر حوائج منزلها، فهي من المعاشرة بالمعروف التي أمر الله بها «وعاشروهن بالمعروف».

وهنا يدعو د. الجندي كل الرجال بالاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، بأن يحسن الزوج إلى زوجته، ويساعدها في أعمال المنزل، خاصة إذا ما رأى حاجتها إلى ذلك، أو يأتي لها بخادمة إذا كان ممن لا يجيدون أعمال المنزل.

ويشدد على أنه لا دخل للقوامة في ذلك، ويقول: الله سبحانه وتعالى جعل حق القوامة ورئاسة البيت للرجل، وعلى المرأة أن تطيعه وتحترمه، فإذا لم تفعل ذلك تكون قد ارتكبت إثماً وعملت منكراً، لكن هذه القوامة لا تعطي للزوج حق التسلط على زوجته والتعامل معها على أنها خادمة في بيته، بل عليه أن يشعرها دائماً بأنها «ملكة البيت» وهي المسؤولة عن تدبير أموره، وهو يساعدها في ذلك بقدر ما تسمح له ظروفه الصحية والنفسية، ومن المهم أن يتم هذا الأمر بالتراضي بين الزوجين، وبمبادرة من الزوج، ودون إلحاح من الزوجة؛ حتى نحافظ على الاستقرار الأسري الذي هو مقصد الشرع من الزواج أساساً مصداقاً لقوله تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة».

اقرأ أيضًا: لماذا يرفض الرجل الشرقي مساعدة زوجته في أعمال المنزل؟