تحرص الأم على تعليم طفلها الصفات الحميدة مثل العطاء وحب المشاركة وعدم الأنانية، فتبدأ بتثبيت الفكرة لديه بحثه على مشاركة من هم في مثل عمره ألعابه الخاصة، لتتسبب بذلك وبدون أن تشعر في إحداث نوع من الألم والحزن الداخلي لطفلها، وهو ما ينعكس بالتبعية على شخصيته عند الكبر.
تحدثنا سهى عبدالله، أخصائية لغة وتواصل ومدربة في التنمية الذاتية، عن تداعيات إجبار الأم طفلها لأن يشاركه الآخرون الأشياء والألعاب الخاصة به، وتقول "الطفل بطبيعته معطاء ومحب لذلك، إلا أنه في سنوات عمره الأولى يبدأ في تكوين تجاربه الشخصية فيبحث عن ذاته من خلال الارتباط بالأشياء والأماكن أولاً ثم الألعاب، كأن يحب الجلوس في مكان معين وليكن ركناً في البيت ويفضل ألاّ يقتحم عالمه هذا أحد، ليس بهدف تملكه، لكن لتجسيد فكرة ما بداخله مرتبطة بهذا المكان ولا يريد أن يضايقه أحد، كذلك الحال بالنسبة لألعابه فهي تجسد عنده قيمة أو فكرة أو شعوراً لديه، فالدمى تكون بمخيلته شيء معين فيرتبط بها، وكذلك السيارة الصغيرة، والقطار الخاص به، وبمجرد ما تكتمل تلك المشاعر داخله ويشبعها تجده يترك اللعبة ويزهدها، وهنا يمكن أن تحثه الأم على فكرة العطاء، وليس في المرحلة الأولى وقت التعلق بالشيء وحب امتلاكه، فترك مسافة خصوصية وتقدير لرغبات الطفل شيء مهم، حتى لا يكبر وهو مكتسب صفات غير حميدة".
وتشير سهى عبدالله "قد تقابل أشخاص تستشعر من طريقتهم عدم تحملهم المسؤولية وتخاذلهم في القيام بدورهم في الحياة كما يجب أن يكون، وهنا لابد وأن تعي أن هذا الشخص من المرجح أنه لم تحترم ملكيته الخاصة وهو طفل، ولم يجد تقدير من حوله لرغباته في عدم مشاركة الآخرين ومن هم في مثل سنه الأشياء الخاصة به، وهي مشكلة تظن الأم أنها بسيطة فتتجاوز عن تلبية احتياجات طفلها النفسية، فتكبت رغبته على الرغم من أنها لا تتعارض أبداً مع مفهوم الكرم وحب مساعدة الغير، وتبدأ في إقناعه بألا يترك الفرصة للغير كي يوصموه بصفات غير محمودة فتضغط عليه كي ينفذ ما طلبته منه، تارة بشكل هادئ وبأسلوب مقنع، وتارة أخرى بالتعنيف وأحياناً الصراخ في وجهه من أجل الرضوخ لأوامرها، وربما تسمعه بعض العبارات المؤلمة مثل اتهامه بأنه غير معطاء وأناني ولا يحب التعاون ومشاركة الآخرين اهتماماتهم، كل ذلك بسبب تمسكه بحقه في أن يحتفظ بألعابه لنفسه".
وتضيف سهى عبدالله "الأبناء امتداد للأهل فمنهم يكتسبون الخبرات المهارات الحياتية المختلفة، وللأسف هناك من يربي أو هكذا يعتقد ويخطئ في تقديره لبعض الأمور نتيجة تصنيفه لها وفق قناعاته الشخصية فينشأ جيل غير سوي، وإذا طبقنا الأمر علينا نحن الكبار، فكما نرى أن المحمول و«اللاب توب» وأغراضنا الشخصية ملك لنا ولا يجوز أن نشاركها مع الآخرين، وربما نشعر بالضيق إذا أجبرتنا المواقف على ذلك، وهذا ما يحدث مع الطفل؛ إذ يرتبط بملابسه وألعابه وأغراضه الأخرى، فلماذا نفرض عليه عند زيارة ضيف ومعه طفل في مثل عمره أن يشاركه أغراضه التي تشكل له الكثير؟ وربما نثور ونغضب إذا شعرنا بالحرج من موقفه على الرغم من أن ما يفعله هو بالضبط ما نتمسك به تجاه الأشياء الخاصة بنا، فللأسف لا يدرك الأهل تأثير ما يفعلون على أبنائهم بعد ذلك، فعلى سبيل المثال قد يتعلم الطفل المنتهكة خصوصيته الاستهتار وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، وقد يصبح عند الكبر إنساناً غير مسؤول سواء في عمله وتأديته لمهام وظيفته أو داخل نطاق أسرته، فيكون ترتيب الأولويات والاحتياجات عنده غير واضح المسار، وكذلك طرق إنفاقه تكون غير مرتبة، وغيرها من الأمور التي تعكس مدى تأثره بخلل ما أثناء مراحل تنشئته الأولى".
عزز بطفلك احترام ملكيته الخاصة فهي تعني له الكثير
تلفت سهى عبدالله «عزز بطفلك احترام ملكيته الخاصة، وفي نفس الوقت مرر له رسائل ضمنية وهي التي لا يمكن إدراك غايتها من الوهلة الأولى، لكنها تؤتي ثمارها مع الوقت، مثلاً عندما تكون لديه لعبة ذكاء يمكن أن تقول له الأم "عندما نأتي بلعبة جديدة يمكنك أن تترك تلك ليتعلمها غيرك".. وخلاصة القول لا تجبر الطفل على أن يشارك من في مثل عمره ألعابه أو ملابسه فهي تعني بالنسبة له الكثير وعليك احترام ذلك».