03 فبراير 2021

كيف تحمي طفلك من الآثار النفسية السلبية للطلاق ؟

محررة متعاونة

كيف تحمي طفلك من الآثار النفسية السلبية للطلاق ؟

أكدت دراسة اجتماعية جديدة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر أن الطلاق على الرغم من أنه أبغض الحلال عند الله فإنه قد يكون هو الحل الوحيد لنهاية حياة من عدم التفاهم والمشكلات بين الزوجين، ولكن المتضرر الأكبر للأسف هم الأبناء الذين لا ذنب لهم في ذلك الانهيار.

وقالت الدراسة: إن الأولاد الذين يقرر آباؤهم وأمهاتهم الانفصال معرضون لمشكلات أكثر من غيرهم، ويكونون أكثر عرضة من غيرهم للقلق وفقدان الثقة في النفس والاكتئاب، حيث رصدت هذه الدراسة أن 46% من أبناء الطلاق يعانون اضطراباً نفسياً؛ بسبب الخلافات الأسرية قبل وبعد الطلاق، ونسبة تصل إلى 12% من أبناء الطلاق يتعرضون للتعنيف من زوج الأم وزوجة الأب مما يدمر نفسيتهم.

كما حذرت الدراسة من حالات الانتقام الأعمى التي قد تنتاب أحد أو كلا الوالدين أثناء وبعد الانفصال.

وأشارت الدراسة إلى أن أبرز المشكلات التي قد يواجهها الطفل نتيجة الطلاق هي: 

  • اضطراب سلوكياته الانفعالية
  • ضعف تحصيله الدراسي
  • عدم قدرته على تكوين علاقات اجتماعية مع المحيطين به
  • الشعور الدائم بالخوف من الحياة والمستقبل.

via GIPHY

طرحت «كل الأسرة» نتائج هذه الدراسة على عدد من خبراء الطب النفسي والعلاقات الأسرية والتربوية، وسألتهم كيف يؤثر الطلاق على صحة الأطفال النفسية؟ وكيف يتجاوز الأبوان مرحلة الانفصال بأقل الخسائر؟ وكيف يخفض ويخفف الوالدان من صدمة الطلاق على الأبناء حتى لا يصيبهم بألم نفسي؟

أبناء الطلاق معرضون لمشكلات نفسية

في البداية تؤكد الدكتورة هايدي المصري، استشاري نفسية الطفل وتعديل السلوك بالقاهرة، أن الأطفال الذين يمرون بتجربة طلاق والديهم هم أكثر عرضة للمشكلات السلوكية والأمراض النفسية والصعوبة في التحصيل الدراسي، وكثير من الصعوبات الاجتماعية، كما أنهم أقل فهماً للذات من الأطفال من الأسر المترابطة. فعندما يتخذ الوالدان قرار الانفصال يجب أن يعلما بداية أن الطلاق له تبعات ضخمة على الأسرة، سواء من الناحية الأسرية أو الاقتصادية، وكثيراً ما يكون الأطفال أكثر المتضررين فالطلاق سيؤدي إلى تغيير حياتهم مع تغيير في الروتين والعادات التي اعتادوا عليها، كما ينتقل الأطفال بين منزلين فلا يشعرون بالاستقرار.

وتقول د. هايدي المصري: كل هذه التغييرات تجعل من الصعب عليهم التكيف وقبول الوضع الجديد، إضافة إلى أخطاء الوالدين في التعامل مع أبنائهما أثناء الطلاق، مما يجعلهم معقدين نفسياً بسبب التشاجر وإظهار الغضب أمامهم ونسيان مشاعر واحتياجات الأبناء أثناء الطلاق، وإشراك الأطفال في الخلافات أو أسباب الطلاق، والتحدث بصورة سلبية على الطرف الآخر أمامهم؛ لكسب ثقتهم ووضع الأطفال في موقف يجبرهم على الانحياز لأحد الطرفين.

وتشدد الدكتورة هايدي المصري على ضرورة مشاركة الوالدين في عملية التربية؛ فهي مسؤولية مشتركة بين الطرفين، فالأبناء في حاجة إلى وجود أبوين خلال فترة نموهم، فتواجد الأب مع الأم يساعد على خلق بيئة تربوية سليمة، وذلك لا يحدث عندما يربى الطفل في رعاية طرف واحد وغياب الطرف الآخر.

via GIPHY

من الضروري وضع خطة قبل الطلاق أو فور حدوثه، تكون بالاشتراك بين الأبوين

أما الدكتور محمد محمود حمودة، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين بكلية الطب جامعة الأزهر، فيرى أنه عندما تستحيل العشرة ويقرر الطرفان الانفصال يجب أن يفكرا ويعملا ألف حساب لأولادهما، وكيف يتجاوزون صدمة الانفصال من دون خسائر قدر الإمكان.

ويقول: الطلاق ليس نهاية الحياة، وتأثير الطلاق على الأبناء يكون بحسب تعامل والديهم معهم، فمثلاً قد يحدث الطلاق ويتعامل الوالدان بشكل ودّي وكأن شيئاً لم يكن، فقط انفصلا عن بعضهما، وتكون النتيجة أننا سنرى أبناء جيدين لم يؤثر الطلاق عليهم والعكس صحيح.

لذلك من الضروري وضع خطة قبل الطلاق أو فور حدوثه، تكون بالاشتراك بين الأبوين يتفقان فيها كيف يتعاملان مع الأطفال، وكيف سيتابعان شؤون حياتهم تحت قيادة الوالدين، ويجب أن يكون لدى الأم التي انفصلت عن زوجها آلية مبتكرة للتواصل مع أولادها في الفترة التي تلي الطلاق، وتستمع إلى تخوفاتهم، وتحاول طمأنتهم، خاصة إذا كانوا أطفالاً أو في مرحلة المراهقة، فهم لن يفهموا سوى أن الأب اختفى من حياتهم اليومية، ولم يعد موجوداً باستمرار، ولا يوجد داعٍ أن تقولا لهم بأنكما تحملتما سنوات من المعاناة من أجلهم، فهم ليس لهم ذنب، وبكلمات بسيطة يمكن لهم فهم أنكما ستواصلان رعايتهم بشكل مشترك، حتى وإن تم ذلك في بيتين مختلفين، وأن استحالة العشرة بينكما لن تؤثر في مكانتهم لديكما.

 استغلال الأبناء للانتقام يدمر سلامتهم النفسية

ويحذر الدكتور حمودة الآباء والأمهات من النزاع على الأولاد واستغلالهم في النزاع، فأولادكما يحتاجون لكما معاً ولا يجوز لهم أخذ موقف من أحد الطرفين والتحيز للآخر فمن السهل على الأبناء العيش بين بيتين مختلفين عن تخييرهم بين البيتين، وهنا أيضاً يجب عليكما التوقف عن أي كلام مؤذٍ عن الشريك السابق أمامهم، ولا داعيَ للانتقام عن طريق الأولاد؛ فهذا الأمر يدمر سلامتهم النفسية، ويجعلهم ينشأون معقدين ممزقين نفسيا.

via GIPHY

رؤية الطفل للخلافات الأسرية تجعله عدوانياً

وتتفق معه الدكتورة لبني الشباسي، استشارية نفسية متخصصة في العلاقات الأسرية بجامعة عين شمس، في أن الأطفال الذين يتعرضون لتجربة انفصال الوالدين يجب التعامل معهم بحكمة وحجب الخلافات عنهم، ويتم التعامل مع الطفل بمزيد من الحب والحنان من جانب الطرفين؛ لنطمئنه ونسيطر على الخوف الذي قد ينتابه، ويكفيه التعرض لتجربة الانفصال الجزئي عن أحد الأبوين، كما أنه حرم من ميزة الأسرة.

وترى د. الشباسي أن رؤية الطفل لهذه الخلافات الأسرية تجعله عدوانياً، سواء مع المحيطين به من الأهل والأصدقاء وحتى زملائه بالمدرسة، ومن المتوقع في بعض الأحيان أن يتحوّل الطفل للعصبية والتخريب والعدوانية حتى مع إخوته؛ بسبب فقد الثقة بنفسه وبالآخرين، وأحياناً يتصرف الطفل بشكل أكبر من سنه.

وتقول: أحياناً يتصور الطفل أنه سبب الصراع بين الوالدين، والكثير من الأطفال يحمّلون أنفسهم مسؤولية الطلاق، ويأخذون على عاتقهم مسؤولية إعادة الوالدين للعلاقة الزوجية، وعندما يفشلون في ذلك تسوء حالتهم النفسية، ويتعرضون للاكتئاب، مع أنهم ليس لهم أي ذنب في تواجدهم بين أبوين غير متفاهمين.

وتنصح الدكتورة لبنى الشباسي الأمهات باقتطاع الكثير من أوقاتهن ليقضينها مع الأبناء، ويستمعن لهم بشكل جيد، ويوضحن أسباباً بسيطة للانفصال بما يتناسب مع أعمارهم. كما يجب على الأم والأب معاً الحرص على الإبقاء على الأنشطة والأعمال الروتينية المعتادة لهم، مثل رؤية الأصدقاء واللقاءات الأسرية، وعلى الوالدين أن يعملا معاً لتسهيل الأمور على الطفل، وإبقائه بعيداً عن الصراعات والخلافات.

 

اقرأ أيضًا: كيف نحمي الأبناء من غياب دور الأب بعد الطلاق؟