تتفرع العملية التعليمية بين عدة أطراف ومنهجيات، وتتخللها الكثير من مفترقات إما بالإمكان مواكبتها أو مواجهتها ببدائل منتجة.
فالعام الدراسي على المفترق، وعلى هذا المفترق تتراكم الهواجس لدى الطلبة ويعيد الأهل ترتيب أولوياتهم سواء المادية والاجتماعية لتسير على خط مواز مع المتطلبات التعليمية لأبنائهم.
وبين كل تلك المسارات، لا بد للمدرسة والكادر التعليمي فيها عدم «مجاملة» المشهد من الخارج، بل دعم الطالب منذ يومه الأول والتماهي مع مخاوفه ورصد نمطه التعليمي.
فما هي الأنماط التعليمية للطالب؟ وكيف يمكن توظيفها في تطوير العملية التعليمية والتخفيف من توتر الطالب كما الارتقاء بمستواه الدراسي؟
تتوقف الدكتورة عائشة الجناحي، كوتش وقائدة عالمية في مجال الطفولة المبكرة، عند بداية العام الدراسي وأهمية «التأقلم» بعد فترة من الفوضى، إذا صح التعبير «في مستهل العام الدراسي الجديد، سنسمع بعض عبارات السخط والخوف من قبل بعض الطلبة بعد انقضاء فترة العطلة، لأن الطالب يشعر بعدم الأمان في بيئة يتطلب فيها اتباع بعض القوانين التي لا تفرضها عليه الأسرة، كما أنه يجهل الطلاب الذين سيتعامل معهم في الصف والمعلمين ومدى صعوبة المنهج الدراسي وغيره من الأمور. لذا، يتطلب من الوالدين أولاً تهيئة الطالب ومساعدته على التكيف من خلال توضيح طبيعة العالم الدراسي بعطف وحب، بعيداً عن الترهيب والتخويف».
فتكامل العلاقة بين البيت والمدرسة يعتبر عاملاً أساسياً في استقرار نفسية الطلبة واستعدادهم الدراسي وينعكس بشكل إيجابي على تحصيلهم العلمي.
تقول د. الجناحي «سابقاً، أطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة «مرحباً مدرستي» من أجل استقبال العاملين في الميدان التربوي بصورة محفزة بهدف نشر الإيجابية والسعادة في أجواء جميع المدارس الإماراتية في الدولة، وتتضمن بعض الأنشطة التعليمية والترفيهية الهادفة للطلبة».
لا بد من تهيئة الطالب للعام الدراسي ومواجهة «مخاوفه» بالحوار الهادف والإيجابي
ولكن لماذا يشكل خوف بعض الطلاب من المدرسة أحد التحديات؟
توضح د. الجناحي «قد تكون الأسباب نابعة أساساً من البيت:
من هذا المنطلق، تشكل البيئة المدرسية الجديدة تحدياً يواجه الطلبة وبالأخص من يعاني مخاوف في التأقلم مع الواقع الجديد، وبالتالي فإن هذه البيئة يجب ألا تنفصم عن الواقع، بل تجاري المتطلبات النفسية والتعليمية للطالب وتواكبه بأفضل السبل للارتقاء بمستواه الدراسي.
الحوار... وأسلوب التشجيع
كخبيرة في مجال الطفولة المبكرة، تبين د. الجناحي أنه يمكن إقامة حوار يواكب هذه المرحلة وفق أسس واضحة تجنب تأثيرها في نفسية الطالب عبر:
الأنماط التعليمية للطفل.. بين البصري والسمعي والحسي
بيد أن العنصر الأهم، وفق د.الجناحي، يكمن بضرورة تعرف الكادر التعليمي إلى نمط الطفل الدراسي في تقبل المعلومة سواء كان نمطاً بصرياً، حسياً أو سمعياً، ما يساعده على اكتساب المهارات بشكل سريع ويقلل من توتره وشعوره السلبي. وهذه الآلية يمكن أن تعزز البيئة المدرسية الداعمة لتطور الطالب من خلال تماسه مع برامج وأنشطة تعليمية تحاكي عالمه الحقيقي ونمط تفكيره.
فكيف يمكن للكادر التعليمي عملياً أن يكون سنداً حقيقياً في مواجهة التحديات التعليمية التي يواجهها الطفل والحد من تداعياتها على صعيد مستواه الدراسي؟
تشرح د. الجناحي «قبل كل شيء، يجب التعرف إلى الأسلوب الأمثل للتعلم عند الطفل بالبحث عن النمط الدراسي للطفل في تقبل المعلومة والذي سيساعده على اكتساب المهارات بشكل سريع وسيقلل من توتره وشعوره السلبي بأن المذاكرة ليست إلا عبئاً ثقيلاً».
توضح «نمط الأطفال الدراسي قد يكون بصرياً أو سمعياً أو حسياً، وصحيح أن معظم الأطفال قد يكون لديهم خليط من هذه الأنماط، ولكن من المهم معرفة ماهية النمط الذي يميل إليه الطفل أكثر حتى يتم التركيز عليه».
وتشرح سمات كل نوع:
تتوافق د. الجناحي مع مقولة «لا تعطه سمكة بل علمه كيف يصطاد» لكون الألعاب الحسية والأنشطة البصرية والسمعية والاهتمام بنمط الطفل التعليمي، كلها عوامل تقلل مستوى التوتر والقلق لدى الأطفال في مرحلة تعلمهم المبكرة، وتمكنهم من أن يصبحوا أكثر هدوءاً واتزاناً في مواجهة التحديات وأكثر تواصلاً مع أقرانهم، مما يعزز فرص التواصل والتعاون في المهام المدرسية تبعاً لنمط كل طالب وحتى ينعكس بشكل إيجابي على تحفيز أفكارهم الإبداعية.
من هنا، لا بد للمدارس من الاستعانة بطرق وآليات تحرك لدى الطفل مكامن الإبداع وتثير فضوله من ألعاب حسية وأخرى تحاكي البصر والسمع كجزء لا يتجزأ من النمو السليم للطفل وتطوير مهاراته المعرفية والتواصلية مع زملائه في المدرسة ومع الكادر التعليمي.