30 أغسطس 2023

د.عائشة الجناحي: التعرف إلى النمط الدراسي للطفل يرتقي بمستواه ويطور مهاراته

محررة في مجلة كل الأسرة

د.عائشة الجناحي: التعرف إلى النمط الدراسي للطفل يرتقي بمستواه ويطور مهاراته

تتفرع العملية التعليمية بين عدة أطراف ومنهجيات، وتتخللها الكثير من مفترقات إما بالإمكان مواكبتها أو مواجهتها ببدائل منتجة.

فالعام الدراسي على المفترق، وعلى هذا المفترق تتراكم الهواجس لدى الطلبة ويعيد الأهل ترتيب أولوياتهم سواء المادية والاجتماعية لتسير على خط مواز مع المتطلبات التعليمية لأبنائهم.

وبين كل تلك المسارات، لا بد للمدرسة والكادر التعليمي فيها عدم «مجاملة» المشهد من الخارج، بل دعم الطالب منذ يومه الأول والتماهي مع مخاوفه ورصد نمطه التعليمي.

فما هي الأنماط التعليمية للطالب؟ وكيف يمكن توظيفها في تطوير العملية التعليمية والتخفيف من توتر الطالب كما الارتقاء بمستواه الدراسي؟

د. عائشة الجناحي

تتوقف الدكتورة عائشة الجناحي، كوتش وقائدة عالمية في مجال الطفولة المبكرة، عند بداية العام الدراسي وأهمية «التأقلم» بعد فترة من الفوضى، إذا صح التعبير «في مستهل العام الدراسي الجديد، سنسمع بعض عبارات السخط والخوف من قبل بعض الطلبة بعد انقضاء فترة العطلة، لأن الطالب يشعر بعدم الأمان في بيئة يتطلب فيها اتباع بعض القوانين التي لا تفرضها عليه الأسرة، كما أنه يجهل الطلاب الذين سيتعامل معهم في الصف والمعلمين ومدى صعوبة المنهج الدراسي وغيره من الأمور. لذا، يتطلب من الوالدين أولاً تهيئة الطالب ومساعدته على التكيف من خلال توضيح طبيعة العالم الدراسي بعطف وحب، بعيداً عن الترهيب والتخويف».

فتكامل العلاقة بين البيت والمدرسة يعتبر عاملاً أساسياً في استقرار نفسية الطلبة واستعدادهم الدراسي وينعكس بشكل إيجابي على تحصيلهم العلمي.

تقول د. الجناحي «سابقاً، أطلقت وزارة التربية والتعليم مبادرة «مرحباً مدرستي» من أجل استقبال العاملين في الميدان التربوي بصورة محفزة بهدف نشر الإيجابية والسعادة في أجواء جميع المدارس الإماراتية في الدولة، وتتضمن بعض الأنشطة التعليمية والترفيهية الهادفة للطلبة».

لا بد من تهيئة الطالب للعام الدراسي ومواجهة «مخاوفه» بالحوار الهادف والإيجابي

ولكن لماذا يشكل خوف بعض الطلاب من المدرسة أحد التحديات؟

توضح د. الجناحي «قد تكون الأسباب نابعة أساساً من البيت:

  • فقد يقوم أحد الوالدين بالتحدث عن المدرسة بصورة سلبية أمام الطالب أو التهديد بتركهم في المدرسة كوسيلة للعقاب.
  • وأحياناً أخرى لا يساعد الوالدان أبناءهم في فهم وإنهاء الفروض المنزلية، لذا يشعرون بعدم تقبل المواد الدراسية والمدرسة عموماً.
  • أو تتبدى عوامل أخرى كعدم مقدرتهم على تكوين صداقات جديدة، ما يشعرهم بالنقص.
  • أو بسبب تعرضهم للتنمر من قبل الزملاء بالضرب والسخرية».

د.عائشة الجناحي: التعرف إلى النمط الدراسي للطفل يرتقي بمستواه ويطور مهاراته

من هذا المنطلق، تشكل البيئة المدرسية الجديدة تحدياً يواجه الطلبة وبالأخص من يعاني مخاوف في التأقلم مع الواقع الجديد، وبالتالي فإن هذه البيئة يجب ألا تنفصم عن الواقع، بل تجاري المتطلبات النفسية والتعليمية للطالب وتواكبه بأفضل السبل للارتقاء بمستواه الدراسي.

الحوار... وأسلوب التشجيع

كخبيرة في مجال الطفولة المبكرة، تبين د. الجناحي أنه يمكن إقامة حوار يواكب هذه المرحلة وفق أسس واضحة تجنب تأثيرها في نفسية الطالب عبر:

  • الحوار مع أبنائنا وتبسيط المفاهيم والنزول بها إلى مستوى تفكير الطالب لمعرفة الأسباب الحقيقية التي تخلق هذا الحاجز النفسي.
  • التواصل مع المعلم أو الكادر التعليمي، ففي حال تعذرت معرفة أسباب الخوف، يجب التحدث مع المعلم الذي بإمكانه المساعدة كونه الأقرب للطالب في المدرسة، لتوضيح الأسباب وعلاج المشكلة.
  • استخدام أسلوب التشجيع مع الطالب ليتمكن من التعبير عن شعوره لعودته إلى المدرسة بالرسم.
  • سرد الوالدين للقصص المضحكة عن ذكرياتهم القديمة في المدرسة في مرحلة الطفولة.
  • اصطحاب الأبناء إلى المكتبة عند تجهيز جميع المستلزمات وهذا الأمر يغمرهم بكل تأكيد بالحماس والاستعداد النفسي.

د.عائشة الجناحي: التعرف إلى النمط الدراسي للطفل يرتقي بمستواه ويطور مهاراته

الأنماط التعليمية للطفل.. بين البصري والسمعي والحسي

بيد أن العنصر الأهم، وفق د.الجناحي، يكمن بضرورة تعرف الكادر التعليمي إلى نمط الطفل الدراسي في تقبل المعلومة سواء كان نمطاً بصرياً، حسياً أو سمعياً، ما يساعده على اكتساب المهارات بشكل سريع ويقلل من توتره وشعوره السلبي. وهذه الآلية يمكن أن تعزز البيئة المدرسية الداعمة لتطور الطالب من خلال تماسه مع برامج وأنشطة تعليمية تحاكي عالمه الحقيقي ونمط تفكيره.

فكيف يمكن للكادر التعليمي عملياً أن يكون سنداً حقيقياً في مواجهة التحديات التعليمية التي يواجهها الطفل والحد من تداعياتها على صعيد مستواه الدراسي؟

تشرح د. الجناحي «قبل كل شيء، يجب التعرف إلى الأسلوب الأمثل للتعلم عند الطفل بالبحث عن النمط الدراسي للطفل في تقبل المعلومة والذي سيساعده على اكتساب المهارات بشكل سريع وسيقلل من توتره وشعوره السلبي بأن المذاكرة ليست إلا عبئاً ثقيلاً».

توضح «نمط الأطفال الدراسي قد يكون بصرياً أو سمعياً أو حسياً، وصحيح أن معظم الأطفال قد يكون لديهم خليط من هذه الأنماط، ولكن من المهم معرفة ماهية النمط الذي يميل إليه الطفل أكثر حتى يتم التركيز عليه».

وتشرح سمات كل نوع:

  • أحياناً قد يكون الطفل بصرياً حيث يتطلب منه رؤية الأشياء حتى يستوعبها ويتعلمها مثل الكتب المصورة ومشاهدة الأفلام التعليمية التي تشد انتباهه بصرياً، ويكون دقيقاً في ملاحظة الألوان والتناسق ويميز بين الألوان بشكل كبير ويكثر في كلامه من دلالات البصر كقوله «أنا أرى، انظر ماذا حدث» حتى يلتفت إليه والداه وتجده أكثر ميلاً لهذا الأسلوب في المرحلة الابتدائية حيث تكثر فيها المحفزات البصرية من صور ورموز بصرية.
  • الطفل السمعي، يعتمد بشكل كبير على حاسة السمع في المذاكرة. لذا، تجده يتعلم اللغات بشكل سريع وتظهر عليه البلاغة في الحوار مع الآخرين منذ الصغر ويكون أداؤه متميزاً لأنه يردد ما يسمعه في المدرسة.
  • أما أطفال النمط الحسي، فهم يعتمدون غالباً على العمل اليدوي لذا تجدهم أكثر نجاحاً في المدارس ذات النظام الدولي التي توفر الجانب العملي في التعليم، وذلك لأن أطفال هذا النمط يتميزون في التعليم العملي عن التعليم النظري كما تتبدى أهمية الألعاب الحسية من خلال دمجها للأنشطة التفاعلية مع المناهج التعليمية.

تتوافق د. الجناحي مع مقولة «لا تعطه سمكة بل علمه كيف يصطاد» لكون الألعاب الحسية والأنشطة البصرية والسمعية والاهتمام بنمط الطفل التعليمي، كلها عوامل تقلل مستوى التوتر والقلق لدى الأطفال في مرحلة تعلمهم المبكرة، وتمكنهم من أن يصبحوا أكثر هدوءاً واتزاناً في مواجهة التحديات وأكثر تواصلاً مع أقرانهم، مما يعزز فرص التواصل والتعاون في المهام المدرسية تبعاً لنمط كل طالب وحتى ينعكس بشكل إيجابي على تحفيز أفكارهم الإبداعية.

من هنا، لا بد للمدارس من الاستعانة بطرق وآليات تحرك لدى الطفل مكامن الإبداع وتثير فضوله من ألعاب حسية وأخرى تحاكي البصر والسمع كجزء لا يتجزأ من النمو السليم للطفل وتطوير مهاراته المعرفية والتواصلية مع زملائه في المدرسة ومع الكادر التعليمي.