9 أكتوبر 2023

د. باسمة يونس تكتب: في ظل الأمومة

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية.

د. باسمة يونس تكتب: في ظل الأمومة

إن المرأة الذكية قد تلهم الرجل العظيم، لكن المرأة التي اختبرت الأمومة هي التي تدفعه للنجاح. وفي الواقع، لا تحتاج المرأة للقيام بذلك من خلال التخطيط لقيادة مؤسسة أو إدارة شركة أو مشروع اقتصادي، وليس عليها الدخول في معارك صاخبة مع الرجل من أجل إثبات حكمتها، بل يمكنها أن تتفوق وتحصل على قوتها من مجرد كونها امرأة، وزوجة وأماً.

لقد رويت دائماً قصص عن النساء الناجحات عبر التاريخ، من اللواتي تفوقن في علم أو بذلن جهداً في عمل، ولكن لم تحك قصص نجاحهن الأخرى في بيوتهن، وكيف تمكنت حياتهن العائلية من تحفيزهن وتقوية عزائمهن للنجاح في أشغالهن الأخرى، ولم يتركن جزءاً منها بين أيدي رياح القدر العاتية.

وفي حين قد يعتقد البعض أن النساء اللاتي يصبحن أمهات لا يمكنهن تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرة الناجحة، سيأتي التاريخ ليدحض هذه الفكرة ويذكرنا دائماً بما حققته العديد من الأمهات من إنجازات رائعة في مهنهن قد قمن أيضاً بتربية أطفالهن وأغدقن عليهم حبهن ورعايتهن.

وتستطيع المرأة في أعمالها أن تستفيد مما حصلت عليه من الأمومة باعتبارها تجربة جميلة ومرضية وقادرة على صقل مواهب ومهارات النساء. فرغم أنها تتطلب الكثير من الوقت والطاقة، خاصة في السنوات القليلة الأولى من عمر الطفل، ويمكن أن تكون مرهقة للغاية، وصعبة، لكنها العملية الأكثر متعة للمرأة من بين جميع الأعمال والنجاحات الأخرى، وهي الشيء الوحيد الذي يغير حياة المرأة وخصوصاً عواطفها ويدفعها للنضج والتحول إلى شخص لديه القدرة على النجاح في كل شيء.

وعندما تصبح المرأة أماً، يحدث تغيير كبير في الطريقة التي تنظر بها إلى نفسها وفي الطريقة التي ينظر بها الآخرون إليها، فهي تصبح أكثر عاطفية وحساسية بعد أن تغمرها هذه المسؤولية الضخمة، والحب الذي يجعلها تصبح أكثر هشاشة مما كانت عليه من قبل. وتنظر إلى جميع الأطفال من منظور مختلف، فهي تريد حمايتهم جميعاً وستشعر بتواصل أكبر مع جميع الأمهات في أي مكان في العالم وستفكر دائماً بأنها تريد أن تنجح لكل من حولها وليس من أجل نفسها وحدها فقط.

وكما تمنح الأمومة للمرأة قوة لحماية طفلها تجعلها مستعدة للقيام بأي شيء من أجل المحافظة على أبنائها آمنين ولتصبح أكثر صبراً وتعاطفاً وأقل إصداراً للأحكام وتثق بحدسها أكثر من أي وقت مضى وتمنحها كذلك القدرة على اتخاذ القرارات وإدارة الأعمال بحكمة وتفكير وقدرة عالية على الثقة بحدسها.

إن الأمومة تمنح المرأة نظرة جديدة للحياة لترى الأشياء بشكل مختلف، وتقدر الأشياء أكثر، وتهتم بمستقبل العالم أكثر بكثير مما كانت عليه في السابق من أجل أطفالها، وسترغب في ذلك من كل قلبها للتأكد من تركهم في مكان آمن، وستتفوق احتياجاتهم على احتياجاتها، مما يخلق تحولاً كبيراً في وجهات نظرها وكيفية تجربتها للأشياء، وستشعر بعمق أكبر في تفكيرها. ومع أنها تفقد القليل من نفسها، وسيصبح للأشياء الصغيرة قيمة وتقديراً أكبر في حياتها، مثل حصولها على ساعة حرية أو إمكانية قضاء وقت تستعيد فيه نشاطها وتمارس هواية تحبها.

 

مقالات ذات صلة