تحت عنوان «دور الأسرة في تحقيق الأمن الإلكتروني»، قدمت إدارة التنمية الأسرية بالشارقة وفروعها جلسة حوارية أدارها الإعلامي عبدالله أحمد، مستعرضاً محاور رئيسية بينها، «دور الأسرة في الحفاظ على الأبناء»، كونها صمام الأمان الذي يحيل دون انحراف الأبناء وانجرافهم وراء عالم التكنولوجيا المخيف، و«كيفية تحقيق الأمن الإلكتروني من واقع المسؤولية المشتركة»، و«كيفية توجيه الأبناء نحو الاستخدام الأمثل لشبكة الإنترنت»، موجهاً في النهاية رسالة توعوية للمراهقين للتعامل مع المواقع الإلكترونية.
ذئاب بشرية تصطاد الشباب
بدأ عبدالله أحمد حديثه بتساؤل عن دور الأسرة في حماية أبنائها والكيفية التي يستطيع الوالدان من خلالها تحقيق ذلك، ليستعرض المستشار الدكتور إبراهيم الدبل، الرئيس التنفيذي لبرنامج خليفة للتمكين «أقدر»، ورقة عمل عن واقع الحياة الرقمية ومدى تعلقنا بها وعدم قدرتنا على الاستغناء عنها، كما تحدث عن التحديات التي تواجه شبابنا في ضوء الحياة الرقمية، وأشار «لدينا ذئاب بشرية تصطاد زبائنها من الشباب بطريقة مفزعة، ففي الماضي كان الإنترنت في أجهزة الكمبيوتر فقط، أما الآن وبعد أن صار في هواتفنا بات الوصول إلينا أسهل، فعن طريق رسالة أو مقطع صوتي عبر أي وسيلة اتصال تمرر الأفكار السوداوية والمصالح المادية سواء بالترويج للمخدرات أو الابتزاز، كما بات الاطلاع على الصور والمعلومات الشخصية أو سرقة البيانات الخاصة بالحسابات البنكية، أو الدعوة لأفكار مناهضة للقيم والقانون أمراً يسيراً».
ويتابع د. إبراهيم الدبل «فوفق هذا كله علينا الاختيار بين أمرين، إما أن نمنع عن أبنائنا الاتصال بالإنترنت وبالتالي توقف كثير من مظاهر الحياة اليومية كالتعليم المرتبط بشكل أساسي بالتكنولوجيا، وعدم مواكبة الحياة العصرية، أو التعامل مع هذه التقنية بحذر والانتباه لسلبياتها.
فعلى سبيل المثال، لاحظنا الخطورة الآتية من استخدام الذكاء الاصطناعي، والذي يتيح تغيير الصوت وتركيب الصورة على غيرها بشكل مقلق ومثير للاهتمام، يدق معه ناقوس خطر، فنحن لسنا ضد الحداثة ولكن علينا الانتباه لمخاطرها والتي تستلزم أن تكون هناك مخرجات تعليمية بشهادات علمية في الذكاء الاصطناعي تعمل على توعية المجتمع من مخاطرها وسوء استخدامها، فالبيوت أصبحت مطارات عالمية بعد أن بات الهاتف المحمول في أيدينا جميعاً صغاراً وكباراً».
ويكمل د. إبراهيم الدبل «هناك واجبات للأسرة يجب الانتباه إليها في ظل العصر الرقمي ومنها تفعيل دورها وعدم غيابها، والذي قد يحدث إما بسبب وفاة أحد الوالدين أو الطلاق أو الغياب المؤقت بسبب طبيعة العمل والتي قد تتطلب عدم تواجد أحد الوالدين أو كليهما في البيت بصفة دائمة، كل ذلك يفتح المجال لأن يفرض العالم الخارجي نفسه على الأبناء، فنجد الفضاء المفتوح الذي يستقطبهم بصورة كبيرة.
فهناك بعض الدراسات التي تشير إلى ارتباط تعاطي المخدرات بغياب أحد الوالدين، وأخرى تشير إلى تأثير هذا الغياب في الصحة العامة للأبناء، والشاهد هنا أن تفعيل دور الوالدين هو حجر الأساس الذي يبني ويعمر، فمن الخطأ استخدام كلمة ممنوع بغرض حماية أبنائنا من خطر التكنولوجيا كون ذلك يفتح المجال لأن يحتال الابن ويكذب وصولاً لهدفه، والأصح هو التوازن بين الدعم والسيطرة وإيجاد جسور تواصل مشتركة كأن يسمح له بعمل حساب على مواقع التواصل المختلفة ويتابعه الأب والأم، ليتعرفا إلى كيفية تفكيره وطريقة عرضه للمشكلات، وغيرها من الأمور التي لا يكون الآباء في معزل عنها.
فأنا لدي حساب مشترك مع أبنائي نتبادل فيه التميز الوظيفي على سبيل المثال ويقوم كل واحد باستعراض إنجازاته فيه، والحقيقة أن ذلك أوجد بيننا نوعاً من التنافس الشريف وحقق الأمان الإلكتروني الذي نريده، فصلاح الأبناء أساسه أسرة صالحة».
يجب تثقيف الأهل بوجود مراقبة ذاتية وقيود أسرية في معظم البرامج والتطبيقات
وجه الإعلامي عبدالله أحمد كلمته إلى حمد سيف اليماحي، الطالب في كليات التقنيات العليا تخصص أمن إلكتروني، مطالباً إياه بتوضيح أهداف برامج التواصل الاجتماعي ليجيب اليماحي، قائلاً «لا يوجد لبرامج التواصل الاجتماعي أهداف واضحة وصريحة والمستخدم هو من يحدد غرضه منها، فهناك من يستخدمها لنشر العلم والمعرفة أو نشر أفكار سيئة كالمعلومات المغلوطة والشائعات، وهناك من يستخدمها لنشر تفاصيل حياته الخاصة وغيرها، وبكل تأكيد الكل مستهدف طالما وافق بأن يكون جزءاً من هذا العالم الموازي، حتى الصغار ينطبق عليهم ذلك كونهم مستخدمين، فقنوات الـ «يوتيوب» ومواقع الألعاب الإلكترونية كلها وسائل بها أفكار يتم زرعها في عقول تلك الفئة، وهنا يأتي دور الأسرة وأهمية تثقيفها بوجود مراقبة ذاتية وقيود أسرية موجودة في معظم التطبيقات والبرامج، والتي تتيح لها تحديد وتقييد ما يراه أبناؤها، وكذلك تحديد الأشخاص الذين يلعبون مع أبنائهم في الألعاب الإلكترونية وتجنب الغرباء منهم أو بتوجيههم لتوافر تطبيقات خاصة بالأطفال مثل الـ «يوتيوب كيدز» والتي عليهم توجيه أبنائهم لها.. وهكذا».
ويتابع حمد اليماحي «ليس الأطفال والمراهقون هم فقط المستهدفون فهناك عالم الكبار والذي يقع البعض منهم فريسة المتربصين خلف هذا العالم الرقمي، إذ نقوم بنشر معلوماتنا الشخصية بطريقة غير واعية على حساباتنا الشخصية، فنذكر الاسم كامل والجنسية والعمر ومكان الدراسة أو العمل وحتى نوع السيارة ناهيك عن تصوير تفاصيل المنزل وعدد أفراده وغيرها من المعلومات التي يقدمها المستخدم للمخترقين على طبق من فضة، فأول ما يفعله «الهاكر» هو جمع المعلومات حول الضحية وعلى هذا الأساس يحدد المدخل الذي بموجبه يوقع فريسته سواء بالاختراق العقلي كأن يتصل به هاتفياً ويخبره بمعلومات دقيقة عنه ويقول له إن لديك مشكلة مع جهة بعينها ويطلب منه ذكر رقم هويته أو رقم بطاقته البنكية».
ويكمل اليماحي «عليك أن تساءل: من أين أتى هذا الشخص بتلك المعلومات؟ أتى بها من حسابات ضحيته على الـ «سوشيال ميديا»، أو بالاختراق الإلكتروني من خلال رسالة نصية تدخل بها على «لينك» معين يطلب معلومات لفتحه فيتم اختراقك بصورة مخيفة.
وهنا يجب الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أهمية تقليل المعلومات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم الاستجابة لأي أرقام هاتفية تطلب إعطاء تفاصيل شخصية أو معلومات بنكية، بالإضافة إلى تجنب الدخول إلى «روابط» غير معروفة كونها وهمية وبها «فيروسات» المقصود منها إيقاع ضحاياها في فخ النصب أو الابتزاز، كما يجب أن تكون كلمة السر للحسابات الشخصية المتعلقة بالـ «سوشيال ميديا» صعبة وغير مكررة، وعدم استخدامها نهائياً في الحسابات البنكية، حتى يصعب على «الهاكر» الوصول إليها».
وختاماً وجه الإعلامي عبدالله أحمد رسالة توعوية للمراهقين لكيفية التعامل مع المواقع الإلكترونية وحماية الخصوصية، والتي تضمن سلامتهم وعدم الوقوع في فخ الاستغلال والابتزاز الإلكتروني.