يطلّ عيد الفطر المبارك بكلّ فرحه، وتطلّ معه بهجة ثياب العيد بألوانها الزاهية كجزء من الاحتفالية. وفي حين يعمد بعض الأهالي بأنفسهم إلى اختيار ثياب العيد، يترك آخرون الحرية لأطفالهم في اختيار ثياب العيد، وغيرها.
ويثمر ترك الحرية لأطفالنا في اختيار الملابس الثقة بأنفسهم، وشعورهم بالاستقلالية، وتدعيم قدرتهم على اتخاذ قرارات، وتطوير رؤاهم الجمالية، إذا صحّ التعبير، كما يسعد الأطفال بقدرتهم على التعبير عن شخصياتهم، وتفرّدهم في اختيار الألوان والتصاميم التي يحبونها.
«كل الأسرة» التقت عدداً من الأمهات اللواتي تحدثن عن تجربة اختيار ثياب العيد، ومدى ترك الخيار للأبناء، وكيفية الالتزام بميزانية محدّدة، أو بميزانية مفتوحة:
د.رسل النعيمي مع عائلتها
ترك الحرية للأبناء في اختيار ثياب العيد يعزّز خياراتهم المستقبلية
تؤمن الدكتورة رسل النعيمي بترك حرية اختيار الملابس لأبنائها لاعتبارات عدّة، أبرزها الانعكاسات الإيجابية لهذا التوجه على ثقتهم بأنفسهم، وعلى بناء شخصيّاتهم. د.النعيمي، وهي أم لأربعة أبناء وبنات، وهم ريم (17 سنة)، راشد(16 سنة)، عبد الله(١٤ سنة) ودانة (8 سنوات)، توضح «أترك لأبنائي، من أكبرهم لأصغرهم، حرية اختيار الملابس، سواء ملابس العيد، أو غيرها، وهذا القرار توصلت إليه بهدوء أعصاب بعد أن أدركت إيجابيّاته، لكونه يشعرهم بثقة كبيرة بأنفسهم لارتداء ثياب من اختيارهم، وهذا مبعث راحة لي، ورضى لهم».
د.رسل النعيمي مع ابنتها دانة
بيد أنّ هذه الحرية دونها بعض «التدخل الإيجابي»، تشرح د. النعيمي «أحياناً يحتاجون إلى توجيه بإعطائهم ميزانية معيّنة، ما يسهّل عليهم الاختيار من جهة، ويساعدهم على استخدام المال بطريقة مناسبة ومدروسة من جهة ثانية، وفي حال لم تعجبني خياراتهم، أعطِهم ملاحظاتي بهدوء وبحيادية، من دون الضغط عليهم. ففي النهاية، إذا شعروا بالراحة والثقة بما يرتدون، سيسعدهم هذا الشيء، ويزيدون أناقة وجمالاً».
د.رسل النعيمي مع ابنتها ريم
مبدأ حرية اختيار الملابس يسري على البنات والأولاد، تؤكد «أتعامل مع أبنائي بسواسية من دون تفرقة بين ولد أو بنت. فالعدل في التعامل هو أساس تربيتي لهم».
وفي رأي استشاري كمدربة تطوير ذاتي، ترى د. النعيمي أنّه من المهم أن نعطي أطفالنا حرية اختيار ملابسهم، وبالأخص في الأعياد التي هي عنوان الفرح، أو حرية اختيار الطريقة التي يرغبون في الظهور بها، مع توجيههم وتزويدهم بنصائح معينة، بما يتناسب مع المكان والزمان اللذين يتواجدون فيهما، لأن إجبارهم على لبس معين، أو مظهر قد يكسر ثقتهم بأنفسهم، ويضعف شخصيتهم.
توجز «كأمهات وآباء، نرشد أبناءنا لاختيارات مناسبة بحريّة ليكونوا قادرين على توجيه هذه الخيارات بالطريقة الصحيحة في المستقبل، بما يؤثر في طريقة أدائهم ودراستهم، وفي عملهم واندماجهم في المجتمع».
فاطمة الحمادي مع أسرتها
أترك حرية الاختيار لأبنائي مع مراعاة عاداتنا وتقاليدنا الإماراتية
فاطمة محمد الحمادي، أمّ لستة أطفال أكبرهم سارة( 18 عاماً)، عمار(15 عاماً)، مريم (13 عاماً)، شما(11 عاماً)عبد الله(10 سنوات) ومزنة (7 سنوات)، يشكلون أفراد عائلة يوسف المرزوقي، تشير «قد أتدخل في اختيارات الأبناء الصغار لجهة المقاس والألوان، وغيرها، ولكن أبنائي الكبار هم من يختارون بأنفسهم مع تبادل الآراء والاقتراحات، ويأخذون في الاعتبار مدى انسجام اختياراتهم مع البيئة المجتمعية، وضوابط تراعي العادات والتقاليد».
مزنة يوسف المرزوقي
ترافق الأمّ فاطمة الحمادي بناتها لشراء ثياب العيد، فيما يصطحب الأب يوسف المرزوقي الأبناء الذكور «لا نحصر خيارات الأبناء ضمن ميزانية محددة، بحيث لا تكون مفتوحة بشكل مبالغ فيه، ولكننا نترك لهم اختيار الثياب التي يرغبون فيها».
مريم المرزوقي
مبدأ التدخل من الأهل مرهون بالاختيار غير الصائب للثياب من قبل الأبناء، بحيث «قد يشترون، أو قد أشتري لهم ملابس يستخدمونها لمرة واحدة، وتبقى معلقة في الخزانة لسنوات من دون الاستفادة منها، ما ينتج نقاشاً حقيقياً ومرناً حول أهمية اختيار ألبسة مناسبة لكل الأوقات، وتستخدم لمرات عدّة، مع احترام الحرية الشخصية لكل منهم في الاختيار، من دون الضغط عليهم، والهدف ينصب على اختيار مدروس، وواعٍ، ومتوازن، وبما يتكامل مع عاداتنا، وتقاليدنا، وثقافتنا، وقدرتنا الشرائية».
شما المرزوقي
تشرح الحمادي «في حال لم يعجبني اختيارهم من الثياب، أبيّن لهم موقفي ورأيي بصراحة، عن أهمية أن نرتدي ما يعجبنا، ولكن مع مراعاة آراء المحيطين، فأنا على معرفة بتباين وجهات النظر بين الأجيال، وعلى كل أم وأب مراعاة الأذواق المختلفة بين الأجيال، وحتى بين الأبناء أنفسهم داخل العائلة الواحدة، ولا يجوز فرض رأيي عليهم، بل احترام اختياراتهم وحريتهم، شرط أن تراعي الاحتشام».
معايير اختيار الأبناء ثياب العيد.. بين البيئة والحرية
تترك الإعلامية في قناة سما دبي، فاطمة عابدين، لابنتيها منيرة وميرا، حرية الاختيار، مع ضوابط مجتمعية، ودينية بحيث لا تكون اختياراتهما مستهجنة، أو خارجة عن المألوف تقول «تتفاوت اختياراتهما بين الفساتين، الجلابيات، وغيرها من أنواع الملابس، ولكن مع مراعاة مبدأ الاحتشام، بحيث تزاوج ملابس ابنتّي بين تقاليد وعادات البيئة، وبين رغبتهما في شراء ما يعبّر عن شخصيتهما».
وحتى أنها تأخذ برأي طفلها محمد، الذي لا يتجاوز العامين، قبل اختيار ملابس العيد «لأني أنظر إليه كمخلوق من مخلوقات الله الإعجازية»، كما تقول.
فاطمة عابدين
الرؤية واضحة لدى فاطمة عابدين، بحيث ثمة معايير تحكم حرية اختيار الملابس من قبل ابنتيها، منها ما يرتبط بعدم الخروج عن السياق المجتمعي، وآخر يتعلق بإفساح الخيار أمام طفلتيها للاختيار، وبناء شخصيتهما «مع إبداء رأيي في حال عمدتا إلى اختيار ألوان مكرّرة وأهمية اختبار ألوان جديدة تليق بلون بشرتهما، وبمظهرهما الخارجي».
وفي ما يتعلّق بالميزانية، تشرح عابدين «لا أشرع الميزانية على مصراعيها لأن الأطفال، وبالأخص في هذا العمر لا يدركون القيمة الحقيقية للمال، ولهذا تكون الميزانية بيدي ونتناقش بإمكانية تجاوز المبلغ، أو تأجيل شراء بعض القطع لمناسبات أخرى».
منيرة وميرا
نجحت عابدين في تحقيق التوازن مع ابنتيها، حيث إن اختيارهما محكوم بالوثوق برأي والدتهما «هما تثقان بما أبديه من ملاحظات لهما، ولكني على يقين بأن حرية اختيارهما الملبس تصقل معارفهما، وتزودهما بالثقة بالنفس. فأنا أؤمن بأن انعكاس هذه الراحة في الاختيار تنعكس نفسياً، حيث إن ارتداء قطعة تحبها طفلتي قد تجعلها «تلمع وتضيء»، في وقت إجبارها على ارتداء ثياب معينة قد تجعلها تبدو «باهتة».
إيمان كردي مع ابنتيها بيسان وسيرين
اختيار ابنتيّ لملابسهما يتسم بلمسة فنية وإطلالة أنيقة
يأتي العيد وإيمان عمر كردي محملّة بالفرح الكبير، لكونها تعايش مساراً آخر من الصداقة مع ابنتيها، بيسان وسيرين عثمان، اللتين بدأتا تتلمسان طريقهما نحو اختيار حر لملابسهما، مع مراعاة الضوابط القائمة.
تقول «بدأت أترك لهما حرية اختيار ملابسهما في العيد، وغيره من المناسبات بعد أن تلمّست لدى «آخر العنقود» سيرين (14 عاماً) حساً فنياً، ومجاراة لمستجدات الموضة».
سيرين عثمان
وإن كان العيد هو دعوة للابتهاج والتألق بأجمل الملابس ذات الألوان المشرقة، كما تبيّن، فقد كانت تتولى مهمة اختيار ملابس ابنتيها ومع الوقت، تيقنت أن اختياراتهما «تضيف ألقاً خاصاً للثياب المختارة، وتميزهما بشخصية مختلفة عن محيطهما، كما تزودهما بالكثير من الفرح الخاص، لكون تلك الملابس تعكس جزءاً من شخصيتهما».
بدأت تتسلّل إلى منطقتهما، وتراعي حرية اختيارهما إثر مشاورات عائلية بين الأطراف الثلاثة «كنت أشعر بأنني المسؤولة الوحيدة عن إظهار جمالهما بطبيعة الملابس التي أختارها، ومع السنوات، لاحظت أن لاختيارهما طابعاً مميزاً، وخاصاً، وهذا الفعل نفسه يزودهما بالفرحة، وفي الوقت الحالي اختلف الموضوع كلياً، فقد أوكلت المهمة إلى سيرين آخر العنقود في المنزل».
فسيرين (14 عاماً) تتدرّب كمخرجة في منصة فن لاستكشاف المواهب، وهذا البعد أطلّ بها على النجاح في اختيار ألوان وتصاميم مميزة لها، ولشقيقتها بيسان (16 عاماً)، حيث تتشاركان، في معظم الأوقات، التصميم نفسه.
تقول الأم «لدى سيرين رؤية فنية تتناسب مع الموضة وألوان كل فصل. هي من تختار ملابسي، وملابس أختها بيسان، وهذه الرؤية بناء على موهبة إخراجية تطمح إلى أن تواكبها في المستقبل، حتى أنّها تقوم بدراسة أسعار السوق، والمواقع الإلكترونية، وتشابه المنتجات، لتدلّنا على أفضل أنواع الأقمشة، وبالفعل مع تجمع العائلة في العيد، تكثر الأسئلة عن جمال الملابس، وأسلوب تنسيقها، وسر الإطلالة الساحرة».
بيسان وسيرين عثمان
كأم، تفضل كردي أن «تكون ميزانية ملابس العيد لكل طفلة مختلفة عن الأخرى، حسب ادّخار كل واحدة منهما، وفي حال فاق الاختيار مبلغ الادخار، أساعدهما على البحث عن خيارات تناسب ميزانيتهما».
وتخلص إلى أن «الاستقلال المالي للطفل يؤثر إيجاباً في بناء شخصيته، وتحفيزه على الابتكار في إيجاد حلول اقتصادية، كما أن الاختيار المتوازن لملابس العيد يوجّه أطفالنا نحو التفكير المستقل والمسؤول، في مختلف جوانب الحياة، ما يعزز التوازن بين الحرية والتوجيه في تحقيق فرحة حقيقية ومستدامة في الأعياد تتماهى مع القيم الأسريّة والميزانيّة المالية».