الأمير محمد علي توفيق هو ابن الخديوي توفيق وحفيد الخديوي إسماعيل، وكان يحلم بحُكم مصر حيث أنه قد تولى منصب "ولي العهد" ثلاث مرات في حياته. لهذا أمر ببناء قصرٍ فخم في جزيرة منيل الروضة سنة 1901، على الطراز الإسلامي الذي كان الأمير مولعاً به بخلاف جده الخديوي إسماعيل الذي كان عاشقاً للطراز الفرنسي. وبسبب تمني الأمير محمد علي الحكم بشدة، تضمن القصر قاعة كبيرة للعرش، إلا أن أمنيته بالجلوس على العرش لم تتحقق يوماً.
يُعتبر قصر الأمير محمد علي أو "قصر المنيل" أو كما يُطلق عليه "متحف قصر محمد علي بالمنيل"، تحفةً معماريةً بكل المقاييس. وهو أحد القصور التي تم بناؤها في العصر الملكى فى مصر على الطراز المعمارى الإسلامي، إلا أنه يشتمل على عدة أنماط إسلامية متنوعة منها الطراز الفاطمي والمملوكي والعثماني والأندلسي. ويحتل القصر مساحة ضخمة تبلغ 61,711 متر مربع، ومنها نحو 5,000 متر مُربع مخصصة للمباني.
ويضم القصر ثلاث سرايات، وهي:
- سراي الاستقبال التي كانت مُخصصة لاستقبال الضيوف الرسميين، وتضم تحفاً نادرة وسجاداً تركياً وأثاثاً وطاولات عربية مزخرفة، وتتكون السراي من طابقين.
- سراي الإقامة، وهي السراي الرئيسية والأولى التي تم بناؤها، وكانت مقراً لإقامة الأمير. وتتكون من طابقين يصل بينهما سُلم خشبي مزخرف يعد تحفةً فنية في حد ذاته، ويحتوي الطابق الأول على بهو فخم به نافورة رائعة الجمال، وجناح للحريم وحجرة المرايات والصالون الأزرق، إضافةً لصالون الصدف وغرفة الطعام وغرفة المدفئة، ومكتب الأمير ومكتبته التي تضم مئات الكتب والوثائق.
- سراي العرش وتتكون من طابقين، ويُطلق على الطابق السُفلي "قاعة العرش" وهو قاعة كبيرة تضم أثاثاً خشبياً مذهباً ومكسواً بالقطيفة، وبها لُوحاً زيتية ضخمة لحكام مصر من أسرة محمد علي. وكان الأمير يحتفل مع ضيوفه بالمناسبات الهامة مثل الأعياد في هذه القاعة. أما الدور العلوي فيضم قاعتين شتويتين، وغرفة خصصها الأمير لمقتنيات جده "إلهامي باشا"ويُطلق عليها "حجرة الأوبيسون" وذلك لأن جميع جُدرانها مغطاة بأفخم أنواع الأوبيسون الفرنسي.
ويضم القصر أيضاً مسجداً ومتحفاً خاصاً، ومتحف صيد وبرج الساعة. ويحيط بالقصر وحدائقه الشاسعة التي تبلغ مساحتها حوالي 34 ألف متر مربع، وتضم أشكالاً وألواناً من النباتات والأشجار النادرة التي جمعها الأمير بنفسه من جميع أنحاء العالم، يحيط بها سور حجري عتيق يشبه أسوار القلاع في القرون الوسطى. ويُستخدم القصر الآن كمتحف كما أوصى الأمير محمد علي قبل وفاته.
ومن الجدير بالذكر أن الأمير محمد علي كان أحد الأوصياء الثلاثة على العرش في الفترة التي تلت وفاة الملك فؤاد الأول وحتى تنصيب الملك فاروق على عرش مصر. وقد اختار الأمير أرض القصر بنفسه ووضع التصميمات الهندسية الخاصة بالقصر واختار زخارفه الإسلامية، وأشرف على بناء سراي الإقامة ثم أكمل بعدها باقي السرايا. وقد استغرق بناء القصر كاملاً بالسرايا الثلاث وملحقاتها نحو 40 عاماً، إلا أن القدر لم يمنح الأمير محمد علي فرصة الجلوس على عرش مصر.
اقرأ أيضًا: أسرار وخفايا قصر البارون