العنوان أعلاه هو اسم عمل تركيبي أنجزته طالبة في مدينة روتردام، وطلبت من الزوار الاستلقاء على مرتبة سوداء عريضة، وأن يضعوا سماعات للاستماع إلى أصوات الطبيعة، ولا يحركون ساكناً.
ليس بعيداً عن موضع هذا العمل علّقت الفتاة «يافطة» على الجدار تقول «أشعر أنني لم أفعل شيئاً اليوم»، في نوع من الإيحاء، لا بل والتحريض لا على النشاط، وإنما بالعكس على الاسترخاء والكسل، في نوع من الرد على الميول السائدة بضرورة العمل الدؤوب بدون توقف، بإعطاء النفس أوقات للراحة والتسلية، وتحرير الذهن من التفكير المرهق في شؤون وشجون الحياة، فضلاً عن إراحة الجسد نفسه.
لا تبدو الفتاة صاحبة العمل التركيبي ضد الدعوة إلى المزيد من الإنتاج واستغلال الوقت في ما يوصف بـ«الأمور النافعة»، ولكنها لا ترى في ذلك حجة لرفض التوازن بين العمل والراحة، بين بذل الجهد والاسترخاء، فليس الأمران نقيضين، إن أحسنا تحقيق هذا التوازن، على طريقة: هناك أوقات للعمل، وأخرى للراحة.
ينسب موقع «بي. بي. سي» الذي أورد الخبر عن هذا العمل التركيبي، إلى مقدمة برامج إذاعية تدعى كلوديا هاموند، سبق لها أن ألفت كتاباً بعنوان «فن الاسترخاء»، قولها «إن الانشغال الدائم أصبح مدعاة للفخر، وكأننا من المتوقع أن نكون دائماً غارقين في المشاغل. ومع الأسف تشير الأدلة إلى أن الناس يعتقدون أن الانشغال أفضل من الفراغ».
نكاد نفهم من هذا القول إن الناس يشعرون بالندم إذا ما أعطوا أوقاتاً للراحة والاسترخاء، وحتى الكسل، وكأن لسان حالهم يقول: ما هذا العبث الذي نحن فيه؟ أما كان الأجدر بنا أن نحاول إنجاز المهام والأعمال المعلقة عوض أن نستسلم للكسل؟
وهذا يحمل على الاستنتاج بضرورة أن نحرر أنفسنا من هذا الشعور بالذنب، والميل إلى جلد الذات ومعاقبتها لا لشيء، سوى أننا منحناها شيئاً من الراحة، دون أن يعني هذا، في أي حال، استبدال أحد الأمرين بالآخر، فبمقدار ما نحن مطالبون بأن نكافئ أنفسنا، بمنحها ما تحتاجه من استرخاء، فإننا مطالبون أيضاً بأن نجعل من هذا الاسترخاء «مكافأة» لها لما بذلناه من جهود، وما أنفقناه من وقت في العمل، خاصة في هذا العصر الذي تزداد فيه الضغوط النفسية على الناس، أمام صعوبات الحياة.
حتى أن دراسة أمريكية، يشير إليها الموقع المذكور، تشير إلى أن الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 عاماً و65 عاماً، أكثر عرضة اليوم للضغوط النفسية مقارنة بنظرائهم من نفس الشريحة العمرية في التسعينيات من القرن الماضي.