قبل سنوات غامرت إحدى الصحف الأمريكية بنشر مقالة مفادها أن أدمغة النساء جعلتهن على جانب من الحذر من كتابة رأي قوي، وعللت ذلك بالقول «بما أن النساء متناغمات مع الجزء الأيمن من الدماغ وهو الجزء الأكثر حذراً والأكثر إبداعاً، فهن أكثر تردداً عند عمل أي شيء ما لم يكنَّ متأكدات من أدائه بشكل صحيح».
هذا السجال يفسر الطرق التي يتم بها استعمال التعميمات عن أدمغة النساء لتحاشي موضوع التمييز برمته، الانتقال بالموضوع لبنية الدماغ أو للهرمونات يعني عادة تحويل التركيز والانتباه بعيداً عن الأسباب الحقيقية وهي أن النساء مغيبات عن المستويات العالية في العديد من الحقول، وأنهن ضحية التشريعات غير المنصفة، والنظرة المحافظة التي يتعامل أصحابها مع النساء بدونية.
تذهب الدراسة بعد ذلك لطرح سؤال عما إذا كان هناك من إثبات على أن أدمغة النساء وأدمغة الرجال تمت هندستها للقيام بوظائف مختلفة، لتخلص إلى أن الجواب باختصار هو «لا»، دون أن تنفي أن هناك اختلافاً في بنية دماغ المرأة ودماغ الرجل، لكن لا أحد يعلم ما يعنيه ذلك.
الرجال والنساء الذين يبدو أنهم يستعملون أجزاء مختلفة من أدمغتهم لحل المشاكل يتوصلون إلى حلول صحيحة في الفترة الزمنية نفسها تقريباً.
لكن البعض يدعي أن النساء لسن بمؤهلات للإنجاز، سواء بسبب صفات خلقية طبيعية أو سيكولوجية، وصممت أساطير تدعي وجوب حصر عمل النساء بالوظائف التي توائم قدراتهن الخاصة، فدماغ المرأة، حسب هذا الزعم، ليس مصمماً لمراكز قيادية، وأن النساء (يخترن بابتهاج) الوظائف متدنية المردود المالي، فالنساء الأذكى يرفضن تلك الوظائف الجديدة من أجل دفء الحياة البيتية التقليدية.
ليس بالوسع تجاهل الاعتقاد الشائع بأن جميع الأدوار القيادية في المجتمع تتطلب دماغاً ذكورياً، في حين أن دماغ الأنثى يتلاءم مع ميدان الشؤون المنزلية، والمقتنعون بهذا الوهم يرون أن كل النسوة المحاميات، والصحفيات والمحاسبات، وموظفات بنوك الاستثمار هن في الأمكنة الخطأ.
ويتمادى هؤلاء في الزعم أن أي امرأة لا تستطيع، وهي مشغولة بالكامل بتقديم الرعاية لكل شخص، أن تقود الآخرين، فهي بالكاد تملك من الوقت والطاقة ما يكفي لارتداء ملابسها في الصباح، كما أنها، أكثر من الرجل، عرضة للاكتئاب ولنفاد الصبر، وينبني على هذا التشكيك في صدقية أي فرد يدعم تشريعات تساند حق النساء في الحصول على وظائف جيدة في حين أن أدمغتهن تؤهلهن فقط لرعاية الأطفال وغيرهم، وتجعل منهن غير قادرات على القيادة.
في الخلاصة يبدو أن الأمر ينطلق من نزعات تمييزية وإقصائية ضد المرأة تنطلق من خلفيات اجتماعية ونفسية يختلق أصحابها لأنفسهم الذرائع.