23 فبراير 2022

د. حسن مدن يكتب: قلل خياراتك

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"

كاتب بحريني، يكتب زاوية يومية في جريدة "الخليج" الإماراتية بعنوان "شيْ ما"، صدرت له مجموعة من الكتب بينها: "ترميم الذاكرة"، "الكتابة بحبر أسود"، "للأشياء أوانها"، "يوميات التلصص".

د. حسن مدن يكتب: قلل خياراتك

«قلل خياراتك» - نصيحة من أصل تسع نصائح طالعتها على موقع مختص، أراد واضعها أن يساعدنا على جعل حياتنا أكثر سعادة وسهولة، ووجدتُ في هذه النصيحة ما يستحق الوقوف عنده، فالغاية منها كما يرى من أزجاها هي تقليل الخيارات الشاسعة التي نضعها يومياً، لأن بعض الأمور التي نراها مهمة ليست هي كذلك بالضرورة، لو تأملنا فيها بشيء من التريث والتمحيص، ولكننا نهبها من أوقاتنا الكثير، لنعرف، متأخرين، أننا أضعنا هذا الوقت من غير طائل ولا منفعة.

لذلك يتعين علينا أن نفحص بتمعن قائمة المهام التي وضعناها لأنفسنا، ونزيل منها ما يمكن إزالته، لأنه غير ضروري، وأن نتعلم، كما يرشدنا واضع النصيحة، التفكر في دمج عدد من الأشياء، في بنود أقل، لأن القوائم الطويلة من المهام مجهدة، خاصة وأن طاقة الإنسان، مهما زادت وكبرت، تبقى محدودة.

نصيحة مثل هذه يمكن أن تثير في أذهاننا أسئلة عديدة، في مقدمتها السؤال التالي:

ألا يعني تقليل خياراتنا، أو عدد وحجم المهام التي نريد إنجازها، إلى قتل طموحاتنا؟

أليس الإنسان الطموح هو ذاك الذي يرسم لنفسه مجموعة من الأهداف ويعمل على تحقيقها واحداً بعد الآخر؟

وقد يقول قائل إذا ما حصرنا أنفسنا في عدد مقنن من المهام، فإن ذلك سيؤدي إلى أن تجربتنا في الحياة تصبح محدودة ومتواضعة وخالية من الثراء والنضج اللذين بمكن أن يبلغهما الطموحون من الناس، الميالون للمغامرة والسعي لقهر الصعاب، فتتراكم لديهم الخبرات والمهارات.

تساؤلات وجيهة ولا شك، تحملنا على التفريق بين مهامنا اليومية، أي تلك التي نضع لها برنامج إنجاز كل يوم، وبين أهدافنا وخططنا البعيدة، فعدد ساعات اليوم الواحد تبقى محدودة، وبالتالي فإننا لا نستطيع أن ننجز فيها كل ما نرغب في إنجازه، دون أن يعني ذلك التخلي عن خططنا وأهدافنا المستقبلية التي رسمناها لأنفسنا، بل إن السعي لإنجاز مهام كثيرة في اليوم الواحد تفوق طاقتنا، كثيراً ما يكون على حساب جودة المنجز، فالعمل على عدة مهام في الوقت نفسه يشتت الجهود، ويصبح المنتج ليس بالمستوى المتوقع، فيما يؤدي الانصراف نحو إنجاز مهمة بعينها، والتركيز عليها، إلى الإتقان في ذلك الإنجاز، ما يهيئ لنا انتقالاً سلساً نحو إنجاز مهمة تالية، وهكذا دواليك، بالشكل الذي يصب في تحقيق مجمل غاياتنا المنشودة، لنجعل حياتنا أكثر سعادة وثراء وعطاء.

تقليل خيارات العمل في اليوم الواحد أو الأسبوع الواحد، لا يعني وأد الأحلام الكبيرة، أو إشاعة حال من الإحباط واليأس في نفوسنا، وإنما بالعكس هو سبيل فعال لبلوغ تلك الأحلام.

 

مقالات ذات صلة