26 فبراير 2022

د. هدى محيو تكتب: الحكمة بلغة حديثة

أستاذة وباحثة جامعية

أستاذة وباحثة جامعية

د. هدى محيو تكتب: الحكمة بلغة حديثة

منذ أيام القدماء، عُرِفت الحكمة على أنها مفهوم فلسفي وديني يُعبَّر عنه بالاعتدال والحذر في السلوك كما في الأفعال والأفكار، لكن مفهوم الحكمة الحديث قد تغيّر وصار يُعبَّر عنه بمعايير متنوعة.

فمنذ سبعينات القرن الماضي انكبت الأبحاث في علم النفس حول الموضوع وتطورت حتى وصلت إلى حدِّها الأقصى في السنوات العشر الأخيرة لتضع سلَّماً للحكمة يستخدمه العلماء والأطباء وعلماء النفس.

يعتمد هذا السُلَّم الصادر عن جامعة كاليفورنيا في سان دييغو على معايير تعرِّف الحكمة الحديثة على أنها سمة في شخصية الفرد مؤلفة من سبع ميزات وهي:

  • المقدرة على اتخاذ قرارات في الوقت المناسب
  • المقدرة على ضبط المشاعر السلبية التي تتعارض واتخاذ القرارات
  • الرغبة في فهم الذات وفهم دوافع الأفعال والقدرة عليها
  • اعتماد سلوكيات اجتماعية إيجابية كالتعاطف والتآزر والغيرية وحس المصلحة العامة
  • القدرة على فهم واحترام وجهات النظر المخالفة وأنظمة القيَم التي تختلف عن نظام القيَم الذي يتبعه المرء
  • القدرة على إعطاء الآخرين نصائح جيدة
  • وأخيراً التحلي بعمق روحاني يحدد كل ما هو مستقل عن الوجود المادي

وقد طوّر الباحثون اختبارين لقياس الحكمة لدى الناس، جعلوا الأول موسعاً وموجهاً للاختصاصيين في مجال الصحة النفسية وجعلوا الثاني مختصراً على سبع مقولات وموجهاً للأفراد يستطيعون بواسطته أن يقيسوا «كمية الحكمة» التي يتمتعون بها، عبر الموافقة على هذه المقولات أو رفضها.

أما المقولات فهي الآتية:

  • أحتفظ بهدوئي في حالات الشدة
  • أتجنب مراجعة نفسي
  • أحب التعرّف إلى الآراء المختلفة
  • أؤجل القرارات المهمة بقدر الإمكان
  • لا أعرف ماذا أقول للأشخاص الذين يطلبون مني النصح
  • أتجنب الأوضاع التي أعرف أن مساعدتي فيها ستكون ضرورية
  • معتقداتي الروحية توفر لي قوة داخلية

في الحقيقة لا تتعارض المعايير الحديثة للحكمة مع المعايير القديمة التي تشدد على الاعتدال والحذر لكنها تبلورها وتجسدها في مبادئ وسلوكيات يمكن ملاحظتها وربما قياسها بدل أن تكون مفاهيم مجردة وحسب.

فماذا يعني الحذر على سبيل المثال؟ التفسير الشائع هو عدم اتخاذ أي قرار يعرض للخطر أو الضرر، ولكن ماذا لو كان اتخاذ قرار خطير ضرورياً لدرء خطر أكبر، فهل يكون من الحذر عدم اتخاذ هذا القرار أو يصنّف هذا السلوك في خانة التردد والجبن؟

الحكمة هنا تفرض على المرء اتخاذ القرار المناسب. وباستطاعة كل فرد منا، التفكير والتأمل ومراجعة الذات من خلال المقولات السبع السابقة ليجيب عنها بينه وبين نفسه ويحدد «نسبة حكمته» من عدمها فيعمل بمقتضى النتيجة التي حصل عليها.

 

مقالات ذات صلة