02 أكتوبر 2022

د. باسمة يونس: ما معنى الفضول؟

كاتبة إماراتية، دكتوراه في القيادة التربوية. أصدرت (10) مجموعة قصصية، (4) روايات،(12) نص مسرحي وعدة أعمال درامية وإذاعية .حاصلة على أكثر من( 22 ) جائزة في مجالات الرواية والقصة والمسرحية

د. باسمة يونس: ما معنى الفضول؟

في كتابه (الفضول) تظهر على الغلاف عبارة «كتاب منعش ومبهج» لإثارة فضول القارئ وتشويقه للاطلاع على محتواه، فكتاب «الفضول» الذي يقدمه كاتبه «البرتو مانغويل» على شكل جرعات ممتعة يشرح لنا معنى الفضول معرفياً وثقافياً ولماذا لديه منه أكثر مما لدى غيره.

وكتب «مانغويل» حكايته مع الفضول الذي بدأ معه وهو ابن ثماني سنوات عندما قرر تغيير مسار عودته إلى بيته من المدرسة وأخذ يستكشف المكان الجديد متخذاً قراءاته لقصص «شارلوك هولمز» نموذجاً فكأنه يبحث عن أسرار لم يكشف عنها بعد ويستمتع بمغامرته المختلفة عن الأخرى التي عرفها عن طريق الكتب.

البرتو مانغويل
البرتو مانغويل

وأفرد «مانغويل» للفضول فصولاً مختلفة في كتابه ليشرح ماهيته وصفته التي جعلته معلم الإنسان الأول، فجميعنا بدأنا تعلم معنى الحياة من حولنا بكلمة (لماذا) التي جرت فضولنا للبحث في هذا العالم ومحاولتنا فهم كيف تسير الأشياء فيه، وأراد بكتابه أن يصف متعة التشويق الذي عاشه يومها والرغبة التي ظلت تدفعه لمعرفة ما سيحدث فكأنه على وشك اكتشاف الصفحات الأخيرة من رواية ممتعة انتهت بعودته إلى مساره وشعوره بما يشبه الخيبة عند رؤية منزله قائماً في مكانه.

وتبقى رغبتنا في طرح الأسئلة، هي الشغف الأول الذي يدفعنا للمعرفة وللقراءة من أجل الحصول عليها، ويوجهنا الفضول نحو مزيد من العلوم والمعارف، فالطفل الفضولي منتبه دائماً وحريص على ألا تفوته معلومة، لأنه لا يزال في طور النمو، ويحتاج لمعرفة كل شيء كي يعرف محيطه.

وفوائد الفضول لا تعد ولا تحصى، فهو ما يساعدنا على البقاء والإنجاز ورفض الجمود والتطلع إلى التغيير للأفضل عندما يدفعنا لنكتشف ونتطور إثر كل اكتشاف مع بيئتنا فنكبر ونزداد وعياً بمعنى الحياة ولماذا خلقنا فيها وإلى أين نمضي.

والإنسان الذي لديه من الفضول ما يكفي ليتكلم ويتعلم ويجعل من نفسه إنساناً لا يقلق هو السعيد، بل هو أكثر من غيره رضا عن حياته لأنه يستطيع أن يسأل وإن لم يلق إجابة سيظل يبحث عنها حتى يجدها، وهو ما يدفعه للسير في رحلة البحث عن فرص جديدة قد تنطلق منها إبداعات أو اختراعات أو انتقالات من مكان إلى آخر.

ويزيد الفضول من التعاطف الإنساني ويرفع مقاييسه، فاستشعار أوجاع الآخرين والاطلاع على خفاياهم لا يثير اهتمامنا بهم فقط، بل ويدفعنا للتواصل معهم لمعرفة المزيد عنهم من أجل مشاركتهم الحلول الناجعة والمفيدة.

متى يصبح الفضول خطراً؟

وعلى الجانب الآخر، قد يصبح الفضول أشد خطورة مما هو متوقع، بل ويلقي بصاحبه في مهاو غير متوقعة كما فعل فضول الفيلسوف المالطي «طاليس» عندما قاده أثناء استغراقه في متابعة حركة النجوم في السماء ليتعثر ويسقط في بئر.

وكما فعل فضول العالم الفيزيائي «شرودنجر» بقطته المعروفة حكايتها كأصل مثل «الفضول قتل القط» و يضرب للتحذير من الفضول الذي قد يؤذي الآخرين.

وكان «شرودنجر» قد خاطر بوضع قطته داخل صندوق ومعها عبوة متفجرة بسبب شغفه في التأكد مما قد يحدث لها ورغبته في اختبار نظريته الفضولية التي تقول إنه في حال لم يفتح الصندوق فإن هناك احتمالاً نسبته 50% أن القطة حية و50 % أنها قد ماتت بالمتفجرات أو بالغاز السام.